“مَنْ سَل سيف البغي، قتل به”
(علي بن أبي طالب)
تسونامي سيف، لا أحد يدري متى يُشهر في وجوهنا ثانية، حتى الرئيس الورع جورج بوش لا يعرف الموعد المقبل له، رغم أنه تبرع بعشرة آلاف دولار، من ثروة شخصية تقدر بعشرات الملايين من الدولارات، تسرية عن ضحايا تلك الكارثة الذين هم أقل من ضحايا حرب فيتنام بكثير.
ولكن من يدخل السرور الى قلب والدة زيدون السامرائي؟
وأي هدايا ستعيد الأمان الى أطفال هادي صالح، المواطن السويدي بالقانون، والمواطن العراقي بالقانون والتاريخ والجغرافيا والعاطفة والانتماء؟
كثير من محبي الرئيس نيلسون مانديلا، وقفوا مع حكيم إفريقيا في محنته الأخيرة، بعدما فقد ابنه الكبير، من زوجته الأولى: ايفليت ماس التي توفيت عن (82 سنة) في مايو/ ايار الماضي، بعدما منحته أربعة أولاد.
ماكغاتو مانديلا، ابن مانديلا البكر، مات نتيجة إصابته بمرض الايدز، نهاية الأسبوع الماضي، عن 50 سنة، وقبله توفي شقيقه الثاني في حادث سير سنة ،1969 عندما كان والده سجيناً في جزيرة “روبن” الشهيرة.
وبين ماكغاتو وشقيقه، ضربت الرفيقة ويني رفيق عمرها في الصميم، عندما تسترت على جريمة قتل نفذها أحد حراسها، ومانديلا لا يزال سجيناً، فما كان من المناضل الافريقي الذي يجمع بين وحدة العمل والفكر، الا تطليق ويني والاقتران برفيقته الجديدة غراسا.
السيدة غراسا، تمنح مانديلا عطفاً اسطورياً، لأنها تعامله كشاب في العشرين.
لكن والدة الشاب العراقي زيدون السامرائي، أكثر حزناً من يعقوب هذه الأيام، ففي مطلع العام الماضي أغرق أربعة جنود من المارينز ابنها ذا التسع عشرة سنة في نهر دجلة، بعدما قذفوا به من على جسر شهير هناك.
لم تناد تلك الأم المكلومة: وامعتصماه! فلا أحد يستمع اليها “هناك” لأن الكل منشغل بالكل، فلم تجد سوى كتابة رسالة الى الرجلين العطوفين: جورج بوش، وتوني بلير، تقول في بعضها: “لن تعيد اي اجراءات تتخذانها ابني الى الحياة. ولكني أتوقع منكما، وأنا يعتصرني ألم الفقد بشدة، ان تنهيا معاناة كل الأمهات في بلادي”.
ولن تنتهي معاناة أبناء هادي صالح المناضل الذي وجد مخنوقاً بسلك كهربائي، داخل منزله، لأنه ترك “مواطنيّة السويد” وعاد الى بغداد ليخدم بلاده من خلال النقابات العراقية.
أفكر جدياً في الكلمات التي سوف تخرج من بين شفاه زوجة هادي صالح، وأم زيدون، اذا تقابلتا ذات يوم!