أسامة العيسة من القدس: نجح رجال جهاز المخابرات الداخلية الإسرائيلية (الشاباك) أخيرا في القبض على شريف ابريوش، أحد الرموز القليلة التي بقيت من قادة كتائب شهداء الأقصى في جنوب الضفة الغربية، بعد فشله المتكرر باعتقاله واغتياله طوال السنوات الأربع الماضية. وأكدت عملية الاعتقال استخدام الشاباك لمن يسمون سماسرة السلاح الذين يهربون أسلحة إسرائيلية المصدر لجماعات فلسطينية.
وابريوش هو آخر من تبقى من الخلية التي قادت كتائب شهداء الأقصى في محافظة الخليل بزعامة القائد الأبرز للكتائب مروان زلوم الذي اغتيل مع رفيق له بقصف سيارته في خريف 2002.
ونجح الشاباك في اغتيال زلوم وآخرين من الخلية واعتقال من تبقى في عمليات خاصة مثل محمود عمرو وطالب عمرو وعبد العزيز عمرو وصدقي الزرو وعماد الديك وصلاح عمرو وجمال عمرو, ورائد قفيشة, وممدوح عمرو.
وقادت هذه الخلية نشاطات كتائب شهداء الأقصى خلال سنوات انتفاضة الأقصى الأولى وتحت مسؤولياتها نفذت عمليات ضد المستوطنين وجنود الاحتلال وأخرى داخل الخط الأخضر مثل العملية التي نفذتها عندليب طقاطقة في نيسان (أبريل) 2002 في القدس الغربية، عندما كان الجيش الإسرائيلي يحتل مدن الضفة الغربية ويفرض طوقا على مقر عرفات ويحاصر كنيسة المهد ويرتكب مجزرة مخيم جنين ومجازر أخرى في رام الله ونابلس وبيت لحم.
في تلك الظروف تمكنت عندليب طقاقطة من الوصول إلى القدس وتفجير نفسها في القدس الغربية بنما كان شارون وضيفه كولون باول وزير الخارجية الأميركية يستعدان للطيران فوق القدس والأراضي المحتلة للاطلاع على ما يجري، وانقذ القدر يهودا اولمرت الوزير الإسرائيلي المقرب من شارون من الموت في ذلك التفجير، الذي وقع في مكان غادره اولمرت قبل دقائق.
ورد الشاباك على عمليات الخلية التي قادها بكفاءة مروان زلوم، الذي أعطى مقابلات للفضائيات العربية متحدثا باسم الكتائب بكنية (أبو احمد) ، وبعد كل ضربة كان من تبقى من الخلية يردون انتقاما لمقتل رفيق لهم أو اعتقال آخر.
ولم يتبق من الخلية إلا شريف ابريوش، الذي وجد نفسه أخيرا وحيدا، مطاردا من السلطات الإسرائيلية ويعاني من ضغوط رموز في السلطة الفلسطينية، كما قال قائد في كتائب الأقصى عاش مع ابريوش فترة المطاردة الأخيرة.
وتحدث هذا القائد لمراسلنا مشيرا إلى انه بعض التضييق على ابريوش في جبال الخليل، انتقل إلى بيت لحم لينضم إلى من تبقى من مطاردي كتائب الأقصى.
وقال لمراسلنا "مطاردو الكتائب يعيشون ظروفا غاية في الصعوبة يعانون من بطش الاحتلال ومن محاولات السلطة لاحتوائهم، ومن عدم حماس المواطنين لمساعدتهم كما كان في السابق وقلة الإمكانيات المادية".
وفي مثل هذه الظروف عاش ابريوش الأشهر الأخيرة مطاردا في جبال بيت لحم وبرية القدس، مع رفاقه، واستطاع أن يفلت من حملات للقوات الخاصة الإسرائيلية لاعتقاله، ولكن في إحدى المرات أصيب في ساقه، وكان على رفاقه أن يسحبوه معهم مشردين في الكهوف والجبال.
ووفر رفاقه عناية صحية وعلاجا أوليا له، ولكنه بقي يعاني، وبعد فشل الشاباك في قتله واعتقاله،لجأ إلى عربي بدوي يحمل الجنسية الإسرائيلية عمل سابقا في بيع أسلحة إلى كتائب الأقصى.
اخذ هذا السمسار كما يطلق عليه يتصل بشريف ابريوش عارضا عليه قطع أسلحة بأسعار (منافسة) جدا، ولكن رفاقه نصحوه بعدم الانجرار وراء (سمسار السلاح) في ظل ظروف المطاردة المشددة، ولكن السمسار ظل يضغط، واتفقا على موعد لتسليم السلاح.
وفي اليوم المحدد اتصل به السمسار وطلب منه الحضور إلى مكان معين خطر أمنيا، رفض ابريوش، وبقي الاثنان يتحدثان على الهواتف الخلوية، المرصودة من الشاباك، ابريوش يطلب من السمار أن يتقدم، والثاني يطلب منه أن يتقدم اكثر، وعندما اقتربا من بعضهما انقضت عليهما الوحدات الإسرائيلية الخاصة، حيث وقع ابريوش أخيرا.
وبعد أيام أطلق سراح السمسار، الذي يعتقد رفاق ابريوش انه متورط مع الشاباك، وان اعتقاله كان للتغطية، وفي حين أن أن ابريوش في أقبية التحقيق ألان بعد أربع سنوات من المطاردة، فان من تبقى من رفاقه، يدبون ألان في برية القدس، التي يطلق عليها الإسرائيليون اسم صحراء يهودا، تلك التي كانت طوال قرون مأوى للهاربين بأفكارهم ومعتقداتهم من رجال دين ومفكرين وأنبياء.