بهاء حمزة من دبي: يقول المثل المصري الشعبي "يا فرعون من فرعنك يجيب ما لقيتش حد يردني" وهو يعبر عن أن سطوة الآخرين مستمدة دائما ليس من قوتهم الفعلية ولا حتى إحساسهم بها وإنما من ضعفنا نحن.. هذا المثل الذي ربما لا يعرفه اغلب لاعبي الكرة الإماراتيين لوم يسمعوا به من قبل إلا انهم عبروا عنه بشكل عملي في مباراتهم التي انتهت قبل قليل في صنعاء أمام المنتخب اليمني المغلوب على أمره. فعلى ملعب علي محسن اشهر لاعب كرة في تاريخ اليمن والذي احترف لفترة طويلة خلال الستينات في فريق الزمالك المصري رفع منتخب الإمارات العالمي "سابقا" رايته البيضاء مبكرا تاركا المنافس المنزوع المخالب والدسم يستعرض عضلاته أمام جمهوره الذي غصت به مدرجات الملعب في عرض هزلي انتهى يمنيا بثلاثة أهداف لهدف وحيد.
مشكلة ما حدث ليس في الهزيمة التي يبدو أن لاعبي الجيل الحالي في الإمارات أدمنوها مع الخيبات التي تتوالى من كاس الخليج إلى كاس آسيا ثم تصفيات كاس العالم مرورا بالهزيمة من فرق لم يسمع بها اغلب الإماراتيين مثل الهند وتايلاند واليمن وقيرغستان وغيرها، ولا هي أيضا في الفضيحة التي حدثت في صنعاء لأنها ليست الأولى في تاريخ الكرة الإماراتية المعاصر ولن تكون الأخيرة في ظل انعدام القاعدة العريضة من اللاعبين الصالحين للعب الدولي ولا حتى في ضياع ثلاث نقاط هامة كلفت الإمارات المركز الأول وصدارة المجموعة التي تنازل عنها إلى كوريا الشمالية وإنما تتكرس المشكلة في سؤال لا يزال يبحث عن إجابة وهو .. ماذا بعد؟!.. فمنذ سنوات ومنتخب الإمارات ينتقل من سيئ إلى أسوأ دون أن يتوفر لدى المسؤولين عنه حلول مناسبة لمواجهة الموقف بل أن المبررات كانت دائما جاهزة لمختلف المواقف، كما أن المستقبل لا يبدو انه يحمل الكثير من التفاؤل للكرة الإماراتية التي تفتقد للقاعدة كما ذكرت من قبل إذ لا يوجد عدد كاف من اللاعبين الجيدين كما أن الموجود منهم مستغرق تماما بين عمله وفريقه و "البيزنس" الخاص به الذي يتيح له أن يعيش حياة الأثرياء التي لا توفرها له الكرة.
وحسب شواهد كثيرة فان هزيمة صنعاء ستعيد من جديد موضوع التجنيس إلى الواجهة وهي القضية التي تثار من وقت لآخر وفي المناسبات الحزينة كالتي نحن بصددها لكن ما اكسبها قوة في الفترة الأخيرة تبني الشيخ محمد بن زايد الرجل القوي في أبو ظبي والرئيس الفخري لنادي العين لها ودعوته من خلال حواراته الصحافية لتجنيس عدد من اللاعبين الأجانب الذي يعيشون في الإمارات منذ سنوات ويلمعون مع فرقها مثل الايفواري أبو بكر سانجو وغيره وهي الدعوة التي كادت أن تنجح لولا تصدي الشيخ حمدان بن راشد نائب حاكم دبي ووزير المالية والصناعة لها عبر تصريحات صحافية مضادة دعت إلى الاعتماد على أبناء البلد باعتبار أن ذلك إحدى على المدى البعيد، والآن بات من المرجح أن يعاد طرح القضية في ضوء الاخفاقات المتتالية للمنتخب الإماراتي وعدم وجود حلول "محلية" ناجعة خاصة أن المدربين الذين تعاقبوا على تدريب المنتخب خلال السنوات الأخيرة أعطوا الفرصة لكل لاعبي الإمارات تقريبا للعب في المنتخب من دون أن ينجح اغلبهم في إثبات نفسه ولا الدفاع عن وجهة النظر التي تنادي بالاعتماد على المواطنين في المنتخب.
وبالعودة إلى موقعة صنعاء سنجد أن المباراة التي انتهت بفوز اليمن 3/1 كانت تقريبا من طرف واحد إذ اكتفى الإماراتيون بمشاهدة المباراة من داخل الملعب بل أن هدفهم الوحيد حتى لم يأت من هجمة منظمة أو تكتيك مدروس وإنما من ضربة جزاء وهمية لم يرها سوى حكم المباراة السعودي خليل الغامدي بعد تعثر مهاجم الإمارات محمد سرور داخل المنطقة وهو يستعد لتلقي الكرة المرسلة له من رمية تماس. أما أهداف اليمن فجاءت نتيجة هجمات مرسومة أو لأخطاء فادحة من دفاع الإمارات في التغطية ومن الحارس معتز عبد الله ( الذي لا يلعب أساسيا في فريق العين) إذ جاء الهدف الثالث للمهاجم اليمني على النونو (صاحب الهدف الأول أيضا) من تسديدة من حوالي 30 ياردة لم يحاول معتز حتى مد يده لمنعها أو للإيحاء للجمهور بذلك . وكشفت المباراة خطأ اتحاد الكرة الإماراتي الفادح بالتعاقد مع الهولندي اديموس لتدريب المنتخب وهو الذي سبق له أن فشل في مهمته مع الهلال السعودي ولم يقدم أي دليل مع أي فريق قاده على نجاحه أو ذكائه التكتيكي مثلما لم يقدم أي جديد مع المنتخب الإماراتي في بطول كاس آسيا الأخيرة التي خرج المنتخب من دورها الأول بهزيمتين وتعادل.