وزير العدل يطلق نداء ثانياً للإتفاق على المحكمة الدولية
حرب عرائض نيابية لمحاكمة لحود والسنيورة

إيلي الحاج من بيروت: لا شيء يوحي في لبنان حتى الآن أنه مقبل على حلول للأزمة المتمادية بين الموالاة والمعارضة. وما يجري لملء الفراغ السياسي الذي سمي quot;هدنة الأعيادquot; الممتدة إلى آخر الأسبوع الأول من السنة المقبلة هو مجرد كلام سياسي، ينقسم بين تهديد من المعارضة بخطوات تصعيدية من دون ترجمة فعلية ولا آفاق، وبين محاولات لبث أجواء تهدئة وأمل في المستقبل القريب، من خلال إشارات صدرت عن رئيس مجلس النواب نبيه بري والمحيطين به إلى قرب إطلاق مبادرة جديدة سعياً إلى حلول، ولا سيما للعقدتين الرئيسيتين المتوازيتين: المحكمة ذات الطابع الدولي، وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية.

استغرب إتهام القوميين باغتيال الجميل
النائب عطا الله: الأكثرية اللبنانية لم تفشل مبادرة موسى

ولا يقتصر التصعيد على جهة المعارضة. ففي جهة الموالاة سجل جديد اليوم الأربعاء تمثل بتقدم نواب من الغالبية بعريضة إلى الأمانة العامة للبرلمان تتهم رئيس الجمهورية بخرق الدستور، وذلك لرفضه توقيع مرسوم الدعوة إلى الإنتخابات الفرعية لملء المقعد النيابي الذي شغر في دائرة المتن الشمالي باغتيال النائب والوزير الراحل بيار الجميّل. وتدعو العريضة التي حملت تواقيع 28 نائباً إلى محاكمة لحود في مجلس النواب وكف يده في حال إدانته برلمانياً، وإحالته على المحكمة العليا لمحاكمة الرؤساء.

في المقابل يعد نواب من المعارضة عريضة مضادة تتهم رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة بخرق الدستور من خلال تجاوز الأصول والقوانين في إقرار إتفاق إنشاء المحكمة ذات الطابع الدولي للنظر في جريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري والجرائم السياسية الأخرى المرتبطة بها، في حين كان يقتضي أن يجري رئيس الجمهورية المفاوضات ويوقع تالياً على الإتفاق، وكذلك من خلال استمرار الرئيس السنيورة في منصبه رغم أن مقدمة الدستور نصت على أن لا شرعية لأي سلطة تخالف ميثاق العيش المشترك، الذي يقضي وفق رأي المعارضة بسقوط الحكومة حتماً واعتبارها غير شرعية بعد استقالة الوزراء الشيعة منها، وأخيراً لعدم تقديم الحكومة مشروع الموازنة إلى مجلس النواب للسنة الثانية على التوالي. وتطلب العريضة تالياً ملاحقة الرئيس السنيورة وإحالته على المحكمة العليا لمحاكمة الرؤساء.

ولا يتوقع أحد أن يتجاوب الرئيس بري مع عريضتي الموالاة والمعارضة، حتى لو كانتا تستوفيان الشروط القانونية، نظراً إلى الأوضاع السياسية في البلاد وإلى أن موضوعي رئاسة الجمهورية والحكومة يشكلان نقطتين أساسيتين في quot;سلة الخلافاتquot; بين طرفي الموالاة والمعارضة المتمترسين كل في موقعه.

وزير العدل
من جهته كرر وزير العدل شارل رزق اليوم نداءه لإقرار إنشاء المحكمة الدولية ، محذراً من إحتمال إنشائها بقرار يصدر عن مجلس الأمن بموجب الفصل السابع ، وبمعزل عن رأي لبنان ومشاركته في حال عدم التوصل إلى حل في شأنها يصدر عن المؤسسات الدستورية اللبنانية. وقال إن المشروع المتعلق بإنشاء هذه المحكمة أصبح quot;لسوء الحظ جزءا من كتلة أزمات يختلط فيها الداخلي والإقليمي، من رئاسة الجمهورية إلى تأليف الحكومة إلى قانون الانتخابات ، وصولا إلى الصراع بين الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها الإقليميين من جهة، وإيران وحلفائها من جهة. وإذا استسلمنا لمقولة إن هذه الأزمات تشكل كتلة يستحيل فصل المحكمة عنها، نكون قد سلمنا مسبقا بتأجيل وضع المحكمة موضع التنفيذ وأدخلنا لبنان في نفق مظلم وطويل. لذلك إنقاذا للمحكمة، أطالب ببذل جهد أخير لحصر نقاط الخلاف حول نظامها والسعي إلى تذليل هذه النقاطquot;.

وأضاف: quot;يبدو لي أن النقاط المختلف عليها تتلخص باثنتين: الأولى، تتصل بإطار صلاحية المحكمة وامتداده إلى جرائم سبقت جريمة اغتيال الرئيس الحريري وتلتها. أما الثانية فتتعلق بما سمي مسؤولية الرئيس عن المرؤوس. أقول وأشدد على أن هناك فسحة لا تزال باقية حتى الآن لحل هاتين المسألتين حلا يزيل مخاوف المتخوفين من دون المساس بجوهر نظام المحكمة كما وضعته مع الخبراء، وذلك قبل فوات الأوان. وأعني بفوات الأوان، أن عدم التوصل إلى الموافقة على نظام المحكمة حسب الأصول الدستورية اللبنانية سوف يحمل المجتمع الدولي على النظر في إقرارها وفقا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، مما يعني تسليماً بأن لبنان أصبح دولة ساقطة، عاجزة عن إحقاق الحق بوسائلها الذاتية، وغير جديرة بالبقية الباقية من استقلالهاquot;.