إيلي الحاج من بيروت : يتحرك ملف معالجة الوضع الفلسطيني في لبنان بسرعة تسبق معالجة بقية الملفات المتعثرة التي وُضعت على طاولة المتحاورين من أركان الأحزاب والتيارات والطوائف. وصباح اليوم تلقى رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة اتصالين، من امين سر quot;فتحquot; في لبنان، سلطان ابو العينين المبرأ بعد حكمي إعدام ، ومن مسؤول quot;فتحquot; في الجنوب خالد عارف، شكراه خلالهما على quot;النهج الجديد الذي تتبعه الحكومة اللبنانية في التعامل مع الفلسطينيين المقيمين في لبنان، وتحديداً النهج الذي بادرت اليه الحكومة بالنظر جدياً وعملياً في حاجات اللاجئين الفلسطينيين، عبر الزيارة- المبادرة التي قام بها الوزراء الى المخيماتquot;. في المقابل شدد السنيورة على ان هذه الخطوات لن تكون quot;يتيمةquot; بل ستتابعها حكومته بإجراءات عملية.
وكان أبو العينين سلم نفسه فجأة أمس الى السلطات القضائية اللبنانية ومثل بسرعة فائقة أمام المحكمة العسكرية التي أصدرت حكمها بإبطال التعقبات في حقه لعدم كفاية الدليل، علماً أن هيئتها السابقة كانت قد أصدرت عام ١٩٩٩ حكمين غيابيين قضيا بإعدامه بجرم تأليف عصابة مسلحة والقيام بأعمال ارهابية والنيل من سلطة الدولة. ويصب الحكم القضائي المستعجل، والمستند الى قرار سياسي للحكومة اللبنانية، في خدمة الحوار اللبناني - الفلسطيني وتوفير ظروف دفعه الى الأمام، وتسهيل عملية تنفيذ قرار جمع السلاح الفلسطيني .
وكان المجتمعون في جلسات الحوار اللبناني قد بحثوا في سلسلة اقتراحات وأفكار تتعلق بهذا الشأن، اضافة الى ما سبق ان اتخذته الحكومة اللبنانية من مقررات وخصوصا لجهة افتتاح مكتب لمنظمة التحرير في لبنان، وتشكيل لجنة لبنانية للحوار مع حول مختلف القضايا التي تمس الوضع الفلسطيني في لبنان، مع التأكيد على انهاء وجود السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وتنظيمه داخلها، في موازاة معالجة الحقوق المدنية والاجتماعية للفلسطينيين في لبنان.
ومن المقرر أن يحمل السنيورة إلى دمشق، في حال تمت زيارته العتيدة إليها، ملف السلاح الفلسطيني في لبنان لبحثه مع القيادة السورية ، وهو يعتبر موضوعاً بالغ الحساسية وقضية سياسية في الدرجة الأولى وليس أمنية فحسب. من هذا المنطلق تتطلع حكومة السنيورة إلى مساعدتها في وضع خطة معالجة شاملة ، ريثما يعود الفلسطينيون الذين يستضيفهم لبنان الى ديارهم او الى اي دولة أخرى يرغبون في التوجه اليها، وتحل قضيتهم وفقا للمبادرة العربية للسلام.
وتستند الحكومة الى احصاءات وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين quot;الأونرواquot; عن توزعهم على الأراضي اللبنانية لوضع خطتها الانسانية ، ويتبين من هذه الإحصاءات أنهم على الشكل التالي : ٢١٠٫٩٥٢ لاجئا موزعين على ١٢ مخيماً. في مخيم مار الياس ٦١٢ ، برج البراجنة ١٥٤٨٢ ، ضبيه ٤٠٠٢ ، شاتيلا ٨٢١٢ ، عين الحلوة ٤٥٠٠٤ ، المية ومية ٤٤٧٣ ، البص ٩٢٨٧ ، الرشيدية ٢٥٧٤٥ ، برج الشمالي ١٨٦٢٥ ، نهر البارد ٣٠٤٣٩ ، البداوي ١٥٦٤١ ، وايفل ٧٥٥١.
وكان عدد اللاجئين حتى ٢٠٠٣ نحو ٣٩٥ الفاً ، علماً أنه كان قد وصل إلى نحو ٤٥0 الفا قبل عشرين عاما، ويعود سبب تناقصهم إلى هجرة كثر منهم في اتجاه دول بعيدة او مجاورة.
وقد عرضت دراسة وضعتها دوائر السلطة الفلسطينية منذ مدة واطلعت عليها الحكومة اللبنانية أوضاع سكان المخيمات . وفيها أن المخيمات تعاني فقدان المرجعية السياسية داخلها ، وتبرز هذه الظاهرة خصوصاً في التجمع الأكبر في عين الحلوة ، وذلك بسبب الانقسام في منظمة التحرير ووجود فصائل ومجموعات أخرى خارج المنظمة ، الأمر الذي انعكس انقساما في quot;اللجان الشعبيةquot; التي تعتبر نوعا من المرجعية الشعبية للسكان داخل المخيمات. وأوصل غياب المرجعية السياسية إلى غياب المرجعية الأمنية المسيطرة لضبط الأوضاع الأمنية هناك، وتالياً إلى حال من الفلتان الأمني وانتشار السلاح خصوصا في عين الحلوة، اضافة الى مشكلة السلاح الموجود في القواعد العسكرية خارج المخيمات.
وفي الموازاة ذلك تراجع مستوى مساهمة منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها في مساعدة فلسطيني مخيمات لبنان لمواجهة ظروفهم المعيشية القاسية منذ انتقال مقر المنظمة إلى تونس إثر الاجتياح الإسرائيلي عام ١٩٨٢ . وأبرز الأمثلة تراجع خدمات الهلال الأحمر الفلسطيني ومحدودية الرواتب التي تقدمها مؤسسة الشؤون الاجتماعية الى أسر الشهداء. كذلك تراجعت مساهمة الأونروا في تقديم الخدمات التعليمية والصحية وغيرها من المساعدات وتراجع قدرتها على تشغيلهم، فيما تتردد معلومات عن ارتفاع نسبة الوفيات في المخيمات. وثمة أيضاً مشكلة تهالك البنى التحتية في المخيمات بسبب الإحجام عن صيانتها او تحسينها، مما جعل الأوضاع المعيشية في المخيمات غير صحية، بل وغير انسانية.
وبسبب ما تقدم وغيره من تضاؤل الأمل في العودة العاجلة إلى أرض الآباء والأجداد نشأت ظاهرة الهجرة لدى الشباب الفلسطيني الى أصقاع الأرض وطلب اللجوء اليها.
تشرذم المرجعية وتبعاته
في المستوى السياسي تشكل منظمة التحرير مرجعية أساسية في المخيمات ، لكن قرارها السياسي يبقى مؤرجحا بين السلطة في الداخل الفلسطني وسورية. وتتمركز منظمة quot;فتحquot; في شكل أساسي في المخيمات لكن نفوذها ينكفىء مقارنة بصعود quot;حماسquot; خصوصاً بعد وصولها الى السلطة. وفي مخيم الرشيدية فصائل مرتبطة بالنظام السوري وحماس والجهاد الاسلامي، وفي عين الحلوة حماس والجهاد الاسلامي وquot;عصبة الانصارquot;وquot;جند الشامquot;، وفي مخيمات الشمال، ولا سيما البداوي ونهر البارد تهيمن التنظيمات التابعة لسورية، مع بعض أخرى تابعة لمنظمة التحرير ، مع وجود محدود لحركة quot;فتحquot; . وهذه المخيمات هي التي تمثل الثقل في مجال التسلح ، علماً أن تسلحها بدأ يشكل عبئا على قياداتها بسبب الفلتان الأمني في داخلها.
وثمة مواقع فلسطينية مسلحة خارج المخيمات في منطقتي الناعمة وبعلبك، وهو في أيدي quot;الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامةquot; بقيادة أحمد جبريل الموالي للنظام السوري، وكذلك ل quot;فتح ndash; الانتفاضةquot; . والمنظمتان المذكورتان تتلقيان التعليمات من النظام السوري وتشكل مواقعهما المسلحة مصدر قلق لخصوم نظام الأسد في لبنان ، وأمس قال رئيس quot;اللقاء الديموقراطيquot; النائب وليد جنبلاط أن مدى راجمات صواريخ منظمة جبريل يغطي مطار بيروت والعاصمة اللبنانية ، متسائلاً هل هي في الناعمة لتحرير مزارع شبعا؟
التعليقات