الإمارة الكويتية تبتسم رغم منغصات المنطقة:
عام مضى بين quot;جابر السلفquot; وquot;صباح الخلفquot;

علي الحسن من الرياض: مضى عام على وفاة حاكم الكويت السابق الشيخ جابر الصباح ومثله على تولي الشيخ صباح الصباح زمام حكم الأمارة الصغيرة التي تحوي عشر الإنتاج العالمي من النفط، وتتخذ من بوابة الخليج الشمالية الشرقية مكاناً لها، في ظل استحقاقات داخلية وخارجية هامة، كان أهمها تغير الخريطة السياسية في المنطقة تبعاً لزوال النظام العراقي السابق الذي كان يمثل تهديداً كبيراً لها. وحظيت تلك الفترة التي شهدت ملف انتقال خلافة الحكم، وسميت بالأزمة الدستورية التي غاب فيها الشيخ سعد عن تولي الأمارة، بنسبة مراقبة فائقة من قبل عواصم خليجية مجاورة، تعتبر الرياض أكثرها رقبة، كون أن الحالة الكويتية كان يمكن أن تنسحب على بقية الأنظمة ذات التشابه الوراثي في عملية انتقال الحكم داخل أسر الخليج الحاكمة باستثناء عمان التي لا تبدو همومها واضحة على السطح. وكانت تلك اللحظات بداية تشكل الفترة الأولية لحكم الشيخ صباح الذي كان متولياً لمنصب رئاسة الوزراء وسابقاً وزارة الخارجية، إذ كان أقدم الوزراء الذين شغلوا هذا المنصب في العالم، وعمل رفيقاً مقرب لحاكم البلاد الشيخ الراحل جابر الصباح.

الصحف الكويتية تستذكر الشيخ جابر

مجلس الأمة الكويتي يؤبن الشيخ جابر

وعلى الرغم من أن فترة حكم الشيخ صباح في عامها الأول شهدت ازدهارا اقتصادياً لم يسبق له مثيل في تاريخ الأمارة الغنية من النفط تمثل في فائض كبير في موازنتها السنوية بفضل ارتفاع أسعار البترول، إلا أن الإصلاحيين الكويتيين أصيبوا بنكسة مبكرة حين لم يلحظوا تقدماً سياسياً يتمثل في إتاحة الفرصة للجيل الشاب من أسرة آل الصباح الحاكمة بعد خروجهم من كعكة التعيينات دون فرصة وافية.

وعن عام الشيخ صباح الأول في الحكم يقول الإعلامي الكويتي البارز في مقال تنشره quot;إيلافquot; :quot; الكلام المنمق في مثل هذه المناسبات لا يستقيم نظرا الى صعوبة تقييم فترة عام واحد من أي حكم خصوصا اذا ترافقت هذه الفترة مع ظروف انتقالية وتطورات اقليمية... ولكن هناك مؤشرات يمكن تلمسها لرسم صورة مثلثة الابعاد للسنة الاولى من حكم سمو الامير الشيخ صباح الاحمدquot;.

ويعدد تلك الأبعاد كاتباً :quot; البعد الاول، انه استطاع بفضل تاريخه وعطائه وحب الكويتيين له واحترامه للدستور ان يؤمن انتقالا هادئا للسلطة بعد رحيل المغفور له الامير الشيخ جابر الاحمد مكرسا الكويت دولة قانون ومؤسسات. ثم فرد الشيخ صباح صفحة جديدة من العمل الوطني بدعوته الجميع الى الانخراط والمشاركة في القرارات وفصل الحاضر عن تجاذبات الماضيquot;.

ويضيف:quot; البعد الثاني الذي ظهر جليا في فترة الحكم الاولى للشيخ صباح هو اطلاق الحريات الى مدارات أوسع من خلال الترخيص لوسائل اعلام جديدة وحقوق التعبير المطلقة المكفولة للجميع. ويبدو ان سمو الامير اخذ عهدا على نفسه بأن تستعيد الكويت ريادتها في الفكر والثقافة وتعود منارة حضارية للمنطقة من خلال الايعاز باتخاذ التشريعات اللازمة التي تكفل توسيع رقعة الحرية بالتلازم مع المسؤوليةquot;.

ويشير إلى البعد الثالث والأخير:quot; البعد الثالث هو البعد الاصلاحي، وقد يكون الاهم في هذه المرحلة حيث تراجعت الكويت الى مراتب متدنية استثماريا واقتصاديا وتنمويا وتقدمت دول كثيرة عليها في المنطقةquot;.


الوجه الثقافي للأمير جابر الراحل

وفي موازاة ذلك فقد اكد مثقفون كويتيون ان سمو الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح اولى الثقافة اهتماما خاصا تجلى بدعمه المستمر لكل الانشطة والفعاليات الثقافية الرسمية منها والاهلية .

واوضح المثقفون في تصريحات لوكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم ان عهد سموه شهد اقامة عدد من مشاريع البنى التحتية لمشاريع ثقافية اضافة الى الاهتمام بتشجيع الشباب على الابداع والحفاظ على التاريخ والهوية الكويتية .

وقال رئيس مجلس امناء مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للابداع الشعري الشاعر عبدالعزيز البابطين ان quot; سموه حرص دوما على ان تكون الكويت في المقدمة وان تكون لها مكانة متميزة بين الدول quot;.

واضاف البابطين ان سموه كان داعما رئيسيا للمؤسسة منذ بداية تاسيسها وانه quot; قبيل الغزو العراقي بثلاثة ايام اثنى على اقامة الجائزة في القاهرة باعتبار ان لمصر دور رائد في التعليم كما انها يمكن ان تلعب دور السفير للكويت في الخارج quot;.

واكد ان دعمه المستمر ومتابعته للانشطة الثقافية كانت الحافز لاستمرار انشطة المؤسسة بهدف اعادة المكانة والريادة الثقافية للكويت كما كانت منذ الستينيات .

وقال ان quot; تبنى سموه رحمه الله الكثير من المشاريع ومن اهمها مؤسسة الكويت للتقدم العلمي اضافة الى انشاء المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب quot;.

وتمنى ان quot; يتغمد الله سموهن بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ويعين سمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح على مسؤولياته ويشفى سمو الامير الوالد الشيخ سعد العبد الله الصباح quot;.

اما مدير ادارة الثقافة والفنون بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب طالب الرفاعي قال انه quot;اذا ما تم لنا استذكار الاعمال الجليلة التي تكرم بها وقدمها المرحوم الشيخ جابر الاحمد في شتى مناحي الحياة فانه يجدر بنا ان نقف وقفة اجلال واعزاز وتقدير لمؤسس احد اهم الصروح الثقافية في دولة الكويت الحديثة وهو المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب .

واضاف الرفاعي ان سموه هو صاحب المقولة الاهم في كون الثقافة والفنون والاداب هي التجسيد الاهم لايمان الدولة لما للثقافة والفنون من اهمية عظمى في خلق جيل واع بمسؤولياتها وقادر على العطاء .

واوضح انه دعا الى تشكيل لجنة في العام 1972 مكونة من اهل الفكر والثقافة والادب للوقوف على السبل الانجع للنهوض بالثقافة في الكويت وكان ان قدمت هذه الجنة توصية بانشاء المجلس الوطني .

- واشار الرفاعي الى انه بناء على ذلك صدر في 17 يوليو من العام 1973 المرسوم الاميري الخاص بانشاء المجلس الذي يعد اليوم بمثابة الصرح الثقافي والفني الاهم لدولة الكويت سواء على المستوى رعاية ومتابعة وتشجيع الانشطة الثقافية داخل الكويت او على مستوى التواصل مع كل مستجدات الفكر والثقافة والفن على الساحة العربية والعالمية .

وقال ان quot; عطاءات الشيخ المرحوم جابرالاحمد كثيرة وتعددة في شتى المجالات ويكفي فخرا للكويت ان يكون هو المؤسس الحقيقي للمجلس وهو المظلة الثقافية والفنية لعموم الحركة الثقافية في الكويت quot;.

من جهتها قالت الاديبة ليلى صالح ان quot; حياته حافلة بالانجازات المتعددة التي عرفها القاصي والداني ومنها دعمه المستمر لمشاريع الكويت العملاقة والشامخة في الثقافة والعلم كانشاء مؤسسة الكويت للتقدم العلمي وتقديم الجوائز للنابغين من العلماء ومتابعته المستمرة للحركة الفنية ومناصرته واصراره على حقوق المراة السياسية كسابقة متميزة في منطقة الخليج العربي quot;.

واشارت صالح الى اهتمامه المتميز بتقديم الدعم المعنوي والمادي للاصدارات التي تتحدث عن تاريخ وثقافة الكويت quot; كما هو الحال حين اصدرت كتابي ادب المراة في الكويت وكتاب ادب المراة في الجزيرة والخليج العربي والذي حظي باهتمام خاص منه quot;.

يذكر انه في عهد سمو الامير الراحل اختيرت الكويت عاصمة للثقافة العربية عام 2001 حيث استقبلت الكويت أكثر من 2500 ضيف وزائر شارك في نحو ألف نشاط ثقافي لمؤسسات حكومية وأهلية .

وجاء اختيار الكويت كعاصمة للثقافة العربية في أعقاب تطبيق الدول العربية لفكرة العواصم الثقافية التي أقرتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) .

وعاشت الكويت على مدى عام كامل ضمن مظلة الاحتفالية التي اقيمت تحت رعاية سمو امير البلاد الراحل انشطة ثقافية متنوعة لمثقفين كويتيين وعرب .

ويذكر لسمو امير الراحل اهتمامه بالبنى التحتية والتي من ضمنها وضع حجر الاساس لمشروع مكتبة الكويت الوطنية والتي تقع على مساحة حوالي 47 الف متر مربع والتي بدات اعمال الحفر والتنفيذ منذ عام 2005 بكلفة تصل الى 3 ملايين دينار .

وتم اعادة تاهيل متحف الكويت الوطني بعدما تعرض له من دمار خلال فترة الغزو العراقي والذي يضم متحف التراث الشعبي ومكاتب ادارة الاثار والمتاحف والقبة السماوية .

وفي عهد الامير الراحل تبنى المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب ترميم عدد من المباني التاريخية ومنها بيت (ديكسون) والمدرسة القبلية واستراحة الشيخ احمد الجابر الصباح بجزيرة فيلكا .

كما تم ترميم المدرسة الشرقية وتحويلها الى متحف للفن الحديث والمرسم الحر والمستشفى الامريكي وبوابات سور الكويت والقصر الاحمر وبيت السدو والمدرسة الشرقية والمستشفى الامريكاني .

تلويحة إيرانية للشيخ جابر

واشاد اعلاميون ايرانيون هنا اليوم بمناقب وانجازات امير دولة الكويت الراحل الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه وحكمته في تجاوز الازمات التي عصفت بالكويت والامة الاسلامية.

وقال الاعلامي والسياسي الايراني البارز محمد صادق الحسيني في تصريح لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان quot;الامير الراحل كان دائما ينادي بالتضامن الاسلامي وعدم الدخول في الصراعات والفتن التي كانت تتحرك في المنطقة حيث يكتب له في هذا المجال بانه لم يتخذ اي موقف لصالح فئة على حساب فئة اخرى بل كان يدعوهم الى الحوار والتعقلquot;.

واستذكر الحسيني موقفا لوزير الخارجية الكويتي في مطلع الثمانينات وذلك بتوجيه من سمو الامير الراحل عندما قال quot; نحن هنا لسنا مختبرا للصراع بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الامريكية حتى يتقاسموا النفوذ على حساب بلداننا ومجتمعاتنا وثرواتنا.. نحن نريد ان نبقى مستقلين عن هذه الصراعات وان امن الخليج يحدده أهل الخليجquot;.

واضاف امين عام المنتدى العربي الايراني للحوار ان quot;الكويت ظلت في عهده دولة معتدلة اسلاميا وعربيا وخليجيا حتى انه حاول اخراج الكويت من الصراع الذي ألم بالمنطقة عندما طالب المسؤولين عن السياسة الخارجية بعدم السماح لصراع العمالقة والدول العظمى حول الخليجquot;.

اما على صعيد المنطقة فقال الحسيني ان quot;الامير الراحل عرف عنه دعمه المستمر لقضايا الامة الاسلامية لاسيما القضية الفلسطينية رغم كل الصعوبات التي عانت منها الكويت من قبل بعض اشقائها العرب خاصة المجاورين لها الا انه كان واقفا الى جانب القضايا العربيةquot;.

واضاف الحسيني ان quot;الامير الراحل كانت له الريادة والطليعة في نقل الكويت من دولة عادية صغيرة من ناحية الجغرافيا الى دولة كبيرة في عالم الديمقراطيات الحديثةquot; مشيرا الى انه اول من اعتمد موضوع البرلمان ومجلس الامة الكويتي باعتباره رديفا للدولة ومساعدا لها في تحقيق التنوع والتعددية بين المجتمع المدني الى جانب الدولة فضلا عن انه النصير الاول للصحافة الحرة والمتعددة وكان له فضل في ذلك.

وقال الحسيني quot; باختصار نستطيع ان نقول ان عهد الامير الراحل والكويت عموما كان عهدا اعتداليا ووسطيا يجمع الامة اكثر من ان يفرقها وهذا يسجل للكويت كدولة عريقة في هذا المجالquot;.

من جانبه وصف المدير المسؤول عن صحيفة (الوفاق) الايرانية مصيب النعيمي في تصريح مماثل ل (كونا) ان quot;الكويت دخلت في عهد سمو الامير الراحل تطورات خطيرة لكنه تمكن بحكمته من الخروج منتصرا فيها واعادة الكويت بسلام الى شعبها واستقلالهاquot;.

واضاف النعيمي ان quot; هذا الانجاز سجل له كخطوة جريئة ومدروسة اتخذها في ذلك الوقت الذي شهدت فيه الساحة العربية انشقاقا وانقساما خطيرا للغاية حيث يحسب له بانه استطاع ان يعيد الاستقلال للبلاد وان يحافظ في الوقت نفسه على الوحدة العربيةquot;.

ووصف النعيمي عهد سمو الامير الراحل بانه مرحلة حافلة بالتطورات والانجازات قسم منها كان قبل غزو العراق للكويت والآخر بعد تحريرها حيث تمكن من توفير الرفاهية والاستقرار لشعبه رغم تلك الظروف الصعبة التي شهدتها الكويت.

وقال النعيمي ان quot;الكويت من اولى البلدان التي تحاول ان تبقى العلاقات ودية وفي مستوى واحد مع جميع الدول العربية والاسلامية والعالمية وهذا كان له تأثير مباشر في ان تبقى الكويت خارج الصراعات التي يريد البعض زجها فيهاquot;.

واضاف ان quot; هناك تجربة كبيرة في الكويت يعرفها الجميع بشأن كيفية التعامل مع السياسات الاقليمية والدولية حيث يجب الأخذ بعين الاعتبار خلفيات كل سياسة ومرحلة وتداعياتها المستقبليةquot; مشيدا بسياسة القيادة الكويتية التي وصفها ب quot;السياسة الهادئة والمتوازنةquot;.

صباح الأحمد في قلب الصورة

وهنا مقال خاص بإيلاف كتبه رئيس تحرير صحيفة quot;الرأيquot; الكويتية جاسم بودي

صباح الاحمد في قلب الصورة
جاسم بودي*


الكلام المنمق في مثل هذه المناسبات لا يستقيم نظرا الى صعوبة تقييم فترة عام واحد من أي حكم خصوصا اذا ترافقت هذه الفترة مع ظروف انتقالية وتطورات اقليمية... ولكن هناك مؤشرات يمكن تلمسها لرسم صورة مثلثة الابعاد للسنة الاولى من حكم سمو الامير الشيخ صباح الاحمد.
البعد الاول، انه استطاع بفضل تاريخه وعطائه وحب الكويتيين له واحترامه للدستور ان يؤمن انتقالا هادئا للسلطة بعد رحيل المغفور له الامير الشيخ جابر الاحمد مكرسا الكويت دولة قانون ومؤسسات. ثم فرد الشيخ صباح صفحة جديدة من العمل الوطني بدعوته الجميع الى الانخراط والمشاركة في القرارات وفصل الحاضر عن تجاذبات الماضي.
ومثلما استطاع الشيخ صباح، وبهدوء وحكمة، تكريس التضامن والتوافق على مستوى القيادة والحكم، فانه اراد لهذا التوافق ان يبقى نهجا راسخا على مستوى القاعدة الشعبية والحياة السياسية، مشددا في كل مناسبة على الوحدة الوطنية ورفض الظواهر الطائفية والقبلية والمناطقية. من هنا يمكن تلمس بعض اسباب القرار الذي اتخذه بحل مجلس الامة السابق حلا دستوريا اثر معركة الدوائر الانتخابية الشهيرة وتبادل الاتهامات بين الساحات ووصول الامور في الشارع الى مرحلة صعبة. وكان سموه حريصا عندما التقى رؤساء تحرير الصحف المحلية بعد ساعتين من قرار الحل على التأكيد بانه لم يكن يريد الحل ولم ينم الليل بسبب ذلك لكن التحركات في الشارع والشعارات الانقسامية التي تجاوزت الحدود دفعته الى الخيار الصعب.
وهنا لا بد من القول ان الانتخابات التي حصلت واوصلت معارضي الحكومة الى البرلمان والذين فرضوا اجندتهم لاحقا في موضوع الدوائر انما كانت نقطة بيضاء جديدة في سجل صباح الاحمد. كما لا بد من القول ان ايمان سمو الامير بالديموقراطية كان السبب الرئيسي الذي دفعه الى حل المجلس حلا دستوريا بعدما كانت رموز كثيرة داخل الاسرة وفي السلطتين التنفيذية والتشريعية تضغط في اتجاه حصول حل غير دستوري.
البعد الثاني الذي ظهر جليا في فترة الحكم الاولى للشيخ صباح هو اطلاق الحريات الى مدارات أوسع من خلال الترخيص لوسائل اعلام جديدة وحقوق التعبير المطلقة المكفولة للجميع. ويبدو ان سمو الامير اخذ عهدا على نفسه بأن تستعيد الكويت ريادتها في الفكر والثقافة وتعود منارة حضارية للمنطقة من خلال الايعاز باتخاذ التشريعات اللازمة التي تكفل توسيع رقعة الحرية بالتلازم مع المسؤولية.
البعد الثالث هو البعد الاصلاحي، وقد يكون الاهم في هذه المرحلة حيث تراجعت الكويت الى مراتب متدنية استثماريا واقتصاديا وتنمويا وتقدمت دول كثيرة عليها في المنطقة. وكان الشيخ صباح وضع نصب عينيه منذ كان نائبا اول لرئيس الوزراء فرئيسا للوزراء احداث نقلة نوعية في التنمية الاقتصادية من خلال الاصلاحات القانونية والتشريعية من جهة والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة من جهة ثانية. من هنا كانت زياراته الطويلة لدول شرق آسيا وغيرها حيث وقف شخصيا على عوامل النجاح والتطور واعطى التوجيهات اللازمة بتطبيقها. ولا يمكن فصل ما يحصل الآن من عمليات اصلاح ضخمة في الكويت تتعلق بمحاربة الفساد وتطبيق القانون على مختلف المؤسسات والشركات عن رؤية صباح الاحمد للتطور الاقتصادي وخلق بيئة آمنة لجذب الاستثمارات بعيدا من اي اشكالات قد تحصل مستقبلا وتعيق حركة الرساميل.
يبقى ان نذكر ان الابعاد الثلاثة لفترة عام من حكم امير الكويت ترافقت مع عنصر ثابت في حركة صباح الاحمد منذ تولى وزارة الخارجية قبل عقود، وهو الانفتاح على كل الدول وحصد صداقات جديدة للكويت وتأطير هذه الصداقات وصيانتها بعلاقات ومصالح مشتركة. ولم تكن مصادفة انه قام باول زيارة رسمية لامير كويتي الى فرنسا نهاية العام الماضي مفتتحا مرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين.
من يعرف صباح الاحمد عن قرب يعرف ان مؤشرات عهده الاولى ستصبح الاساس لبنيان اكبر ونقطة تحول في تاريخ دولة حاصرتها نار الحرب العراقية ndash; الايرانية ودمرها الغزو وقيدها الهاجس الامني بعد التحرير... وآن لها ان تعبر نحو المستقبل.