السنيورة في الامارات لدعم مؤتمر باريس-3 جلسة فجائية لمتهمَين باغتيال بشير الجميّل السنيورة من الكويت والبحرين الى أبو ظبي واعتصام ثالث في بيروت
إيلي الحاج من بيروت: أكثر من أي يوم تبدو الأزمة اللبنانية معلقة على حسابات إقليمية ودولية تحاول الإعتبارات المحلية اللحاق بها. إقليمياً، أكد سياسيون في بيروت أن زيارة المسؤول الإيراني علي لاريجاني للمملكة العربية السعودية موفداَ من مرشد الثورة علي خامنئي تتجاوز الملف النووي الى الملف اللبناني الذي يشكل مركز تقاطع واهتمام مشترك بين البلدين، ويدور في شأنه حوار ثنائي بثلاثة مستويات: في بيروت على مستوى سفارتي المملكة السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وفي الخليج على مستوى اجتماعات تعقد بعيدا عن الأضواء، ومستوى حركة الموفدين والزيارات المتبادلة. ويضيف أصحاب هذه المعلومات ان زيارة وفد قيادة quot;حزب اللهquot; إلى المملكة السعودية الشهر الماضي تمت بناء على نصيحة ايرانية بإقامة حوار مباشر مع الرياض.
ويضيف هؤلاء أن لا مؤشرات فعلية إلى تحسن قريب في أجواء العلاقات بين الرياض ودمشق وفي اتجاه إنهاء الخلاف المستمر بينهما، ويعود السبب إلى إخلال الرئيس السوري بشار الأسد بتعهدات قطعها للقيادة السعودية، والمتفاقم منذ حرب تموز/يوليو بين إسرائيل وquot;حزب اللهquot; وخطاب الأسد عن quot;أنصاف الرجالquot;.ويستبعد في هذه الأجواء أن تتحقق قمة مصرية ـ سورية ـ سعودية في الوقت الحاضر، ويقول السياسيون المتابعون إن أي مسعى مصري في هذا الاتجاه يتوقف حالياً على دور ايجابي تؤديه دمشق في الملف الفلسطيني، وان أي تجاوب سعودي مع الوساطة المصرية يتوقف على خطوة ايجابية تقوم بها سورية في اتجاه لبنان... وفي اعتقاد هؤلاء أن التسوية في لبنان لا بد من أن تمر في نهاية المطاف عبر تفاهم سعودي ـ سوري، وان الملف اللبناني بات مفتاح عودة العلاقات بين دمشق والرياض الى وضعها الطبيعي.
السنيورة في الخليج
في هذا الوقت يواصل رئيس الحكومة فؤاد السنيورة جولته العربية حيث التقى سلطان عمان قابوس بن سعيد وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، وينتقل اليوم من الكويت الى قطر ومنها الى الامارات العربية المتحدة، وسط ارتياح الى نتائج لقاءاته مع قادة دول الخليج الذين جددوا التزامهم دعم مؤتمر باريس 3 لمساندة لبنان اقتصادياً والذي ينعقد هذا الشهر.وكانت أوساط الوفد المرافق للرئيس السنيورة في زيارته إلى المملكة السعودية أبدت ارتياحا لنتائج الزيارة والتعهدات والتأكيدات التي قطعها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز لمساعدة لبنان في كل المجالات وعدم التخلي عنه في مطلق الظروف. وأكدت هذه الاوساط أن الحضور السعودي سيكون متميّزا في مؤتمر باريس ـ 3، ولفتت الى الخاصة التي لقيها السنيورة إذ استقبله خادم الحرمين في مقره الخاص في منطقة البر خارج الرياض، رغم أنه لا يستقبل زوارا رسميين في ذاك المقر الخاص.
شيراك والحريري
وعلى خط موازٍ كان الرئيس الفرنسي جاك شيراك أعرب بعد لقائه رئيس quot;كتلة المستقبلquot; النائب سعد الحريري عن تفاؤله بحصول لبنان على دعم مالي كبير في مؤتمر باريس ـ 3 يتيح له فرصة جيدة للخروج من أزمته الاقتصادية والمالية.ولاحظت أوساط سياسية في بيروت أن اللقاء هذه المرة بين الرئيس شيراك ونجل صديقه الراحل الحريري جاء مختلفا في أجوائه عن اللقاءات السابقة بينهما، بسبب ظروف داخلية ضاغطة عند الطرفين: الحريري يخوض معركة سياسية داخلية صعبة و quot;حكومتهquot; تواجه ضغوطا هائلة تضعها عند حافة quot;السقوطquot; او على الأقل في حال أزمة مفتوحة. وشيراك بدأ العد العكسي لنهاية ولايته مع افتتاح معركة رئاسة الجمهورية ومع تبني اليمين الحاكم ترشيح نيكولا ساركوزي للرئاسة من دون دعم منه.
كذلك جرى اللقاء تحت وطأة حدثين واستحقاقين: انعقاد quot;باريس ـ 3quot; الذي أراده شيراك دعما للحكومة اللبنانية وأشرف عليه شخصيا لإنجاحه، وعملية تشكيل المحكمة الدولية التي كانت بندا أساسيا على جدول المحادثات وطرحت من زاوية الموقف الروسي الذي يحدث بلبلة وينقل الاهتمام الى مسائل لا علاقة لها بمسار المحكمة وأهدافها. ويرغب الرئيس شيراك وقبل إنهاء ولايته في ثلاثة أمور على مستوى الملف اللبناني الذي جعله أولوية وأعطاه من وقته وجهده الكثير:
- تثبيت الدعم الدولي السياسي والاقتصادي للبنان وحكومته والحؤول دون سقوطها ودون عودة الوضع في لبنان الى الوراء، بما في ذلك عودة النفوذ السوري والتدخل في الشأن اللبناني الداخلي.
- تشكيل المحكمة الدولية وبما يضمن وضع قضية اغتيال الرئيس الحريري على سكة القضاء الدولي لكشف القتلة.
- إخراج الرئيس اللبناني اميل لحود من قصر بعبدا قبل خروجه هو من قصر الاليزيه. ومن هذه الخلفية تركز الاتصالات الفرنسية مع العواصم العربية على فكرة الانتخابات الرئاسية المبكرة، وعلى ان تكون محور المبادرة العربية والمدخل الطبيعي الى الحل.
إستياء بري ومبادرته
وعلى الصعيد المحلي اللبناني، كان رئيس مجلس النواب نبيه بري فاجأ الجميع بالتعبير عن تشاؤم حيال الوضع في لبنان ورسم صورة قاتمة محذراًً إزاء ما سيؤول اليه الوضع في حال استمر كما هو. لكنه عاد اليوم إلى إبداء الأمل في حل، ونقل عنه نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى عبد الأمير قبلان أنه سيخرج مبادرته الموعودة من الثلاجة. وكان لقاء بعيد عن الأضواء جمع السفير السعودي عبد العزيز خوجه والرئيس بري والنائب علي حسن خليل استمر نحو ثلاث ساعات وحمل خلاله السفير السعودي اقتراحات محددة الى قيادتي حركة quot;أملquot; وquot;حزب اللهquot; حول موضوعي الحكومة والمحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة قتلة الرئيس رفيق الحريري، على ان يلتقي السفير خوجة فريق الأكثرية ولا سيما النائب سعد الحريري بعد عودته اليوم الى بيروت.
وردت شخصيات قريبة من بري استياءه الشديد من الحكومة وقوى الغالبية إلى شعور الرجل بأن تحولا طرأ على موقف الأكثرية منه. هذا الموقف تدرّج من كيل المديح له والثناء على دوره المبادر والحواري إلى إقامة هدنة معه وإبداء التفهم لظروفه التي تملي عليه سياسة خاصة، ليصل حالياً الى مهاجمته وجعله هدفا رئيسا من أهداف الأكثرية، ما يعني ان فريق 14 آذار/مارس يتجه الى التخلي نهائيا عن رهانات موجودة بفك ارتباط بين بري وquot;حزب اللهquot; والتمييز بينهما، والى قطع حبل الود مع رئيس المجلس والاعتراض على مواقفه وطريقة إدارته للأمور، وكذلك الى تحميله مسؤولية ما أصاب مجلس النواب من شلل وجمود. بما في ذلك اتهام الرئيس بري باستجابة ضغوط سورية من أجل تعطيل مجلس النواب وعدم إقرار المحكمة الدولية وعدم القيام بدوره كرئيس للبرلمان في ادارة مناقشة سياسية ودستورية تشارك فيها كل الكتل البرلمانية.
ويجيء فوق ذلك ما اعتبره بري quot;انقضاضquot; فريق 14 آذار/مارس على المبادرة التي طرحها لتكون رديفة للمبادرة العربية ودعما لها، بعدما تأكد له ان جهود الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى وصلت الى طريق مسدود وتدور في حلقة مفرغة. ويتهم بري الأكثرية بأنها عملت على إحباط مبادرته القائمة على تشكيل حكومة أقطاب حتى قبل ان تعرف مضمونها، وصولاً إلى القول: quot;ربما فعلوا ذلك لأنهم شعروا ان شيئا ما يحصل من دون علمهم خصوصا مع زيارة وفد حزب الله الى السعودية، فخافوا وأطلقوا النار على المبادرةquot;.
ويحمل الرئيس بري الرئيس فؤاد السنيورة المسؤولية أكثر من غيره، عما يعتبره تعطيلاً للمجلس الدستوري، ومصادرة صلاحيات رئيس الجمهورية، ونقل الخلاف مع الرئيس اميل لحود من حالة الخصومة الى حالة العداء والقطيعة ما أدى الى تعطيل عمل السلطة التنفيذية، وعدم تعيين وزراء بدلاء من الوزراء المستقيلين، واستمرار الحكومة في عملها كأن شيئا لم يكن quot;رغم فقدانها للشرعية ومخالفتها للميثاق الوطنيquot; في رأي رئيس البرلمان، اضافة الى العزف على وتر المذهبية ومحاولات إظهار ان الشيعة معارضون للمحكمة الدولية، والمس بأسس التوازنات التي أرساها اتفاق الطائف وبصلاحيات ودور رئاسة المجلس مع فكرة عقد جلسة نيابية برئاسة نائبه.
ويركز الرئيس بري في حملته الشديدة على رئيس حزب quot;القوات اللبنانيةquot; سمير جعجع، من دون ان يسميه مستغربا quot;مفاخرتهquot; بإسقاط الاتفاق الذي تم بين الرئيس بري والنائب الحريري. وانتقد بشدة دعوة quot;أحدهمquot; ، قاصدا جعجع ، المعارضة بلهجة التحدي الى إعلان الإضراب العام لاثبات قوتها، كاشفا ان المعارضة كانت تفكر جديا باعلان الاضراب العام، لكنه (بري) رفض ذلك بالقول: quot;ماذا لو شاهد متحمس من أنصار المعارضة متجرا مفتوحا وتعرض لصاحبه بأي شيء، من ضربة كف الى اصبع ديناميت؟ فليس الجميع ملائكةquot;. لكنه أشار الى quot;ان الاضراب العام خيار مفتوح، وسنصل اليه في نهاية المطافquot;.
كذلك نقل عن بري قوله: quot;هل ثمة إدراك لخطورة هذا الكلام.. الاضراب العام يعني 6 أيار جديدة، وبعد ذلك على البلد السلام؟quot;.والواقع إن الوضع اللبناني يبدو في حال سباق متجدد بين التسوية والتصعيد، ويمكن القول ان الفترة الفاصلة عن quot;باريس ـ 3quot; هي فترة متاحة للتسويات ولن يحصل تصعيد من شأنه التأثير في عملية انعقاد هذا المؤتمر ومناخاته، وثمة تعهدات من حزب الله الى السعوديين في هذا المجال... ولكن الفترة التي تلي باريس ـ 3 وفي حال لم تنجح جهود التسوية، سوف تشهد تصعيدا سريع الوتيرة وشديد الوطأة الى حد انه سيطيح ما تبقى من quot;استقرار سياسيquot; ويجعل quot;الاستقرار الأمنيquot; مهددا للمرة الأولى منذ تفجر الأزمة والنزول الى الشارع.
التعليقات