والله زمان يا سلاحي.. عودة الشعر لساحة المعارضة
حركة (كفاية) المصرية تنظم مهرجانًا شعريًا إحتجاجيًا

نبيل شرف الدين من القاهرة:
طيلة عقد السبعينات من القرن المنصرم شكل الشعر التحريضي دورًا فاعلاً في فعاليات الحركات الإحتجاجية في مصر، حين كان زمامها بيد اليسار على اختلاف تنويعاته القومية والماركسية، فأدى الثنائي الشهير أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام عيسى دورًا في إشعال مشاعر الطلاب ضد سياسات الرئيس المصري الراحل أنور السادات، وهو الأمر الذي طالما أزعج السادات حينها فحدث ربما لأول مرة في تاريخ مصر أن وجهت إلى شعراء اتهامات بكتابة قصائد مناوئة، وحبس بعضهم بهذه التهمة، ومنهم أحمد فؤاد نجم.
وبعد تراجع مكانة اليسار جماهيريًا تقلص دور الشعر والغناء والفنون عمومًا في هذا المضمار، خاصة وأن التيار الإسلامي الآن هو من يتبوأ المكانة الأكثر تأثيرًا في الشارع المصري، ومن المعلوم أن هذا التيار يتحفظ على الغناء ويضع قيودًا على الفنون تكفي لتحويلها إلى مجرد quot;خطب منبريةquot;، ومن ثم فقد تراجعت الفنون لصالح الخطابة، وانزوى المسرح الشعبي والطلابي ليبرز دور المنابر والخطباء.
غير أن هناك من لا يزال يراهن على تأثير الفنون الواسع في مخاطبة الجماهير، ومن بين هؤلاء نفر من قادة الحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية) المعارضة للنظام الحاكم في مصر، والتي تنظم مساء الأربعاء بقاعة نقابة المحامين المصريين، وتحت شعار quot;والله زمان يا سلاحيquot;، مهرجانها الشعري الاحتجاجي الأول في الذكري الثالثة لأول مظاهرة لها بعد سلسلة من مظاهرات الاحتجاج السلمية تحت شعار quot;لا للتمديد... لا للتوريثquot;، في إشارة إلى الرئيس المصري حسني مبارك (79 عامًا)، الذي يحكم مصر منذ عام 1981 وابنه جمال الذي يتردد على نحو واسع أنه يتأهب لوراثة والده في حكم البلاد.
وقال بيان الحركة إن شعراء مصريين منهم الشاعر الشعبي الشهير أحمد فؤاد نجم، وسيد حجاب وسمير عبد الباقي وحسن طلب إضافة إلى عدد من الشعراء الشبان، سيلقون قصائد في هذا المهرجان الذي سيتضمن أيضًا مقطوعات غنائية بمشاركة فرقة (حبايبنا)، التي تضم عددًا من الفنانين الشباب.
كفاية والتوريث
وتأسست حركة (كفاية) نهاية العام 2004، مطالبة بإنهاء حكم الرئيس المصري حسني مبارك المستمر منذ 26 عامًا، وبدأت بعضوية نحو ألفي ناشط، وتضم بين صفوفها صحافيين ومثقفين ونقابيين وناشطين من مشارب شتى، تتراوح بين اليسار الناصري والماركسي، إضافة إلى عدد من الليبراليين وبعض الوجوه المحسوبة على التيار الإسلامي، وتدعو الحركة إلى إصلاح سياسي ودستوري شامل، quot;يضعه أبناء مصر قبل أن يزايد البعض به عليهم تحت أي مسمىquot;، وتدعو إلى مبادئ عامة موضع اتفاق الجميع، يتصدرها التداول الفعلي للسلطة بكل مستوياتها، وإعلاء القانون واستقلال القضاء واحترام أحكامه، والالتزام بتكافؤ الفرص بين المواطنين، وإنهاء احتكار الثروة والسلطة.
وأعلنت الحركة منذ البداية شعار quot;لا للتجديد (للرئيس حسني مبارك) لا للتوريث (لابنه جمال)quot;، إلا أن أنشطة الحركة تقلصت على نحو واضح خلال الشهور الماضية، ويرى بعض نشطائها ومؤسسيها أن دورها انتهى عمليًا في تحريك الشارع، ودفع أصحاب المظالم إلى البوح والصراخ بها، مشيرين إلى أنها ليست حزبًا ولا جماعة أيديولوجية، بل هي مجرد quot;مظلة احتجاجيةquot; يصح أن تكون نواة لحركات أكثر تنظيمًا وتحركها أجندة سياسية أكثر تناغمًا بين أعضائها، خلافًا لحركة quot;كفايةquot; التي تجمع فرقاء من مشارب شتى لا يجمع بينهم سوى الاعتراض على ممارسات النظام الحاكم، وتمديد الرئاسة إلى ما لانهاية وتهيئة المسرح السياسي لما يسمونه توريث السلطة.
غير أن فريقًا آخر يؤكد أن الحركة لن يصيبها الوهن والضعف، وأنها سوف تستمر في فعالياتها، لأنها تعبر عن حركة وطنية، ونفوا أن تكون الانقسامات قد أصابت الحركة أو أنها مخترقة بالشكل الذي قد يهدد نشاطها وفعالياتها، وأشاروا إلى أن quot;كفايةquot; دائمة التقييم من الداخل وأنها تؤمن بالديمقراطية والتداول السلمي على السلطة، وهو ما يفسر تخلي مجموعة عن قيادتها وتسليمها لقيادة أخرى.