عراق 2007 .. نواب ولاعبون ( 2 من 2)
نواب هاربون من مسؤولياتهم وكرويون موحدون لشعبهم

الاميركيون سلحوها والشيعة عارضوها والقاعديون استباحوا دماها
أسامة مهدي من لندن: حظيت اجتماعات مجلس النواب العراقي بنقاشات واسعة على المستويين الرسمي والشعبي حيث تنقل قنوات عراقية هذه الجلسات بشكل مباشر مع كل ما تتضمنه من مشاحنات تصل الى كلمات نابية ومشادات كلامية .

ولعل اخطر ظاهرة واجهت نشاط المجلس المعروض عليه العشرات من القوانين المهمة والمصيرية المطلوب منه مناقشتها واقرارها هي حالات الغياب الواسعة للنواب عن هذه الجلسات الامر الذي عطل الكثير من جلساتها وحال دون انعقادها .ويقول عضو برلماني تحدثت معه quot; إيلاف quot; في وقت سابق إن الضعف في أداء مجلس النواب يعود الى طريقة انتخاب اعضائه بطريقة القوائم العامة وليس المنفردة مؤكدا ان معظم الناخبين اختاروا نوابا لايعرفون عنهم شيئا كما ان هؤلاء لايعرفون متطلبات المناطق التي انتخبوا منها . واشار النائب الى انه قد انتخب عن مدينة جنوبية لم يزرها في حياته الا مرتين .

وقد سعت رئاسة المجلس الى مواجهة ظاهرة غياب النواب هذه بوسائل عدة بدأت باقتراح فصل النائب في حالة عدم حضوره لعدد من الجلسات المتفق عليها ثم تحول الى عقوبات مادية . ولعله من السخرية ان تقوم سكرتارية المجلس في بداية كل جلسة خلال الاشهر الستة الاخيرة بقراءة أسماء النواب المتغيبين .. ثم تحول النقل المباشر لجلسات المجلس الى نقل مسجل تقوم به الدائرة الاعلامية للمجلس لحذف اي مواجهات بين النواب بذريعة انها تؤثر سلبافي الشارع السياسي العراقي وتزيد من احتقانه . وما زاد من عرقلة اعمال المجلس هو وجود عدد من النواب ومنهم قادة كتل سياسية خارج العراق باستمرار ولايحضرون الجلسات الا في ما ندر بينما لم يحضر عدد من القادة الا جلسة واحدة للمجلس .

وما زاد من تعقيد عمل البرلمان هو التصريحات والمواقف quot;الناريةquot; لرئيسه محمود المشهداني الذي ينتمي الى جبهة التوافق السنية والذي عرف بصراحته التي تصل احيانا الى خدش المشاعر وكذلك عفويته في التعبير عن ارائه والتي تتضمن احيانا كلمت نابية ما ادى الى ازمة حادة كادت أن تطيح برأسه لكن تفاهمات سياسية للترضية حالت دون ذلك .

وخلال الصيف الماضي ضغطت الادارة الاميركية من اجل إلغاء عطلة مجلس النواب الصيفية وألحت على تشريع قوانين تطالب بإقرارها لتحريك الركود السياسي لكن المجلس ضرب هذه المطالبات التي شارك فيها الرئيس الاميركي جورج بوش نفسه بعرض الحائط وتمتع الاعضاء بعطلتهم فعلا .

ويعيب العراقيون على اعضاء مجلس النواب البحث عن امتيازات كثيرة يقولون انها اكثر مما يستحقونها اخذينفي الاعتبار الاداء الضعيف لاعضائها .

فقد طرح نواب خلال الصيف الماضي مشروعا يمنح رئيس المجلس ونائبيه وأعضائه امتيازات ضخمة تقر باعتبار درجاتهم الوظيفية موازية لمناصب رئيس جمهورية ورئيس وزراء ومنحهم وأفراد أسرهم جوازات سفر دبلوماسية دائمة . كما يمنح المشروع الرئيس ونائبيه والنواب البالغ عددهم 275 عضوًا إنتخبوا أواخر عام 2005 إمتيازات ومكاسب تنص على أن يتمتع رئيس مجلس النواب بدرجة رئيس الجمهورية فيما يحصل نائباه على درجة نائبي رئيس الجمهورية بينما يكون عضو مجلس النواب بدرجة رئيس وزراء ويمنح الجميع كافة الحقوق والإمتيازات المخصصة لهذه الدرجات.

ويشير المشروع في إحدى مواده إلى أنه يبقى لرئيس مجلس النواب ونائبيه وأعضاء المجلس بعد انتهاء دورة المجلس نصف ما كانوا يتمتعون به من حراس بكامل رواتبهم ومخصصاتهم والنصف الآخر منهم يعينون على ملاك وزارة الدفاع .. ويخصص للعضو وحدة سكنية ويجوز له البقاء فيها مدة أربع سنوات بعد تقاعده كما يخصص له مبلغ قدره ثلاثة ملايين دينار عراقي شهريًا كمنافع إجتماعية.

لكن رئاسة المجلس وفي مواجهة الاستياء الشعبي الواسع ازاء هذا المشروع سارعت الى الاعلان عن سحبه . وقالت في بيان إن المشروع قدم إليها من قبل مجموعة من أعضاء المجلس وبعد مناقشته داخل قبة البرلمان رفضت هيئة رئاسة المجلس وعدد كبير من النواب بعض فقراته لعدم واقعيتها. وأضافت أنه تم الاتفاق بعد ذلك على إدخال تعديلات على المشروع قبل طرحه مجددًا للمناقشة وتشكيل لجنة مشتركة بين الرئاسات الثلاث (رئاسة مجلس النواب ورئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء) لإعداد مشروع قانون موحد في هذا المجال .

وخلال فصله التشريعي الحالي فإنه كان من المفترض مناقشة وإقرار عدد من القوانين المهمة التي تتعلق بمستقبل العملية السياسية والتحالفات بين الكتل السياسية . لكن المجلس تمتع بعطلة نهاية العام من دون إنجاز ذلك مؤجلا ما ينتظره العراقيون من النواب الى شهر شباط (فبراير) المقبل حين يلتئم جمع النواب في فصل تشريعي جديد .

ثم كانت الطامة الكبرى في عمل مجلس النواب حين ادى سفر 80 عضوا يمثلون ربع مجموع الاعضاء الى مكة المكرمة مؤخرا لأداء فريضة الحج ما ادى الى توقف جلساته .

وفي اخر جلسة انعقدت مطلع الشهر الحالي لم يحضر من مجموع النواب البالغ 375 نائبا سوى 160 نائبا الامر الذي دعا مسؤولين اميركيين الى التعبير عن خيبة املهم من الجهود التي تقوم بها حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي في تحقيق المصالحة الوطنية. وتعتبر واشنطن إقرار مشروعي قانوني النفط وquot;المساءلة والعدالةquot; الذي يسمح بعودة مئات من عناصر حزب البعث السابق لوظائف حكومية أحد المعايير الثمانية عشر لتقدم الحكومة نحو هذه المصالحة. وقال وزير الدفاع الاميركي روبرتس غيتس في زيارته المفاجئة لبغداد مؤخرا انه حض المسؤولين العراقيين على اغتنام فرصة تحسن الاوضاع الامنية لتحقيق المصالحة .

وتضغط واشنطن على الحكومة العراقية لتسرع في تمرير القوانين التي ما زال بعضها ينتظر التصويت منذ اكثر من عام. ومنها قانون النفط والغاز الذي سيفتح عنند اقراره المجال امام الشركات الاجنبية للاستثمار في القطاع النفطي العراقي كما ستوزع بموجبه حصص العائدات النفطية بين 18 محافظة عراقية. اما قانون المساءلة والعدالة البديل لقانون اجتثاث البعث الذي تمت قراءته بشكل اولي في البرلمان، فتتيح لبعض اعضاء حزب البعث المنحل من المراتب المتوسطة فرصة الرجوع الى الحياة العامة. كما ان موازنة العام 2008 بانتظار المصادقة لمباشرة عمليات الاعمار وتقديم الخدمات الى المواطنين .. يضاف الى ذلك قانون المحافظات الجديد وانتخاب مجالس محافظاتها التي تتصارع على عضويتها مختلف القوى السياسية .

وحول تعطل اعمال مجلس النواب والاضرار التي سببها للعملية التشريعية يقول عباس البياتي النائب عن الائتلاف الشيعي (83 مقعدا) ان quot;هناك قانوني النفط والمساءلة واهم منهما قانون الموازنة تنتظر اكتمال نصاب الجلسات. لكن الغيابات وسفر النواب بهذا الحجم الكبير اضر بمصالح العراقيينquot;. واضاف ان quot;كل من اسهم بهذا التعطل يتحمل مسؤوليةquot; متسائلا quot;ذهب سبعون شخصا للحج فاين ال205 نواب الاخرين؟ واذا كان خمسون منهم غائبين بعذر فاين الباقون؟ ظاهرة الغياب سلبية وزاد الطين بلة ذهاب عدد كبير من الاعضاء الى الحجquot;.

اما النائب عدنان الدليمي رئيس جبهة التوافق السنية (44 مقعدا) فقال في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية quot;كنا نأمل من اخوتنا ان يبقوا في بغداد لمناقشة قوانين مهمةquot; مؤكدا ان quot;سفرهم يعد تقصيراquot;.
وقال quot;بدلا من ان تقوم الحكومة بإصدار عفو عن المعتقلين قبل عيد الاضحى او الابقاء على الحصة التموينية على حالها دون خفضها فإنها قد عطلت مناقشة قوانين مهمة كالمساءلة والموازنة عن طريق سماحها للنواب بالسفرquot;. واضاف quot;كان ينبغي على رئاسة مجلس النواب منع الاعضاء من السفر لان هذا الوقت غير مناسب للسفر سواء كان للحج او لغيرهquot;.

من جانبه اشار النائب حسن السنيد عن الائتلاف الشيعي الحاكم الى ان سفر النواب quot;هروب جماعي من المسؤوليةquot;. واضاف ان quot;الكتل السياسية في البرلمان اغلقت الجلسات بصورة متعمدة في وقت توجب عليها مناقشة الكثير من القوانين المهمة والاستراتيجية وسيكلف هذا الهروب الجماعي من المسؤولية العملية السياسية كثيراquot;. ولاحظ ان quot;هيئة الحج حرمت العراقيين من بعض حقوقهم عندما اعطت لكل نائب الحق في إرسال شخصين الى الحج خارج القرعة المعتمدة وهذه مخالفة قانونية واداريةquot;.

اما عزة الشابندر عضو مجلس النواب والمتحدث الرسمي باسم القائمة العراقية الوطنية التي يترأسها اياد علاوي (25 مقعدا) فقد اشار الى ان تمتع ربع الاعضاء بإجازة الحج يعبر عن مستوى شعور اعضاء المجلس النواب ازاء قضايا البلد من جهة وعن سوء العلاقة بين البرلمان والسلطة التنفيذية quot;الحكومةquot;.

وأضاف ان laquo;مجلس النواب عقد على مدى الاسبوعين الماضيين اجتماعات يومية بخلاف عادته في عقد ثلاثة اجتماعات اسبوعيا من دون ان يناقش أي قانون او يصادق على أي مشروع مقدم من قبل الحكومة وفوت على نوري المالكي رئيس الحكومة الكثير من القوانين والقرارات التي كان ينتظرها وفي مقدمتها موازنة الدولة والمصادقة على تعيين وزيرين اختارهما المالكي منذ اكثر من شهرين وهذا يعكس الصورة السيئة للعلاقة بين البرلمان والحكومة .. مؤكدا ان المتضرر الوحيد من هذه الاجراءات هو الشعب العراقي.

وقد دفع هذا الاداء السيئ لمجلس النواب الى ارتفاع الاصوات شعبيا وسياسيا لتغيير النظام الانتخابي الحالي من خلال تشريع قانون يعتمد القوائم الفردية والتصويت للأفراد وليس على أساس القوائم كما حدث في الانتخابات السابقة . كما تزداد المطالبات بإجراء انتخابات مبكرة تساهم في إيجاد مجلس نواب يعكس تمثيلا عادلا لجميع مناطق العراق وليس نوابا لايعرفون شيئا عن المناطق التي يمثلونها ولايعرف عنهم شيئا ايضا ناس هذه المناطق الذين قاموا بانتخابهم .

اسود الرافدين وحدوا بلدهم ضد الطائفية والعرقية والخلافات السياسية
من وسط احزان العراقيين واشلاء ضحاياهم وبقايا مفخخات ارهابهم وفي خضم الخلافات التي تعصف بقواهم السياسية ومحاولات بث الفرقة الطائفية بينهم استطاع منتخب العراق الكروي ان يؤكد للعالم ان رغبة الحياة لدى العراقيين ما زال قلبها نابضا وان وحدتهم فوق كل اعتبارات تقسيمية وذلك حين حقق لاعبوه من مختلف خلفياتهم المناطقية وانتماءاتهم الطائفية والعرقية فوزا كبيرا هو الاول من نوعه في تاريخ العراق بالتتويج على قمة بطولة آسيا لكرة القدم للعام 2007 .

فقد اثبت هذا الفوز الكبير ان بامكان العراقيين توحيد صفوفهم وتوجيه رسالة واضحة الى العالم مفادها انه quot;ثمة عراق واحد .. عراق يمثل كل الطوائف والقومياتquot; كما قال اللاعب اكرم نشأت لاعب وسط المنتخب . واضاف quot;في منتخبنا العراقي لعبنا متحدين ولم نفرق بين اللاعبين على اساس الطوائف والمعتقدات وهذا ما يجب ان يكون الحال عليه بالنسبة إلى العراقquot;.

فما ان انتهت مباراة المنتخبين العراقي والسعودي بفوز الاول بهدف واحد مقابل لاشيء على ملعب البطولة في العاصمة الاندونيسية جاكارتا في تموز (يوليو) الماضي حتى اندفع مئات الاف العراقيين الى الشوارع للاحتفال بفوز فريقهم وحيث دوت اصوات طلقات الرصاص احتفالا فيما تجمع المحتفلون في مختلف المدن العراقية وهم يحملون العلم العراقي وصور نجوم فريقهم .

وكانت السلطات العراقية قد فرضت حظرا على سير السيارات في بغداد من الساعة الرابعة عصرا بالتوقيت المحلي اي قبل موعد انطلاق المباراة في جاكارتا بنصف ساعة وحتى الساعة السادسة من صباح اليوم التالي الاثنين بهدف منع اي هجمات تستهدف المحتفلين حيث كان هجومان بسيارتين مفخختين استهدفا عراقيين يحتفلون بفوز فريقهم على فريق كوريا الجنوبية في الدور قبل النهائي من البطولة قد اسفر عن مقتل خمسين شخصا على الاقل.
وفي جاكارتا حيث اقيمت المباراة اندفع آلاف العراقيين عقب انتهائها الى الشوارع وهم يحملون اعلام بلادهم وسط تعاطف وتأييد واضح من جانب الاندونيسيين.

وقالت لوسي ويليامسون مراسلة quot;بي بي سيquot; ان التأييد للفريق العراقي من جانب الاندونيسيين في استاد جاكارتا كان واسعا نظرا إلى الصعوبات التي واجهها الفريق في التدريب والعنف المستمر داخل العراق. واضافت ان الفريق اراد منح العراقيين مكسبا يحتفلون به وقد تحقق له ما اراد.

وجاء فوز المنتخب العراقي بكأس أمم آسيا بنتائج كبيرة على مستوى وحدة العراقيين الحقيقية وتمسكهم بكل إنجاز عراقي يرفع علم البلاد عالياً سواء على الصعيد المحلي أو العربي أو الدولي. فقد كانت هذه النتيجة محفزاً قوياً للحديث عن الوحدة الوطنية التي لاتقبل الجدال والتي أكدها الفرح العارم للعراقيين داخل الوطن وخارجه والتفافهم تحت راية وطنهم وهم يعلنون فرحتهم بهذا الفوز الرياضي الذي ربما لم يكن يأخذ هذا الاهتمام في السابق ولكنه اصبح اليوم في الصدارة.

وقد شكلت المشاركة العربية على مستوى الجمهور أو الإعلام واضحة وقوية مؤكدة وحدة العراقيين وداعية السياسيين العراقيين الى أخذ العبرة مما حققه الرياضيون بفوزهم بعد أن لعبوا بروح الفريق الواحد الذي يناضل ليهدي فوزه الى كل العراقيين.. وان يقتدي هؤلاء السياسيون بالرياضيين في العمل كفريق واحد وصولاً الى تحقيق أهداف مواطنيهم في الوحدة الوطنية.

وفي مشهد رائع عاش العراقيون فرحة غابت عنهم طويلا حيث جلس أبطال العراق لكرة القدم على منصة التتويج فكانت الصورة مبهجة والفرح يفوق الوصف وكان هذا المشهد مختلفاً عن كل المشاهد التي عاشها العراق خلال السنوات الاربع الأخيرة. فقد كان العراقيون ومحبوهم يتطلعون إلى صورة أخرى تمحو ما يعلق في ذاكرتهم اليومية عن العراق من اضطراب وعنف واقتتال وحشي ومجازر بشرية لاتفرق بين النساء والأطفال والشباب والشيوخ .

ودعا هداف منتخب العراق وقائده يونس محمود الولايات المتحدة الى سحب قواتها من العراق مؤكداً انه لن يعود الى بلاده في الوقت الحالي خشية تصفيته أو ايذائه . وقال في تصريحات في جاكرتا ان الشعب العراقي سوف يتفهم الدافع وراء عدم رجوعه الى بلاده عقب انتهاء مباريات كأس الأمم الأسيوية. وأكد أن بقاء قوات الاحتلال الأميركي في العراق يعد مشكلة كبرى معرباً عن أمله في أن ينتهي الاحتلال في بلاده في أسرع وقت .

وأكد أنه وزملاؤه يهدون الفوز للشعب العراقي الذي يعاني نزيف الدم بشكل يومي مشدداً على أن جميع زملائه كانوا على مستوى المسؤولية رغم الصعوبات البالغة التي واجهت المنتخب العراقي في مرحلة الإعداد للبطولة. وأضاف أن فوز المنتخب الذي يضم لاعبين ينتمون الى جميع الطوائف العراقية في البطولة يعد رسالة قوية للعالم بأسره مفادها أن الشعب العراقي يكره الحرب ويمكنه التعايش بانسجام وسلام مع الشعوب الأخرى.

ومن جهته قال سيب بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم quot;الفيفاquot; الذي حضر المباراة مشيدا بالفريق العراقي إن الإنجاز الذي حققه يوضح أن كرة القدم لها قدرة كبيرة على توحيد الناس على قلب رجل واحد. واضاف في مؤتمر صحافي ان quot;هذا الفوز يؤكد أن كرة القدم تعزز المشاعر الوطنية لأولئك الذين يعانون كثيراً quot;.

وأصبحت مسيرة المنتخب العراقي مثار إعجاب الشارع الرياضي في العالم بأسره ما جعل كأس الأمم الآسيوية تدخل بؤرة اهتمام وسائل الإعلام الأميركية التي اهتمت بالنجاحات غير المتوقعة للفريق العراقي. وتركز معظم الاهتمام على تأثير النجاحات التي حققها الفريق في البطولة على العراق وكيف أن كرة القدم وحدت الناس في دولة تعاني العنف الطائفي حيث يتكون الفريق من لاعبين شيعة وسنة وأكراد ويقوده المدرب البرازيلي جورفان فييرا لكن السياسة لم تعرف طريقاً الى الفريق.

ومن دون شك فقد استحق المنتخب العراقي اللقب لأنه قدم عروضاً بشكل عام جيدة وفرض نفسه على البطولة لتؤكد الكرة العراقية أنها دائماً ولادة وتستطيع أن تنجب المواهب رغم كل الظروف القاسية التي مرت بها وتمر بها بلاد الرافدين. وقدم الرئيس العراقي جلال طالباني تهانيه لبعثة المنتخب العراقي في جاكرتا .. واكد في اتصال هاتفي أجراه بالبعثة منح مكافآت مالية للاعبين بلغت 10 آلاف دولار لكل لاعب بجانب 20 الف دولار لقائد المنتخب وهدافه يونس محمود والذي خطف هدف الفوز في المباراة النهائية ضد السعودية. وأشاد طالباني بالجهود التي بذلها اللاعبون وأعرب عن سعادته بهذا الفوز الكبير وقال quot;لقد حمل اللاعبون في المباراة الكثير من معاني الرجولة والبسالة والعنفوان واستجابوا لنداء الوطنquot;. كما احتفى بالمنتخب لدى عودته الى بغداد رئيس الوزراء نوري المالكي في حفل خاص منح خلاله كل واحد من اعضائه 10 الاف دولار .. في حين قرر مجلس النواب منح كل لاعب قطعة ارض سكنية .

وهذه المرة الأولى التي يتوج فيها المنتخب العراقي باللقب الآسيوي وكان أفضل مركز له في البطولة هو حصوله على المركز الرابع عام 1976.

ولم يكن غريبا ان تظهر الصحف العربية من مشرق الوطن العربي الى مغربه وهي تحمل عناوين رئيسة مثل : quot;السني والشيعي والكردي تحت حلم واحدquot; .. وquot;اللقب الآسيوي وحد شعب العراقquot;.. وquot;الكرة أصلحت ما أفسدته السياسةquot; .. و quot;أسود الفرات ضربوا مثلاً رائعاً للصمود والتصدي quot; .

ثم توج المنتخب العراقي عام انجازه الكبير 2007 بفوزه مؤخرا بلقب quot;أفضل فريقquot; لكرة القدم في العالم في الاستطلاع الذي تجريه مجلة quot;ورلد سوكرquot; البريطانية سنوياً
وفوز quot;أسود الرافدينquot; باللقب لم يكن بسبب فوزه ببطولة كأس الأمم الآسيوية في تموز الماضي فحسب وإنما بسبب مشواره البطولي في ظل ظروف الحرب ودائرة العنف الطائفي التي تمزق العراقيين.

وهذا اللقب ليس الأول في تاريخ العراق فقط وإنما الأول الذي يختار فيه قراء المجلة البريطانية فريقا آسيويا للفوز بلقب quot;أفضل فريقquot; على مستوى العالم متقدماً على منتخبي البرازيل والأرجنتين بالإضافة إلى العديد من الفرق الكبيرة من أوروبا وأميركا الجنوبية.

وقد حصل المنتخب العراقي على نسبة تصل إلى 22.2 في المئة من إجمالي أصوات المشاركين في استطلاع الرأي الذي أجرته مجلة quot;ورلد سوكرquot; بين قرائها في أكثر من 48 بلدا .

لقد كان الانجاز العراقي الذي شهده عام 2007 مثيرا حقا وحيث إن منتخب العراق الكروي بجميع طوائفه من الشيعة والسنة والأكراد توحد نحو تحقيق هدف واحد منذ بداية البطولة رغم المشاكل والأزمات التي حاصرت الفريق الذي لم يستعد للبطولة بالشكل المناسب .. ولكن بالروح والإصرار نجح لاعبو العراق في إعادة البسمة للجماهير العراقية وهو الهدف الذي سعى اليه الجميع داخل الفريق بداية من الجهاز الفني بقيادة البرازيلي فييرا واللاعبين المحترفين الذين فضلوا منتخب بلادهم رغم اغراءات الأندية الأوروبية لهم بالخضوع لاختبارات قبل البطولة فحققوا انجازا سيبقى العراقيون يتحدثون عنه طويلا ويسجله تاريخ العراق الرياضي والوطني بالفخر والاعتزاز.