دبلوماسي فلسطيني يحذر من التدخلات الخاريجية
عدوان لـإيلاف: نجاح حكومة الوحدة مرهون بالاستقرار

سمية درويش من غزة: قال عبد الجواد عدوان دبلوماسي ومحلل سياسي فلسطيني بالقارة السمراء في مقابلة خاصة مع quot;إيلافquot; ، ان نجاح أي حكومة فلسطينية سواء كانت حكومة متعددة الأطياف السياسة ، أو ذات لون واحد مرتبط بالاستقرار الاقتصادي والأمني. ولفت الدبلوماسي الفلسطيني ، إلى أن جهات خارجية قد تحاول إفشال هذه الحكومة من خلال ممارسة ضغوط على أطراف عربية ومحلية ، مشددا على ضرورة القيام بحملة دبلوماسية مكثفة من اجل فضح المخططات الإسرائيلية لإلهاء العالم عن تجاوزاتها غير القانونية من محاولات تهويد القدس واستكمال بناء الجدار العنصري والهروب من استحقاقات التسوية .

وفي ما يلي نص المقابلة :

- عقب استلام إسماعيل هنية كتاب التكليف من رئيس السلطة لتشكيل حكومة جديدة ، ما هي برأيك عوامل نجاح حكومة الوحدة الوطنية ؟

نجاح أي حكومة سواء كانت حكومة متعددة الأطياف السياسة أو ذات لون واحد مرتبط باستقرار اقتصادي وامني والذي يؤسس لاستقرار سياسي ، واعتماد لغة الحوار للاتفاق والتوافق على الاختلافات في الرؤى من خلال اجتماعات بعيدة عن أعين الإعلام ، ويرتبط كل ذلك بضرورة توحيد الخطاب الإعلامي والتركيز والاهتمام بالقضايا المصيرية ، وفضح المخططات الإسرائيلية في محاولاتها لتهويد القدس واستكمال بناء جدار الفصل العنصري.

- لماذا تتحدث عن اجتماعات بعيده عن الإعلام ، هل الإعلام هو من يمنع توافق الأطراف المتناحرة وتشكيل حكومة وطنية ؟

إلى حين خروج الاتفاق للعلن ، حتى لا تتأثر مفاوضات الأطراف بالخبطات الإعلامية أو بغير المعنيين من نجوم الفضائيات.

- بالعودة لقمة مكة التي نجحت بتوحيد الفلسطينيين ، كيف تقراها ، وبرأيك هل ما خرجت به كافيا لوقف الاقتتال ومنع تكراره بالأراضي الفلسطينية؟

اتفاق مكة المكرمة يأخذ أهميته من اسمه ، بداية لما للمكان من قدسية والتي تعطي دلالة على صدق النوايا لطرفي الاتفاق للخروج من مأزق حقيقي كانت تمر به قضيتنا الوطنية ، ورغم الوجع الذي عشناه جميعا في الفترة الأخيرة إلا أن الاتفاق يشكل مدخلا ويؤسس لمرحلة جديدة للنظام السياسي الفلسطيني .

كما أن الاتفاق خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح ، وكان لابد ان يكون قبل تاريخه بكثير ولكن أن يأتي متأخرا خير من ان لا يأتي . وهذا الاتفاق جاء ليؤكد على بديهيات فلسطينية تم تجاهلها في وقت نحن بأمس الحاجة لتقديسها ألا وهي حرمة الدم الفلسطيني ووحدتنا الوطنية. كما أسس هذا الاتفاق لمبدأ الشراكة السياسية ونتمنى ان تكون على قاعدة الكفاءة وليس المحاصصة ، والتأكيد على اتفاق القاهرة بشأن إعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية وتصويب وتفعيل قدرات مؤسساتها انجازا إضافيا يبين حاجتنا للتأكيد على مبدأ الشراكة السياسية. وفي معرض حديثنا عن اتفاق مكة لا نجد بدا من ان نقدر دور المملكة العربية ممثلة بخادم الحرمين جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز وحكومته الرشيدة وشعب المملكة العربية الشقيق.

- هناك من يحكم على حكومة الوحدة بالفشل بعد أشهر ، كيف ترون ذلك ؟

قد لا يكون الفشل لحكومة الوحدة الوطنية ذاتيا ولن يكون طالما كان أبناؤها على أسس من الثقة المتبادلة وإبداء حسن النوايا مع الابتعاد عن التراشق الإعلامي وحل ما يشكل وجهات نظر متباينة بالحوار وليس بالتصريحات . وقد يشكل الدعم السياسي والدبلوماسي والمالي العربي كسرا للحصار خاصة مع تباين وجهات نظر الرباعية تجاه اتفاق مكة . من جهة أخرى قد تحاول جهات خارجية إفشال هذه الحكومة من خلال ممارسة ضغوط على أطراف عربية ومحلية ، ولن تكون إسرائيل بعيدة عن محاولة إفشال تلك الحكومة بشكل مباشر من خلال القيام باجتياحات عسكرية لمناطقنا الفلسطينية وكذلك الاستمرار في الامتناع عن دفع مستحقاتنا المالية المحجوزة لديها. وللقفز على هذه المحاولات لابد من القيام بحملة دبلوماسية مكثفة من اجل فضح المخططات الإسرائيلية لإلهاء العالم عن تجاوزاتها غير القانونية من محاولات تهويد القدس واستكمال بناء الجدار العنصري والهروب من استحقاقات التسوية.

- بالعودة لحرب الشوارع التي دارت في غزة ، برأيك هل هناك جهات خارجية تقف وراءها ، لاسيما وان هناك اتهامات متبادلة ، فهناك من يقول ان سوريا وإيران تلعبان بالساحة ، وآخر يرى بان أميركا وإسرائيل لها ضلع ؟

علمتنا التجارب أن هناك طرف خارجي يقف دائما خلف النزاعات الأهلية وقد يتبلور هذا الدور بشكل واضح في حالة استمرار تلك النزاعات لتأخذ شكل الحرب الأهلية . ولكن في حالتنا الفلسطينية لم ولن نصل إلى حرب أهلية شاملة مهما كانت الخلافات وأيا كانت التدخلات الخارجية ، حيث لا توجد عوامل داخلية تهيئ لحدوث حرب أهلية فليس بيننا طوائف او عرقيات مختلفة. والخلاف كان سياسيا بامتياز لذلك لا استطيع استبعاد حدوث ضغوطات خارجية ، ولكنها قد لا تكون وصلت للتدخل المباشر ، اما بالنسبة لإسرائيل فهي لاعب مباشر في الساحة الفلسطينية ولا تخفي رغبتها بحدوث اقتتال فلسطيني فلسطيني ، لذا قد تكون صاحبة دور مباشر او من خلال عملاء لها في محاولة لخلق صراع داخلي .

- في معرض الحديث عن اللاجئين الفلسطينيين بالعراق ، أنت ممن عمل على حل مشكلة عائلة فلسطينية ، برأيك ما هو الحل لباقي الأسر سواء أولئك الباقون بالعراق او العالقون على الحدود ؟

نعم لقد أوصلت صرخة الشابة سارة رشاد ياسين للمسؤولين بالحكومة اليمنية والذين استجابوا مشكورين لتلك الصرخة وها هي سارة وعائلتها يعودون لحياتهم الطبيعية في اليمن السعيد.

وليس على سبيل تصنيف أبناء شعبنا الفلسطيني بالعراق ، ولكن أرى ان يكون التركيز على مساعدة الكفاءات العلمية على الالتحاق بدول عربية تحتاج لخبراتهم ، وكذلك الطلاب الذين انقطعت دراستهم بالعراق لأسباب أمنية ، والتوجيه لوزارة الداخلية الفلسطينية لتسهيل إصدار جوازات سفر لمثل هذه الفئات برسوم رمزية أو حتى مجانية والتنسيق مع الجامعات العربية لاستيعاب هؤلاء الطلاب ومنحهم حصة من المنح كأبناء فلسطين في الداخل ، ودعوة مجلس الأمن ليوفر الحماية للاجئين الفلسطينيين بالعراق حيث تتحمل الأمم المتحدة واجبا رسميا وأخلاقيا في تسهيل حياة هؤلاء اللاجئين ماديا وامنيا .

وهم ليس اقل معاناة من أهل دافور ممن تصفهم وتصنفهم جمعيات دولية وإنسانية بأنهم quot;يتعرضون لإبادة quot; ولابد من تشكيل هيئات شعبية وندوات وفعاليات توضح معاناتهم والتضحية بهم في حرب هم ليسوا طرفا فيها وعلى الحكومة العراقية وقوات الاحتلال الأميركية توفير الحماية للاجئين الفلسطينيين بالعراق . أما بالنسبة للعالقين على الحدود نطلب من الدول المعنية إدخالهم لأراضيها بشكل حر ، وعدم احتجازهم في مخيمات معزولة ليتسنى لهم استكمال حياتهم الطبيعية في العمل والتعلم .

- يدور الحديث عن نقل اللاجئين لمناطق كردية بشمال العراق ؟

قد يكون الحديث عن نقلهم إلى مناطق كردية في شمال العراق حلا نظريا سهلا ، ولكنه قد لا يشكل حلا حقيقيا لاعتبارات لوجستية وقد يشكل لجوءا جديدا مع عدم ضمان عدم التعرض لهم أيضا. وارى ان حمايتهم في أماكن تواجدهم هي الحل الأفضل والأسهل لعدم زعزعة استقرارهم المؤقت حتى عودتهم لديارهم.

-بعد عام على حكومة حماس ، أين وصلت الدبلوماسية الفلسطينية وهل من مشاكل تواجهها بالخارج ؟

الدبلوماسية الفلسطينية هي جزء من منظومة العمل السياسي الفلسطيني ويرتبط أداؤها بأداء تلك المنظومة وينعكس على هذا الأداء وحدة المرجعية التي ترتبط بها السفارات الفلسطينية بالخارج ، والتي عانت حالة من الإرباك بسبب عدم وضوح الرؤيا لازدواجية التوجيهات وتعدد المرجعيات وتخاطف الصلاحيات ، رغم إقرار القانون الدبلوماسي الفلسطيني رقم 13 لسنة 2005 والذي عانى تطبيقه من شلل واضح إضافة للازمة المالية التي مرت وتمر بها سفاراتنا بالخارج نتيجة الحصار الظالم المفروض علينا وتلك الأزمة المالية أثرت على أداء العاملين بالسفارات وسببت لنا معاناة واحراجات كبيرة .

لذلك نرى أن العودة لتفعيل القانون الدبلوماسي الفلسطيني مع ولادة الحكومة الجديدة وإعادة تقييم العاملين بالسفارات ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب وتوحيد المسميات الوظيفية والرواتب قد يعطي دفعة معنوية ومادية كبيرة لإحياء الدور الفاعل للدبلوماسي الفلسطيني.

- كيف تقيم دور الطبقة المثقفة والإعلام الفلسطيني في خضم هذه الأحداث ، وهل يمكن ان يلعب دورا ايجابيا اكثر كالضغط على الفصائل لوقف التوتر ، أم أن له دور رئيسي في تعزيز الاحتقان بين فتح وحماس؟

برز دور الإعلام بشكل مؤثر على الجمهور ، وكان له الدور الأكبر في التأثير عليهم ، كالمواقع الالكترونية التي أتاحت فرصا لكثيرين من غير المتخصصين لتوجيه الرأي العام ، وللأسف ومن خلال المتابعة لم يكن دور المثقفين بارزا في هذا التوجيه الإعلامي الذي عم عليه دور إعلاميي الفصائل .

فكل فصيل كان يتمترس خلف وجهة نظر معينه لتسويق رأيه وتكريس صوابيته ، وبهذا لم يكن للإعلام الفلسطيني خاصة في الفترة الأخيرة دورا ايجابيا في درء الفتنه ، بل هناك كثيرون ممن كانوا يؤججونها.

- لو عرجنا بالحديث على الصومال ، لاسيما وأنكم علقتم هناك حين اندلعت الحرب الأهلية مع نهاية العام 90 ، كيف يمكن لهذا البلد الاستقرار في ظل التدخلات الإقليمية ؟

الحديث عن الصومال وبعيدا عن السياسة يثير في المشاعر .. مشاعر من الحزن على هذا البلد العربي النازف منذ 16 عاما ، حيث ان الصراع الدائر هناك مرتبط بأجندة إقليميه وخارجية في ظل غياب شبه كامل للدور العربي . في حين أن الصومال ذات أهمية استراتيجية كبيرة للأمن القومي العربي وفيها من الخيرات ومجالات الاستثمار ذات العوائد المرتفعة لو توفرت جدية حقيقية لدى المستثمرين العرب لإنعاش اقتصادها . وقد يسال سائل كيف يمكن القيام بالاستثمارات في هذا البلد في ظل عدم الاستقرار الأمني والسياسي ؟ ، نستطيع القول أن الفقر والحاجة هي اكبر عوامل عدم الاستقرار . ولا بد من أن تتوازى الحلول السياسية والأمنية مع التنمية الاقتصادية كي يتخلى حملة البنادق عن بنادقهم ويستبدلونها بـ(الفأس والمعول) ، فالصومال بحاجة إلى دعم عربي سياسي ومادي لملأ فراغ تشغله قوى إقليمية وخارجية غير عربية.