ترجمة: د. صلاح نيّوف
كاسترو يذكر بمطالبة كوبا الدائمة باستعادة قاعدة غوانتانامو |
وكما هو ظاهر، فإن الاحتضار البطيء هو سيناريو مفاجئ، و قد بينت إدارة الرئيس جورج بوش: أن فيديل أو راؤول، هما الشيء نفسه، هذا ما يتردد في واشنطن. ثلاثة عروض للحوار من قبل الأخ الثاني، الذي يلقب quot;كاسترو لايتquot;، رفضت مواربة. كما أن السياسة الكوبية للولايات المتحدة تبقى خاضعة لاعتبارات انتخابية داخلية، والخطر هو الإخفاق أو تضييع الفرصة لتحقيق تحول أو انتقال سلمي مرغوب من قبل معظم سكان الجزيرة الكوبية وبذلك سيزداد عدد المنفيين أو المهاجرين.
وبالنسبة إلى معظم الجناح المتشدد، فإن المتحدثين باسم الجالية الكوبية ـ الأميركية يمثلون أقل فأقل الأجيال الجديدة المهاجرة، التي ترغب في الحوار. واحدة من تناقضات المعادلة الكوبية أنهم يستمرون في خط السياسة المتصلبة للولايات المتحدة إزاء الجزيرة الشيوعية بينما واشنطن تحاور وتتاجر مع الصين أو مع فيتنام. وكما حال الكوبيين في الجزيرة، نرى الكوبيين ـ الأميركيين من الجيل الثاني والمنبثقين من العقدين الأخيرين مشبعين بالسياسة، ويأمل المهاجرون الجدد تعزيز الارتباط والاتصال مع عائلاتهم التي بقيت في كوبا من أجل تحسين أوضاعهم. ولكن إدارة الرئيس بوش قيدت أو صعبت من إمكانيات السفر وتحويل الأموال وذلك تحت ضغط الجناح quot; المتشددquot;.
يشار إلى أن عدم الاحترام لإتفاقية الهجرة التي فاوض عليها الرئيس السابق بل كلينتون، والتي تسمح بإعطاء 20000 فيزا سنويًا، خلقت أسبابًا أخرى للشقاق. وهذا ما ستستطيع خدمة الذريعة لموجة أخرى من المهاجرين، كما في عام 1980 أو في صيف 1994، إذ ان النزاع أو السخط ازداد سوءًا في الجزيرة الشيوعية. أوروبا، هي، ليس لديها حتى القليل من التخيل أو القدرة. وعلى الرغم من جهود إسبانيا، القوة الاستعمارية القديمة، والتي حافظت على علاقات قوية مع كوبا، المبادرات التي يمكن أن تساعد في تحول سلمي يصدم باستمرار الموقف الأميركي. الخارجون من العصر السوفياتي، الأعضاء الجدد من أوروبا الشرقية في الاتحاد الأوروبي يعطلون الدبلوماسية الإسبانية.
وبعد مضي عام على عمليته الأولى، يضعف الاحتمال بشكل تدريجي بأن يعود فيدل كاسترو( 81 عامًا)، إلى مهامه. وما زال quot; حارسquot; المعبد الثوري يجعل جهود التغيير صعبة جدًا. وحتى يضع أخاه الثاني ضمن الإطار ويحضره، وهو الوارث الرئيس، وقام بتسمية أعضاء القيادة الجماعية المكلفة بتسيير الأمور الحالية والمحافظة أو المتعهدة بالحفاظ على quot; الشعلة الأبديةquot; للثورة.
راؤول كاسترو من جهته، انتهز الفرصة في 26 حزيران/يونيو، العيد الرئيس في الروزنامة الثورية، من أجل وضع مخطط لما يمكن أن يكون التغيير ضمن الاستمرارية. وبعيدًا عن الخطابات المحلقة اللامتناهية لشقيقة البكر، والمحشوة والمزدحمة بإحصاء أمجاد الثورة، اختار راؤول كاسترو الاختصار والنقد الذاتي، على مسمع الحرمان الذي يعانيه الشعب الذي كرس ثلاثة أرباع دخوله الضعيفة للتحسين دون المتوسط وغير كافٍ، وتحدث عن quot; التغيرات البنيوية والمفهوميةquot;.
وقال الرئيس quot; الموقتquot; إن الهدف هو زيادة الإنتاج وخاصة رفع الإنتاجية للاقتصاد حيث الرواتب الهزيلة لا تحرض على العمل. ولم ينسَ بالتأكيد الاشارة الى أن هذه التغيرات ستكون quot; تدريجيةquot; ويجب ألا ننتظر منها نتائج فورية وإعجازية. إن برغماتية راؤول كاسترو تتقاطع مع مثالية شقيقه البكر، والتي لا تتوقف عن الاعتماد على التجييش والتعبئة، العمل الطوعي، الورع الثوري و quot;صراع الأفكارquot;.
الإعانات المالية من قبل quot; شافيزquot;
راؤول كاسترو يعرف أن حماية الاقتصاد في السنوات الأخيرة، بفضل البترودولار الفنزويلي، لا تحقق العصمة من الأخطار والتأثيرات المنحرفة. مساعدة الرئيس quot;شافيزquot; سمحت لفيدل كاسترو بالعودة إلى العديد من الإصلاحات التي كان قد تبناها في سنوات 1990 لمواجهة انهيار المعسكر الاشتراكي.
في ميامي، الاقتصاديون يقارنون مساعدات شافيز المالية برعاية العصر السوفياتي. فاكتشاف مصادر الطاقة حيث العديد من الشركات الأجنبية وقعت عقودًا للاستثمار، سيقلل من هذه التبعية الجديدة، التي تؤخر من عقلنة الاقتصاد الكوبي. يبقى أن نعرف إذا الاشتراكية الكوبية يمكن أن تكون قابلة للإصلاح، على الطريقة الصينية، أو الفيتنامية أو، كما يأمل العديد من المعتدلين، الذهاب باتجاه إصلاح له شكل الاجتماعي ـ الديمقراطي على الطريقة الكوبية والذي يحفظ quot; مكتسبات الثورةquot; في ما يتعلق بالصحة والتعليم. محامية متخصصة بقضايا quot; المثليينquot; الجنسيين وتغيير الجنس، quot; مارييلا كاستروquot;، ابنة راؤول، أعلنت وقوفها مع الإصلاح في مقابلتين مع الصحافة الإسبانية. من غير أن تتقلى زجرا من أبيها، أعلنت عن تفاؤلها بالإصلاح.
وإذا تأكد أن راؤول، وله من العمر 76 عامًا، مقتنع بضرورة عقلنة الاشتراكية الكوبية، عليه التصرف بمهارة ومن دون تضييع للوقت. لكن هل سيستطيع، من غير معارضة فيدل كاسترو، تلبية المتطلبات وإحتياجات المحرومين من الشعب والذين ضحوا كثيرًا منذ عقود ؟ بالانتظار، راؤول كاسترو يطرح، كما شقيقه، مدافعا عن quot; الثورة الأبديةquot; و عن quot; وحدة الشعبquot;. ضمن الرصانة الثورية، هذه quot; الوحدةquot; تعني رفض التعددية السياسية والسيطرة على الإعلام. إنها مبررة بالدفاع عن السيادة الوطنية، المهددة quot;بالعدوانية لإمبريالية الشمال ـ أميركيةquot;.
من هنا أهمية التغيير في موقف واشنطن، الذي يمكن أن ينتج عن انتخاب رئيس quot; ديمقراطيquot; في تشرين الثاني 2008. quot; باتريك أوباماquot; قال إنه جاهز للحوار مع راؤول كاسترو ومع هوجو شافيز. quot; هيلاري كلينتونquot; بقيت أكثر مراوغة. إنه لهم، الرئيس الكوبي quot; الموقتquot;، من جديد رفع غص الزيتون في خطابه 26 حزيران. إنه شكل للتعبير أو القول إنه يعتقد بأنه سيكون في السلطة في كانون الثاني/يناير 2009 أثناء أداء القسم للرئيس الأميركي القادم.
***مقال مترجم عن صحيفة quot; لو موندquot; الفرنسية
صدر المقال بتاريخ 16/8/2007
الكاتب : quot; جان ميشيل كارواتquot;
التعليقات