كتب ـ نبيل شرف الدين : يترقب الشارع المصري بنخبته وعوامه اللقاءات التي من المقرر أن يجريها يوم الثلاثاء الرئيس المصري حسني مبارك مع ثلاثة من كبار المسؤولين الدوليين، الذين يزورونه في قصر quot;رأس التينquot; بمدينة الإسكندرية على ساحل المتوسط. أما هؤلاء الضيوف فهم : العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين، وتوني بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق ومبعوث الرباعية الدولية إلى الشرق الأوسط، وماسيمو داليما وزير خارجية إيطاليا، الذي وصل إلى البلاد بالفعل.
وفي الجانب الآخر من المشهد ألغى الرئيس مبارك زيارة كانت مقررة إلى سوهاج في صعيد مصر يوم أمس، لافتتاح عدد من المشاريع الخدمية هناك، ولا شك أن هذه الزيارة لو تمت لكان من شأنها أن تدحض الشائعات التي انتشرت بين المصريين في الفترة الأخيرة حول تدهور الحالة الصحية لمبارك .
فتش عن المستفيد
وعلى الرغم من نفي تلك الشائعات، إلا أنها لم تزل تتردد على نحو واسع في البلاد، وقد نفى مبارك شخصيًا تلك الشائعات بطريقة عملية من خلال زيارة لم يكن مخططًا لها إلى القرية الذكية بمدينة السادس من تشرين الأول/أكتوبر جنوب القاهرة وأخرى لمدينة quot;برج العربquot; بالقرب من مدينة الإسكندرية شمال البلاد، لكن مع ذلك فقد ظلت الشائعات تتنامى، وهو الأمر الذي يفسره مراقبون بانعدام الثقة لدى المصريين في الخطاب الإعلامي الحكومي .
وهكذا انتقلت الشائعات من المجالس الخاصة وصفحات الإنترنت إلى الصحف المعارضة والمستقلة، وبدت مثل كرة الثلج التي تكبر كلما تدحرجت لدرجة أن البعض راح يردد أن مبارك دخل في حالة غيبوبة، وهو الأمر الذي يفسره الدكتور كمال القاضي، أستاذ الرأي العام بأنه طراز مدبر من الشائعات الموسمية، التي تنطلق في عدة أماكن متباعدة ووفق طريقة لا يمكن أن تكون عفوية، مشيرًا إلى أن هناك بالتأكيد مستفيدين من وراء إطلاق تلك الشائعات الكاسحة، على حد تعبيره.
وتضاربت الرؤى والتقديرات حول تحديد هوية المستفيد من وراء إطلاق هذه الشائعات، فبينما اتهمت دوائر حكومية جماعة quot;الإخوان المسلمينquot; بنشر مثل تلك الشائعات، فقد ذهب مراقبون إلى حد اتهام أجنحة داخل دوائر السلطة بإطلاق تلك الشائعات كبالونات اختبار، بهدف جس النبض الرسمي والشعبي حول مستقبل البلاد حال غياب مبارك، كما أشار المراقبون إلى مصلحة طبقة جديدة داخل الحزب الوطني الحاكم في إطلاق تلك الشائعات، حتى تتحسس هذه الطبقة موضعها من السلطة في المستقبل .
ولم تقتصر الآثار السلبية لهذه الشائعات على حالة الارتباك السياسي التي بدت واضحة خلال الأيام الماضية، حين أحجم كافة السياسيين عن التعليق على تلك الشائعات، حتى نفاها الرئيس مبارك شخصيًا، لكن امتدت آثارها إلى الاقتصاد، إذ منيت البورصة المصرية بخسائر.
وتتزامن هذه الشائعات حول صحة مبارك مع انتخابات داخلية يجريها الحزب الوطني الحاكم لاختيار قيادات جديدة في مؤتمره العام الذي يعقد في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، ويرى المراقبون أن نتائجها سوف تصب في صالح نجل الرئيس جمال مبارك وفريقه من أعضاء لجنة السياسات التي يرأسها داخل الحزب الحاكم، بما يؤدي في نهاية المطاف إلى مزيد من الصعود لهذا الفريق داخل المسرح السياسي المصري.
التعليقات