بعد أقل من أربع وعشرين ساعة على زيارة الرئيس الأميركي
ساركوزي في الإمارات اليوم لتوقيع إتفاق نووي
ومع التتابع الزمني لزيارتي الرئيسين بوش وساركوزي للإمارات، تتجدد المنافسة التقليدية بين البلدين، ولكن هذه المرة في ميدان الطاقة النووية. فالرئيس ساركوزي قادم للامارات لتوقيع اتفاقية اطارية للتعاون في المجال النووي في وقت تجري خلف الكواليس محادثات بين شركة اماراتية مملوكة لحكومة دبي هي شركة مبادلة وشركات غربية بينها شركات اميركية وفرنسية من اجل استدراج عروض لبناء مفاعل نووي في امارة ابوظبي لاستخدامه في توليد الطاقة. وعلى خلاف ما تردد في وسائل اعلامية، فإن الاتفاقية التي ستوقع خلال زيارة ساركوزي لأبوظبي والتي تستغرق اقل من خمس ساعات لن تحسم المنافسة لصالح فرنسا، وان كانت ستقدم دعمًا معنويًا للشركات فرنسية التي تحاول الحصول على العقد المشار إليه.
وحسب مصادر اماراتية مطلعة، فإن الاتفاقية مع فرنسا في المجال النووي هي اتفاقية اطارية تنظم تعاون البلدين في المجال النووي وتحكم واجبات الطرفين وإلتزاماتهما،في حال اتمام اي اتفاق لاقامة مشاريع نووية مشتركة، وذلك بما يتفق مع قواعد القانون الدولي واتفاقيات انشاء الوكالة الدولية للطاقة النووية. وترددت في الاوساط الاعلامية اسماء عدد من الشركات الفرنسية التي تعمل على بناء كونسورتيوم قادر على المنافسة على الصفقة ومن هذه الشركات شركات اريفا وتوتال وسويز ز ويدور الحديث عن بناء مفاعلين نووين من الجيل الثالث. ويبدو ان الشركات الفرنسية تعول كثيرًا على التعاون النووي لا مع الامارات فحسب بل مع دول المنطقة ككل وذلك بالنظر الى ان هذه الدول تملك الامكانيات المالية التي تستطيع من خلالها ابتياع مفاعلات نووية التي تقدر كلفه الواحد منها بعدة مليارات من الدولارات وترى مصادر اماراتية ان عدم تطرق الرئيس بوش لموضوع التعاون النووي مع الامارات خلال زيارته لا يعني ان واشنطن استسلمت للمنافسة الفرنسية. وقال المصدر ان طبيعة المشروع واسلوب تشغيله يحتاج الى وقت اطول لحسمه . وحسب المصدر، فإن المفاعل النووي الذي تعتزم امارة ابوظبي ابتياعه سيعمل على اساس تجاري بحيث ان الشراء لا يعني تحمل الجانب الاماراتي كلفة الانشاء وحده، بل ان الجانب الاجنبي سيكون طرفًا في المشروع بنسبة معينة على ان يتم بيع الطاقة النتاتجة عنه اما لمصالح حكومية او لشركات صناعية .
ويضيف المصدر ان هناك سببين حالا دون طرح قضية التعاون النووي مع الامارات خلال زيارة بوش اولهما سياسي، وهو ان الرئيس بوش لم يرد فيما يبدو أن ينهى عن ( خلق ويأتي مثله)، أي ان يشن على الطموحات النووية الايرانية، وفي الوقت نفسهيعمل على تسويق منتجات نووية اميركية في المنطقة ، والثاني اقتصادي وهو ان الحكومة الاميركية تنأى بنفسها عن التدخل الظاهر في اي صفقة لشركات اميركية، وان كانت تدعم هذه الشركات بوسائل دعم قوية غير ظاهرة. وتملك الولايات المتحدة وفرنسا مزايانسبية في هذه المنافسة، فالولايات المتحدة لديها من الوسائل التي يمكن لها ان تعيق المشروع عبر ضغوط غير مباشرة فيما تملك فرنسا مزايا سعرية وفي شروط التشغيل وتوزيع عوائد المشروع .
ويثير اهتمام امارة ابوظبي التي تعد من اكبر منتجي النفط في العالم واحدة من اكثرها على صعيد الاحتياطات بامتلاك مفاعلات نووية حفيظة الكثيرين، لكن اجابة المسؤولين الاماراتين على ذلك جاهزة فهم يعملون لتوفير موارد للمستقبل، فضلاً عن ان لديهم الفوائض المالية التي تكفل لهم تحمل اعباء مشاريع من هذا النوع. والى جانب ذلك، فإن ارتفاع اسعار النفط الى حوالى 100 دولار للبرميل يجعل من الطاقة النووية بديلاً اقتصاديًا مناسبًا، هذا إضافة الى ان الطاقة النووية تعد صديقة للبئية قياسًا للنفط. وتخطط امارة ابوظبي لبناء تجمعات سكانية وخدماتية بمليارات الدولارات، الامر الذي يحتاج معه الى موارد طاقة جديدة غير النفط الذي يبدو مع الاسعار الجديدة ومع الاستعمالات الاخرى المتاحة له اعز من ان يستخدم لتلبية احتياجات الطاقة المحلية .
ولن يكون الموضوع النووي هو الموضوع الوحيد على جدول اعمال الرئيس ساركوزي المزدحم فهناك اتفاقية في مجال النقل حيث ستكون فرنسا من ابرز المتنافسين على انشاء خط للسكك الحديدية تموله ابوظبي ويمتد من الحدود الغربية مع السعودية الى الحدود الشرقية لدولة الامارات المطلة على بحر العرب . وكذلك بناء خطوط مترو لنقل الركاب بين احياء العاصمة ومع مدن الدولة الاخرى ومع الدول المجاورة في حال بناء شبكة خطوط حديدية خليجية .
والى جانب ذلك، فإن فرنسا تسعى للفوز بعقود في مجال الطيران تصل قيمتها الى 1.5 مليار يورو وطلبيات لمشاريع المياه والكهرباء تصل قيمتها الى ستة مليارات يورو. ويعد الرئيس ساركوزي رابع رئيس فرنسي يزور الامارات منذ تأسيسها حيث استقبلت في نهاية السبعينات الرئيس الاسبق فاليري جيسكار ديستان كما زارها الرئيس ميتران وزارها الرئيس جاك شيراك. ولدولة الامارات علاقات دفاعية مع فرنسا تنظمها اتفاقية دفاعية بين البلدين وتجري في اطارها مناورات عسكرية مشتركة كانت القواعد الاماراتية مسرحًا لبعض اهمها . وترتبط الامارات وفرنسا بعلاقات ثقافية مهمه جسدتها الاتفاقية الخاصة بفتح فرع لمتحف اللوفر في ابوظبي فضلا عن فتح فرع لجامعة السوربون .
ومن المنتظر ان يجري ساركوزي خلال زيارته القصيرة محادثات مع الشيخ خليفة بن زايد ال نهيان رئيس دولة الامارات الذي كان التقاه في باريس بعد قليل من انتخابه كرئيس لفرنسا ، كما تشمل محادثاته لقاءات مع ولي عهد ابوظبي الشيخ محمد بن زايد ال نهيان الذي يعد عراب العلاقات الاماراتية الفرنسية .
التعليقات