الجمهوريون معرقلون ومتضررون
تعثر إقرار خطة الإنقاذ المالية يعمل لصالح اوباما
بلال خبيز من واشنطن:
إن رفض مجلس النواب الأميركي لخطة الإنقاذ الرئاسية quot;يجب ألا يستمرquot;، تقول نانسي بيلوسي رئيسة المجلس الذي صوت بغالبيته ضد اقرار الخطة. يجب أن تتم الموافقة على هذه الخطة عاجلاً، ويؤكد هنري بولسون وزير الخزانة أنه يجب أن يتم ذلك عاجلاً. المرشحان الرئاسيان الديمقراطي باراك اوباما والجمهوري جان ماكين، يحثان النواب من جهتهما على إقرار الخطة على وجه السرعةquot; ليس الآوان لتوجيه الاتهامات، بل لتوجيه المشكلة الاقتصاديةquot; يقول جون ماكين، مخاطبًا اغلبية النواب الجمهوريين الذين صوتوا ضد اقرار الخطة.

يعرف ماكين، ان النواب الجمهوريين يتحملون مسؤولية افشال تمرير الخطة في مجلس النواب. ويعرف ان التأخر في اقرارها، بسبب المجادلات العقيمة في تحميل المسؤوليات قد يترك اثاراً خطرة على الاقتصاد الاميركي. بل ان غوردن براون الذي يزور اميركا اليوم في محاولة منه للاطلاع عن كثب على مسار معالجة الامور، يعلن ان الانهيار لن يطاول اميركا وحدها، وان الأزمة تمس الاقتصاد العالمي برمته. لكن المعضلة الفعلية في هذا المجال تتلخص في ان ثمة طرف واحد فقط قادر على معالجة الازمة والخروج منها بأقل الخسائر، انه الحكومة الاميركية نفسها. مع ذلك لا تألو المصارف المركزية في العالم اجمع جهداً في محاولة تدارك ما يمكن تداركه، ضخاً للأموال النقدية في السوق، ومحاولة لمساعدة المؤسسات المتعثرة.

لكن الديمقراطية الاميركية بطيئة، مثلها مثل سائر الديمقراطيات. وهذا ما حدا بجون ماكين للطلب من منافسه باراك اوباما تأجيل المناظرة بينهما ليتسنى له المساعدة في حلحلة الازمة، اي بكلام ادق، لمن يعرف ما يجري في كواليس السياسة بين الحزبين، في محاولة اقناع الاعضاء الجمهوريين في مجلس النواب بالتصويت لصالح الخطة. ذلك ان التأخر في الإقرار قد تكون له نتائج كارثية على مصير حملة ماكين الانتخابية.

من نافل القول ان باراك اوباما يتقدم بخطى ثابتة في الاستطلاعات. وتشير استطلاعات الرأي انه اكتسب نقاطاً اضافية على المستويات كافة بعد المناظرة التي جرت بين المرشحين. هذا لا يعني انه يتقدم على ماكين في هذه الاستطلاعات بفارق كبير، لكنه يحسّن من نقاط ضعفه لدى الناخب الاميركي. وواقع الامر ان ماكين يتفوق على منافسه في استطلاعات الرأي، لجهة الثقة به كرئيس قادر على مجابهة الازمات العالمية والتهديدات التي قد تتعرض لها اميركا، فيما يتفوق اوباما عليه في كل ما يتعلق بشؤون اميركا الداخلية، من الاقتصاد إلى معالجة ازمات التعليم، إلى الاندماج الاجتماعي. لهذا يخشى ماكين من استمرار الازمة الاقتصادية وقتًا اطول مما يجب، مما يجعل السياسة الاميركية الخارجية شبه مشلولة في انتظار حل الازمة الراهنة. والحق ان الأزمة الراهنة، بصرف النظر عن الوقت الذي قد تحتاج إليه الادارة الاميركية للشروع في تنفيذ خطتها، تركت شروخًا عميقة في صلب السياسة الخارجية الاميركية. مما يعني ان التأثيرات الخارجية والمفاجئة التي تتحكم إلى هذا الحد او ذاك بميول الناخب الأميركي باتت اليوم محصورة بالازمة الاقتصادية. وفي هذا السياق يربح اوباما على منافسه نقطة ثمينة، من شأنها ان تقربه من البيت الأبيض خطوات اضافية، لجهة ان الاتجاه الغالب في الحزب الديمقراطي يميل لصالح اقرار الخطة عمومًا. مما يعني ان العرقلة التي تشهدها ادارة بوش اليوم، هي عرقلة جمهورية في الأساس.

لطالما حاول رئيس مجلس ادارة الاحتياطي الفدرالي الاميركي السابق، الان غينسبرغ، تحييد السياسات المالية والاقتصادية عن سياسات الحزبين، ومناكفاتهما اليومية. ولطالما حاول، وهو الجمهوري نشأة وتقاعدًا، حيازة هامش تحرك واسع يمكّن السلطات الاقتصادية، من التحرك سريعًا عند حدوث الازمات. لكن الثقة التي حازها غرينسبان في عهدي الرئيس كلينتون وبوش، لا تتوافر لخلفه بن برنانكي ولا لوزير الخزانة هنري بولسون. وهذا كما يقال في واشنطن من العوامل التي تؤثر سلبًا على قدرة وزارة الخزانة الاميركية على التدخل الفاعل والحاسم في الوقت المناسب. لكن الخطة، ستقر عاجلاً ام آجلاً، خصوصًا بعدما يتيقن الجميع، في اميركا والعالم اجمع، ان ليس ثمة بدائل متاحة سواها. وفي الطريق إلى اقرار الخطة، ستلعب الانهيارات المالية والتعثر الاقتصادي في المؤسسات الاميركية لعبتها القاتلة بالنسبة لماكين. على الرغم من أن سبب التأخر في اقرار الخطة كان جمهوريًا في المناقشات الاولى التي حصلت في البيت الابيض، وما زال جمهوريًا حتى الآن.