إطلاق 25 جنديًا احتجزهم البدو احتجاجًا على قتل أحدهم
تصاعد المواجهات بين بدو سيناء وقوات الأمن المصرية

نبيل شرف الدين من القاهرة:
تطورت على نحو متسارع أزمة اعتصام المئات من البدو في شبه جزيرة سيناء المصرية، بعد أن احتجزوا ضابطًا كبيرًا برتبة عميد شرطة ومعه نحو خمسة وعشرين جنديًا، كما اطلقوا أعيرة نارية في الهواء واحرقوا إطارات السيارات، وذلك احتجاجا على مقتل وإصابة اثنين من أبنائهم على يد قوات الشرطة المصرية كما افادت بذلك عدة مصادر محلية في شبه جزيرة سيناء، أجرت إيلاف اتصالات هاتفية معهم.
وقالت المصادر ذاتهاإن البدو أفرجوا عن الجنود بعد وساطة من قبل برلمانيين وشيوخ قبائل بدوية، في مسعى لإنهاء اعتصام البدو في منطقة تقع على الحدود المصرية ـ الإسرائيلية تدعى quot;المدفونةquot;، تقع جنوب مدينة رفح المصرية، وذلك ردًا على مقتل وإصابة اثنين من أبنائهم خلال عملية تبادل إطلاق الرصاص مع قوات الأمن في بلدة quot;الحسنةquot;، التي تقع وسط شبه جزيرة سيناء .
وفضلاً عن اتهامهم عادة من السلطات المصرية بالضلوع في تهريب الأشخاص والمخدرات والبضائع عبر الحدود مع إسرائيل، فهناك ملاحقات أمنية لبدو تتهمهم السلطات المصرية بالتورط في زراعة وتهريب المخدرات، ويقول عواد سليم احد مشايخ قبيلة quot;التياهاquot;، إنه مع شيوخ قبائل آخرين يشاركون في حملات توعية لابناء القبائل محذرين إياهم من التورط في عمليات تهريب الى اسرائيل، وأضاف quot;من يقومون بهذه الأعمال حالات قليلة، فمن بين أي قبيلة يتجاوز عددها الآلاف، نجد شخصًا أو اثنين يتورطان في أعمال خارجة عن القانون، وهذا يحدث في كل مجتمع .
وأضاف الشيخ سليم أن سكان المناطق الحدودية في أي مكان في العالم عادة ما تكون لديهم خبرات بمسالك الحدود، والأماكن التي يمكن التسلل منهاquot;، لافتاً إلى أنه quot;ليست هناك قبيلة معينة تقوم بهذه العمليات، بل هي حالات فردية محدودة لا يصح أن يعاقب عليها أبناء القبائل بشكل جماعيquot; حسب تعبيره.
وتعيش في وسط سيناء عدة قبائل منها quot;التياها والاحيوات والعزازمة والسواركةquot;، وترجع أصول البدو في مصر إلى قبائل نجد والحجاز مثل quot;بني عقبةquot; وquot;بني هلالquot; وquot;بني سليمquot;، وتضم شبه جزيرة سيناء أكبر تجمع للبدو في مصر حيث يقدر عددهم هناك بنحو نصف مليون نسمة ويقيم معظمهم في منازل بدائية وخيام ويشربون من مياه الآبار الجوفية .
الرواية الرسمية
ونقل بيان لوزارة الداخلية المصرية عن مصدر أمني سرده لتطورات المواجهات قائلاً: quot;إنه عصر الاثنين وأثناء مرور قوة من الشرطة مستقلة سيارتين ـ في إطار الإجراءات التأمينية لطريق quot;بغداد - الحسنةquot;، الواقع في دائرة قسم شرطة الحسنة بشمال سيناء ـ فوجئت القوة بسيارة دفع رباعي ماركة quot;ميتسوبيشيquot; تضاعف من سرعتها في اتجاه سيارتي الشرطة، محاولة اختراق مجال التأمين، لكنها انقلبت نتيجة انحراف مفاجئ.
ومضى المصدر الأمني في سرد تفاصيل الرواية الرسمية للحدث قائلاً إن قائد تلك السيارة ترجل منها ومعه شخص آخر كان صحبته وفورًا قاما بإطلاق دفعات من الأعيرة النارية تجاه قوات الشرطة التي اضطرت لمبادلتهما إطلاق الرصاص، ما أسفر عن مصرع احدهما ويدعى سعد عوده سليمان الحجي، وضبط الآخر مصابًا ويدعى محمد سليمان عيد حسن، وعثرت الشرطة داخل السيارة على بندقيتين آليتين وكمية من الذخيرة .
وأضاف المصدر الأمني المصري أنه تبين أن السيارة التي كان يستقلها المذكوران تحمل لوحات معدنية quot;ملاكي الغربيةquot;، غير خاصة بالسيارة محل الواقعة، على إثر ذلك تجمعت بالقرب من المنطقة الحدودية 45 سيارة دفع رباعي يستقلها حوالي مائة وخمسين شخصاً من ابناء المنطقة وأهل المذكورين بدعوى الاحتجاج وأطلقوا الأعيرة النارية وأشعلوا النيران في إطارات الكاوتشوك كما أصابوا خزان وقود في سيارة شرطة مما أدى إلى انفجاره واحتراق السيارة تمامًا .
وتابع المصدر الأمني قائلاً إنه ظهر الثلاثاء واصل المذكورون أعمال التجمهر وإطلاق النيران، وقاموا بمحاصرة إحدى النقاط على خط الحدود الدولي، كما أسفرت عمليات الشغب عن إصابة ضابط من قوات الأمن المركزي، وثلاثة مجندين بأعيرة نارية، كما أصيب أربعة من المتجمهرين وتم ضبط عدد من السيارات المستخدمة في أعمال التجمهر والشغب، وتجرى متابعة إنهاء تلك الأعمال، بينما تتابع النيابة العامة التحقيقات في الواقعة وملابساتهاquot;، كما ورد في البيان الحكومي المصري .
وتعيد الاحتجاجات الجديدة من قبل بدو سيناء قضيتهم إلى واجهة الأحداث مرة أخرى، بعد ان قاموا بسلسلة اعتصامات منذ نحو عامين عقب مصرع اثنين من قبيلة المنايعة برصاص الشرطة خلال حملة أمنية وقالت الشرطة إنهما كانا تجار سلاح ومهربي مخدرات، وهو ما ينفيه البدو.
واعترف مصدر رسمي مصري بأن شبه جزيرة سيناء عانت بالفعل لسنوات طويلة من الإهمال من جانب الحكومة، غير أنه استدرك قائلاً : quot;إن هناك الآن مشروعات وبرامج تنموية مختلفة وطرق تمهد وأراض تستصلح ومصانع تبنى وجامعات تفتح، كما تحفز الشباب للإقامة في سيناء، حتى تكون هناك كثافة سكانية مثل تلك الموجودة في وادي النيلquot;، على حد تعبير المصدر الرسمي الذي طلب عدم الإشارة لهويته.