مطران مطرانية القدس والشرق الأوسط لـ quot;إيلافquot;:
نأمل أن يكون عيد الميلاد فرصة لتنقية الضمائر

خلف خلف من رام الله:
خلعت مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية حزن عام مضى، وزينت شوارعها بأحلى زينة، لاستقبال قداس عيد الميلاد، وعلى الرغم من سقوط الأمطار بغزارة على الأراضي الفلسطينية وسوء الأحوال الجوية، إلا أن الكثير من الزوار الأجانب وسكان الضفة الغربية توافدوا إلى مهد المسيح في تحد واضح لكل الإجراءات الإسرائيلية التي تعترض طريقهم، ووسط أجواء حقيقية من البهجة يأمل الجميع أن تحمل هذه المناسبة في جنباتها الأمن والاستقرار إلى العالم كافة. وكان المئات من عناصر الشرطة الفلسطينية قد تمركزوا خلال اليومين الماضيين على مفترقات الطرق والشوارع الرئيسة لتنظيم حركة السير والتسهيل على المواطنين.
وفي حديث مع quot;إيلافquot; بين سهيل دواني مطران مطرانية القدس للكنيسة الأسقفية في القدس والشرق الأوسط، أن الاستعدادات اكتملت لإحياء القداس في كنيسة المهد التي يعتقد أنها أقدم الكنائس في العالم، ومن المنتظر أن يعقد القداس بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) والعديد من الشخصيات المرموقة منتصف ليل غد الخميس الموافق 25 ديسمبر/كانون الأول. وعبر دواني عن آماله أن يكون العيد هذا العام فرصة لتنقية الضمائر في عالم كفر بكل مبادئه.

وفي رده على سؤال، حول سر العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في فلسطين، أجاب: quot;هي علاقة أخوة وصداقة، فنحن أهل وأسرة واحدة، ننتمي إلى هذا الوطن، ونعملمعًا لتحقيق حلمنا الفلسطيني المتمثل بإقامة دولتنا العتيدةquot;.

والاستعدادات لعيد الميلاد في بيت لحم تجري منذ عدة أسابيع على قدم وساق، وقامت الفنادق في المدينة بترتيب أوضاعها لاستيعاب الآلاف من الزوار القادمين من خارج فلسطين، كما ازدانت الكثير من الشوارع بالأضواء الكاشفة، وشهدت المدينة انتعاشًا اقتصاديًا زاد عن المعتاد بنسبة 23%. ويأتي هذا التحرك الاقتصادي في المدينة على الرغم من الأزمة الاقتصادية العالمية، التي ألحقت في المجمع الكنسي في الشرق الأوسط الكثير من الخسائر، إذ بين المطران سهيل دواني أن مداخيل المجمع بالدولار، وهو يضطر في فلسطين مثلاً إلى دفع مصروفاته بالشيكل، وبالتالي وصلت نسبة الفرق في العملة 25%.
واحتفالات عيد الميلاد في فلسطين بدأت منذ صباح اليوم الأربعاء، بانطلاق موكب غبطة البطريرك فؤاد طوال من ديوان البطريركية اللاتينية في القدس، متوجهًا إلى بيت لحم، التي دخلها من خلال بوابة جدار الفصل العنصري الذي يلف المدينة ويعزلها تمامًا عن مدينة القدس، وكان في استقبال البطريرك العديد من الشخصيات الدينية والرسمية، وقادة المؤسسات المدنية، كما تقدم موكبه عناصر من شرطة المرور وفرق الخيالة والكشافة، في أجواء فرح وسرور عمت المكان بأكمله.
وفلسطين تسكنها أغلبية مسلمة إلا أنها تتضمن نسبة لا بأس بها من المسيحيين، إذ تبيّن الإحصائيات الرسمية أن 40% من سكان مدينة بيت لحم هم مسيحيين، ويقدر عدد سكان هذه المدينة التي تم نقلها ليد السلطة الفلسطينية عام 1995، بنحو 32 ألف مواطن.
وكان البطريرك طوال وجه رسالة إلى العالم من قلب البطريركية اللاتينية في مدينة القدس (مع بيت لحم التي انتظرت عبر التاريخ من يكسر نير مشقتها وعصا كتفها وقضيب مسخرها)، ومما جاء في رسالة البطريرك: quot;ما زلنا ننتظر من يرفع الاحتلال والظلم عنا ويبعد الخوف والضيق والإنقسامات الداخلية، كما ننتظر انبلاج عصر جديد يستسلم فيه الانتقام للغفران ويتغلب الحب على البغضاء: عصر تشرق فيه شمس السلام والعدل وتتلاشى فيه الأحقاد والأطماع وتنحسر فيه العداوات، عصر تلتقي فيه الشعوب على الألفة والوئام quot;فيسكن الذئب مع الحمل ويربض النمر مع الجدي ويكون العجل والشبل معًاوصبي صغير يسوقهاquot;.
ويحل عيد الميلاد هذا العام على الشعب الفلسطيني بينما تعيش الضفة الغربية وقطاع غزة انقسامًا، كما أن مدينة بيت لحم التي تعتبر المحج لمسيحي العالم ما زالت تربض تحت الاحتلال، إذ يلف المدينة الجدار الفاصل، كما تحيطها العديد من الحواجز العسكرية، إذ لا يستطيع مثلاً المواطن الفلسطيني من شمال الضفة التوجه إلى بيت لحم جنوبًا إلا عبر العديد من الحواجز العسكرية الإسرائيلية، منها: حاجز زعترة، وحاجز الكونتينر، بينما قالت السلطات الإسرائيلية إنها سمحت إلى الفلسطينيين من داخل الخط الأخضر الدخول إلى المدينة بمناسبة عيد الميلاد.