مراقبون يستبعدونه استناداً لطريقة مبارك المباغتة
تكهنات في مصر بقرب إجراء تغيير وزاري واسع
كتب ـ نبيل شرف الدين: بدأت التكهنات حول التعديل أو التغيير الوزاري في مصر مبكراً هذا العام، فهذا الحديث عادة له مواسم معينة أشهرها فصل الصيف، حيث الفراغ والرغبة في التسلية، لكن هذا العام جاءت الاحتجاجات التي شابتها أعمال عنف في مدينة المحلة الكبرى، بعد سلسلة أزمات بدأت بأزمة الخبز، ولم تتوقف عند أزمة ارتفاع الأسعار والتضخم، جاءت كل هذه التطورات لتعجل بالحديث عن تغيير وزاري لا يخلو من مسحة quot; تفكير بالتمني quot;، لكن مراقبين استبعدوا أن يقدم الرئيس المصري على ذلك التغيير، استناداً إلى استقراء تاريخه الممتد عبر 26 عاماً من الحكم، ظل فيها وكأنه يتعمد أن يخالف كافة التوقعات سواء في التوقيت أو حتى الأسماء التي ترشحها التكهنات للتغيير .
ويبادر الرئيس حسني مبارك عادة لنفي الحديث عن التغيير بشكل قاطع حتى تهدأ بورصة التكهنات وتبرد سخونة الأجواء تماماً، وحينها يباغت الجميع بقرار التغيير الوزاري، في توقيت يحسب الجميع ـ بمن فيهم المقربون إلى دوائر صنع القرار أنفسهم ـ أنه صرف النظر عن هذا الأمر تماماً، وهذه الطريقة اتبعها مبارك مراراً منذ توليه السلطة في العام 1981 حتى الآن، بتنويعات مختلفة وفق ظروف الحال .
الآن يكاد يسود اتفاق بين كافة المراقبين بأن البلاد ليست في حاجة إلى مجرد تغيير الأسماء، بقدر ما هي بحاجة ملحة إلى ضرورة تغيير السياسات وإعادة دراسة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتقييم ما اتخذ من قرارات وسياسات خلال الفترة الماضية .
ونرصد في هذا التقرير ما يروج في الشارع السياسي المصري بشأن التعديل الوزاري المرتقب، حيث تفاوتت التقديرات بين فريقين: الأول يعتقد أن التغيير سيكون موسعاً، والثاني يرجح إنه سيكون محدوداً، يقتصر على بعض الوزراء الذين شابت أداءهم أزمات أو قصور .
وتشير قراءة المضمون للتكهنات الرائجة في مصر إلى حقيقة مفادها أن المحرك الأكثر فعالية في أي تغيير وزاري محتمل، هو أمانة السياسات بالحزب الوطني (الحاكم) التي يرأسها نجل الرئيس جمال مبارك، كما كان لافتاً أيضاً أن هناك انقساماً واضحاً في آراء المراقبين بشأن وضعية وزير الإعلام أنس الفقي، إذ يرون أن التكهنات التي تحدثت عن احتمال تكليفه بشؤون ديوان رئاسة الجمهورية محل رجلها الحديدي زكريا عزمي، لا تعدو أن تكون مجرد quot;ترهاتquot; لا تصمد أمام المنطق الذي يتفهم طبيعة البيئة السياسية المصرية وطريقة تفكير القيادة القابضة على كافة خيوط اللعبة في البلاد .
بورصة التكهنات
وبينما أصابت دوائر وزارية في مصر حالة الترقب المشوب بالقلق إزاء الأنباء الرائجة في البلاد عن قرب إجراء تغيير وزاري، فقد أشارت مصادر مطلعة إلى أن وزير التجارة والصناعة رشيد محمد رشيد هو أبرز المرشحين لرئاسة الحكومة الجديدة، بدلاً من رئيسها الحالي أحمد نظيف، لكونه موضع ثقة سواء من قبل مبارك الأب أو الابن، فضلاً عن إشادة الرئيس الأميركي جورج بوش به في تصريح شهير .
كما تواترت التكهنات في مصر عن إمكانية استبعاد عدد من الوزراء في مقدمتهم وزير التضامن الاجتماعي علي المصيلحي، نظرا لإثارة أزمة الخبز التي تخضع لإشراف وزارته، ووزيرة القوى العاملة عائشة عبد الهادي التي شهدت ولايتها أكبر وأوسع الاحتجاجات العمالية في البلاد، وزير العدل ممدوح مرعي الذي ارتبط اسمه بالصدام مع القضاة منذ توليه منصبه، ووزير النقل محمد منصور، ووزير الثقافة فاروق حسني (المرشح لرئاسة اليونسكو)، إضافة إلى وزيري التربية والتعليم يسرى الجمل، والتعليم العالي هاني هلال، وذلك على خلفية ما يوصف بالتخبط في مناهج التعليم وسياساته طيلة الأعوام المنصرمة .
غير أن مصادر حسنة الاطلاع بالقاهرة أبلغت (إيلاف) أن أحمد نظيف مرشح للاستمرار في موقعه رئيساً للوزراء، وبالتالي سيجري تكليفه باجراء أي تشكيل وزاري قد يعن للقيادة السياسية وأنه في هذه الحالة سيكون تغييرا محدوداً سيشمل عدداً من وزراء المجموعة الخدمية وربما لن يشمل أياً من الوزارات السيادية (الدفاع ـ الداخلية ـ الخارجية) كما أنه سوف يكون التشكيل الوزاري الثالث لنظيف، حال استمراره بالفعل في موقعه رئيساً للحكومة .
ورغم اتفاق المراقبين على صعوبة التنبؤ مع القيادة السياسية المصرية خاصة في مسألة التعديلات الوزارية، حيث اعتادت على مباغتة الشارع السياسي بأسماء وخيارات لا تخطر ببال أي من المهتمين بالشأن العام، غير أن هذا لم يقف حائلاً دون فتح بورصة التكهنات على مصراعيها .
وهنا تجدر الإشارة إلى أن الحملات الصحافية مهما كانت شراستها لم تلعب أبداً دوراً يذكر في سياق التعديلات الوزارية، فمثلاُ منذ تكليف رئيس الوزراء السابق عاطف عييد برئاسة الحكومة المصرية في تشرين الأول (أكتوبر) 1999 ظل يتعرض لحملات صحافية شرسة, على خلفية اتهامات له ولحكومته من قبل المعارضة بسوء الأداء والفساد، والتسبب في تنامي الأعباء الحياتية التي يواجهها المصريون، لكن كل هذه الحملات لم يكن لها أي مردود في الإطاحة به التي جرت بعد انتهاء مهمته تماماً .
التعليقات