دروس الشوط الأول من إضراب النقابات
ملامح ربيع إجتماعي ساخن في الجزائر
كامل الشيرازي من الجزائر: يرى مراقبون للشأن الجزائري، أنّ تمكّن النقابات الحرة، من تعبئة الشارع في اليوم الأول من الإضراب العام عن العمل الذي بدأته الأحد، يؤشر على افتتاح ربيع اجتماعي ساخن في الجزائر، سيما مع رفض الحكومة أي تعاط مع مطالب الغاضبين، واستمرار معضلة رفع الرواتب بجانب عودة الزيادات في أسعار المواد الأكثر استهلاكًا، وهي معطيات تتقاطع لتصنع من سماء قادم الأيام ملبّدة، حتى وإن كانت دوائر القرار في الجزائر توعز بأنّ ما يحصل يندرج بحسبها في خانتي quot;اللاحدثquot; وquot;الفقاعات الطارئةquot;.
وشهدت الجزائر، الأحد، حالة من الشلل شبه التام في أعقاب الإضراب المعلن من طرف 20 نقابة مستقلة على خلفية رفضها الشبكة الجديدة للأجور المطبقة حديثا في الجزائر، ومطالبة النقابيين الأحرار برفع أجور الموظفين وتحسين مقدرتهم الشرائية والمشاركة في إعداد القوانين الاساسية والأنظمة التعويضية لمختلف القطاعات، وينذر الإضراب الذي سيختتم الثلاثاء باعتصام أمام مكتب رئيس الوزراء عبد العزيز بلخادم، ببلوغ الأشياء منعرجًا خطرًا قد تحسمه قوات مكافحة الشغب بدل دبلوماسية المسؤولين المباشرين.
لكن أيًا كانت سيناريوهات الغد، فإنّ متابعين لوضع الجبهة الاجتماعية، يدركون مدى حساسيته في ظلّ ما يُراج عن طرد 46 ألف عامل ينتمون إلى 174 مؤسسة عمومية موجودة على لائحة التخصيص، بينهم 1200 عامل في قطاع مواد البناء والخشب، سيجدون أنفسهم تحت طائلة التسريح الجزافي، وهو مصير ترفضه النقابات المستقلة وترى فيه تهديدًا لـquot;السلم الاجتماعيquot; الذي طالما تغنت به حكومة بلخادم، بجانب لجوء الأخيرة إلى غلق مؤسسات تعتبر النواة الاقتصادية الوحيدة في الأماكن النائية، والعملية ستؤدي لا محالة إلى مضاعفة معاناة تلك المناطق المعزولة برفع معدل البطالة والغبن الاجتماعي.
وصارت الإضرابات مدعاة للرثاء والغضب لدى الكثير ممن رمت بهم مخططات الخصخصة خارجًا، أو من هم يستعدون للانخراط في فصيل البطالين الجدد، على نحو زاد من تفاقم معدلات البطالة، أين صار عدد البطالين في حدود 1.672 مليون شخص أي بنسبة%17.7من السكان النشطين، علمًا أنّ 73.3 في المائة من الأشخاص الذين مستهم البطالة، لا تتجاوز أعمارهم 30 سنة من بينهم 71.8 في المئة رجال و 80 % نساء.
وقد تشهد المرحلة القليلة القادمة، تصعيدًا احتجاجيًا من طرف النقابات المستقلة التي تنوي الذهاب بعيدا في مساجلاتها مع الحكومة، بما في ذلك خيار الإضراب المفتوح الذي سيكون في حال تجسيده الحلقة الأعنف للغليان النقابي، حيث يعيش الشارع المحلي على أعصابه، بسبب الضغط المتولد عن الدوامة المعيشية المستمرة التي جعلت الموظفين البسطاء في حيرة من أمرهم تبعا لمحدودية قدرتهم الشرائية، هؤلاء أغضبتهم المفاجأة السيئة، ما يعني إرغامهم على مزيد من quot;شدّ الحزامquot;، فالمتطلبات كثيرة والأسعار لا ترحم، على الرغم من كل ما تتغنى به السلطات والإعلام الحكومي من مخططات ومنجزات.
ودفع إعلان الحكومة الجزائرية، مؤخرًا عن اعتزامها رفع مجدد لأسعار استهلاك الكهرباء والغاز، إلى نشوب قلق عارم في وسط العمال المحليين إزاء معضلة إيجاد توازن بين رواتبهم التي تنتظر استفادتها من زيادات، وبين تغطية قدرتهم الشرائية المتدنية أصلا بمفعول المواد الأكثر استهلاكا، وبات الجزائريون يطرحون تساؤلات عن جدوى الزيادات المحدودة للرواتب، طالما أنّ الحكومة سترفع بالتزامن أسعار الكهرباء والغاز قبل نهاية العام، ما يبقي دار لقمان على حالها، ويعيد جدلية جحا الشهيرة حول القط والشواء، لأنّ ما أعطي باليد اليمنى، سيجري أخذه باليسرى!.
التعليقات