الجزائر: اطفال بلا هوية، هي قصة ليست من نسيج الخيال وانما هي من صميم الواقع، وتعد من افرازات حقبة مضت في الجزائر. هؤلاء لايعرف عددهم على وجه التحديد ، لكن ولادتهم تمت في الجبال من آباء يزعمون انهم كانوا آنذاك يقاتلون النظام في تسعينيات القرن الماضي ، وحالت ظروفهم هذه كما يقولون دون تقييد ابنائهم في السجلات الرسمية لدى المصالح الحكومية.

لكن تدابير المصالحة التي اعلنها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بعد تزكية شعبية واسعة عام 2005 طرحت القضية من جديد ، وكلفت الحكومة خلية قضائية، واسندت لها متابعة تنفيذ بنود ميثاق السلم والمصالحة وتحديد الحالات التي لم تدرج في بنود المصالحة ، واعداد مذكرة حولها قبل ان ترفع الى الجهات المخولة للبت فيها.

وقبل ايام كشفت الخلية القضائية عن تلقيها طلبات من 40 مسلحا تائبا، استفادوا من تدابير المصالحة، يلتمسون منها التدخل لدى السلطات لتسوية مشكل ابنائهم كما يدعون.

وقال عمار خبابه عضو هذه الخلية القضائية للبي بي سي ان عددا من المسلحين التائبين ابلغونا طلبا لاثبات هوية ابنائهم، ونحن سنعمل في اطار تدابيرالمصالحة وان اقتضى الأمرعلى حد قوله ادخال الوسائل العلمية كالحمض النووي لاثبات نسب الأطفال فان ذلك يعد امرا جيدا لمعالجة المشكلة.

وكانت الأزمة الأمنية في أعوام التسعينات قد عرفت ظاهرة الاختطاف للنساء، ونسبت كل الحالات التي وقعت الى الجماعات المسلحة، وعززت هذه الأعمال فرضية المواليد التي نجمت عن الاغتصاب.

وتشعر جهات حكومية بما للقضية من ابعاد انسانية، ولما تم سؤال وزير التضامن جمال ولد عباس عن قضية ابناء المسلحين رد بالقول ان الاشكالية المطروحة ستجد حلا في اطارالقوانين المستمدة من احكام الشريعة، وان حصلت عقبات فانه لم يستبعد اللجوء الى الوسائل العلمية بأخذ عينات من الحمض النووي كخيارفي نظره قد يؤدي الى اثبات نسب هؤلاء الأطفال.

وشنت اوساط محسوبة على التيار الاسلامي هجوما عنيفا على دعاة هذا الطرح، ووصفت دعوتهم بمحاولة تشويه لصورة الحركة الاسلامية.

وقال مدني مزراق زعيم الجيش الاسلامي للانقاذ المنحل للبي بي سي: ان هذه القضية منتهية ، وسويت منذ ان وضع السلاح اواخر عام 1997 مايقارب 5000 مسلح من اتباعه، واتهم اطرافا على حد قوله بالعمل على استغلال بنود المصالحة لحل مشكل مواليد نشاوا عن علاقات جنسية غير مشروعة.

وكانت بنود المصالحة قد أغفلت تقنين هذا الجانب، ويرجح خبراء القانون هذا الاغفال الى كون ان قضية ابناء المسلحين قد عولجت بتعليمات من الحكومة اعطيت للسلطات القضائية منذ ان شرعت الجزائر في تطبيق سياسة العفو على المسلحين التائبين ابتداءا من عام 1998 وصولا الى تدابير المصالحة التي اقرها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في العام 2005.

اثبات هوية ابناء المسلحين في الجبال هي جانب من المأساة التي عاشتها الجزائر في اعوام التسعينات، وبنود المصالحة رغم ماتكتسيه من أهمية في اقرار الأمن والاستقرار الا انها في نظر الكثير من فئات الرأي العام ماتزال في حاجة الى مراجعة لما قد يطرأ من حالات غير مقننة على صعيد التنفيذ للترتيبات القانونية.

أحمد مقعاش- الجزائر