رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان يتحدث إلى الصحافة في أنقرة

مواضيع متعلّقة

أنقرة تتفادى الأزمة والحكومة مدعوة إلى إستخلاص العبر
العلمانية والتمسك بالدين يشكلان معا محوري أزمة تركيا

العلمانيَّة والتديّن يشكلان محوريّ أزمة
تركيا على مفترق طرق

نزار جاف من بون: أثار صدور القرار الخاص بالمحكمة الدستورية التركيَّة كافة الدوائر السياسية والاعلامية في تركيا والدول المعنية بالشأن التركي بشكل عام، ودول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركيَّة بشكل خاص والتي اعتبرت أنَّ القرار جاء مرضياً ومسايرًا للمطالب الغربية.

وفسّرت دوائر وجهات متعددة داخل تركيا القرار بإنه بمثابة quot;جرة أذنquot; لحزب العدالة والتنمية مضيفة أنّه يمكن تشبيهه بتحذير أقرب إلى الإنذار لقادة الحزب من مغبة التمادي خلف تطبيقات دينية على الواقع التركي. إلا أن مجرد بقاء حزب العدالة والتنمية وصمود قادته أمام الموجة العلمانية العاتية التي ثارت في وجههم، تكفي للإقرار بقوة تواجدهم ودورهم على الساحة التركية.

هذا وتفسر بعض المصادر قرار المحكمة بانه جاء نتيجة لاتفاق حصل بين رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان والقائد الثاني للجيش التركي الكر باشبوغ.

محكمة تركية تحذر حزب العدالة والتنمية وتبقيه مفتوحا

أنقرة: قال رئيس أعلى محكمة تركية يوم الأربعاء 30 يوليو، إن المحكمة رفضت دعوى إغلاق حزب العدالة والتنمية الحاكم، لكنها فرضت عقوبات مالية عليه بسبب أنشطته المناهضة للعلمانية. وانهى الحكم حالة عدم اليقين السياسي التي استمرت شهورا واثرت على الاسواق المالية التركية بسبب احتمال اغلاق الحزب المنتخب ديمقراطيا، وهو أمر من شأنه أن يوقف الاصلاحات الاقتصادية والسياسية اللازمة لانضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي.

وقال رئيس المحكمة الدستورية التركية هاشم كيليتش، ان ستة من قضاة المحكمة الاحد عشر صوتوا لصالح إغلاق الحزب وان اربعة صوتوا لصالح فرض غرامات عليه مقابل تصويت قاض واحد ضد إغلاقه. وكان يتعين ان يصوت سبعة قضاة على الاقل لصالح الاغلاق لكي تقبل الدعوى. واوضح كيليتش، الذي صوت ضد الاغلاق أن المحكمة وجهت تحذيرا شديدا لحزب العدالة والتنمية ذي الجذور الاسلامية، اذ وجدته مذنبا فيما يخص القيام بأنشطة مناهضة للعلمانية، لكنها ليست أنشطة خطيرة الى حد يكفي لان يستحق عليها الاغلاق، واضاف رئيس المحكمة quot;نحن نعتقد أن هذا الحزب السياسي يجب ان يستخلص الرسالة الضرورية من هذا الحكمquot;.

وقال رئيس الوزراء طيب اردوغان، وهو اسلامي سابق عزز صورة تركيا في الخارج وطبق اصلاحات اقتصادية وسياسية في الداخل، إن الحكم بعدم حظر حزب العدالة والتنمية بدد حالة عدم اليقين التي واجهت البلاد، ولكن تركيا اهدرت قدرا كبيرا من الوقت والطاقة. وفي أول تصريح له منذ صدور حكم المحكمة، قال اوردوغان إن حزبه سيواصل احترام قيم البلاد العلمانية. وحكومة اردوغان على خلاف قديم مع المؤسسة العلمانية التي تضم القضاء والجيش بشأن دور الدين في الدولة، وقال منتقدون إن القضية quot;انقلاب قضائيquot; ضد حزب منتخب ديمقراطيا. وكان محللون أعربوا عن خشيتهم من ان يؤثر اغلاق الحزب بشدة على فرص حصول تركيا على عضوية الاتحاد الاوروبي.

وحظرت تركيا أكثر من 20 حزبا سياسيا بسبب أنشطة اسلامية أو كردية انفصالية، ولكن لم يكن أي منها يحظى بشعبية كبيرة مثل حزب العدالة والتنمية. ولو كانت المحكمة أغلقت حزب العدالة والتنمية وحظرت على كبار أعضائه ممارسة العمل الحزبي، كما طالب المدعي لاغريت على الارجح انتخابات مبكرة في تركيا.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 30 يوليو 2008)

وتتحدث هذه المصادر عن أن اردوغان هدد باشبوغ بعدم التوقيع على الترقيات في الجيش والتي من المفروض أن تضعه في منصب القائد الاول للجيش، وهو الامر الذي دفع بالجيش الى التدخل ومنع حظر العدالة و التنمية.

وفي هذا السياق، أبلغت أوساط مقربة من حزب المجتمع الديمقراطي المقرب من الكورد إيلاف بأن هذا القرار قد كان بمثابة صفقة سياسية تم من خلالها تأهيل حزب العدالة و التنمية لكي يكون مقبولاً من قبل الاطراف المناوئة الاخرى له سيما الجيش، ورأت هذه الاوساط في القرار صيغة حل أرضت الجميع حتى إنها كانت بنفس الصيغة على الصعيد الدولي، وفي الوقت الذي يواجه فيه حزب المجتمع الديمقراطي تحديات سياسية من حيث المطالبة بإغلاقه، فإن هذه الأوساط المقربة من الحزب المذكور تتطلع لكي يكون ذلك القرار فاتحة خير ويفتح الطريق أمام السماح لحزب المجتمع الديمقراطي بالاستمرار في الحياة السياسية مؤكدين بأنه في حالة حظر الحزب فإن ذلك سيعطي إنطباعا سيئا عن تركيا و يجعل مصداقيتها من حيث إيمانها بالقيم الديمقراطية تحت المسائلة.

الاسلام والشارع التركي
وتشير معظم استطلاعات الرأي التي تعدّها جهات متباينة لدراسة موقف الشارع التركيّ من الاسلام إلى أنَّ ارتفاع نسبة المؤيدين لإعطاء دور أكبر للأحكام والتشريعات الإسلامية في تركيا. وفي موازاة ذلك، تظهر استطلاعات الرأي أيضا ارتفاع نسبة الكراهية للغرب بشكل عام، ولإسرائيل بشكل خاص.

وعلى الرغم من حرص النظام العلماني التركيّ على إيلاء العلاقة مع تل أبيب أهمية خاصة وجعلها فوق كل الحسابات، ورغم إن حكومة حزب العدالة و التنمية لم تأل هي الاخرى جهدا في تمتين وترسيخ دعائم تلك العلاقة، وقامت بدور وسيط بين إسرائيل وسوريا، إلا أنَّ ذلك لم يدفع الشارع التركي للاقتناع بوجود إسرائيل كدولة شرعية قائمة بحد ذاتها. واستمرّ الشارع التركي بالنظر بنفس منظار الشارع العربي لدولة إسرائيل رغم ان مستوى الكراهية لهذه الدولة قد أخذ منحى تصاعديا ملحوظا مع إزدياد نفوذ الاحزاب ذات التوجهات الاسلامية في تركيا ولاسيما في عهد حزب العدالة و التنمية.

وكشف إستطلاع للرأي أجرته مؤسسةquot;جالوبquot; الأميركيَّة أنَّ الأغلبية الساحقة من شعوب مصر وتركيا وإيران، يؤيّدون تقنين الشريعة الإسلامية لتكون أحد مصادر التشريع في بلادهم.

وعلى الرغم من أنَّ الشعب المصري جاء في طليعة تلك الشعوب من حيث المطالبة بتحكيم الشريعة الإسلامية إذ قال 91% من المصريين إنَّ الشريعة ينبغي أن يكون لها دور في تشريع القوانين، واتّفق معهم على ذلك 90% من الإيرانيين الذين شملهم الاستطلاع، بينما كانت النسبة في تركيا 74%، الأمر الذي يعكس أنَّ المدّ الإسلاميّ بعد سنوات العلمنة التركية منذ عام 1924 مازال على أوجّه ويمثل تحدياً كبيرًا لنظامها العلماني.

الدين لتحقيق مكاسب سياسيَّة
ولم تبد إنتظار بورزوك - طالبة جامعية من إسطنبول - أي إرتياح لقرار المحكمة و قالت إنَّه قد جاء لصالح حزب العدالة و التنمية و إنَّه أخرج الحزب من مأزق كبير أوقعته فيه سياساته غير السليمة تجاzwnj;ه الخط العلماني للدولة التركية. وأشارت بورزوك إلى أنَّ هذا الحزب قد حالفه التوفيق إلى حدّ الآن لأنه quot;نجح في توظيف الدين لأغراض سياسية وجذب عامة الناس من خلال بريق شعاراته الإسلاميَّة رغم إنها لم ولن تكون كذلك لأسباب مختلفة، والناس الآن باتوا يتذمرون من سياسات هذا الحزب وينظرون بريب إلى أفكاره ومبادئه التي تتقلص أو تتمدد تبعا للظروف السياسية المحيطة بهاquot;. وأعربت الطالبة الجامعيَّة عن ثقتها بأن الحزب وان نجح في البقاء لمدة أطول، لكنه لن ينجح في الانتخابات المقبلة كسابق عهده، متنبأة بهزيمة كبيرة له في أية إنتخابات قادمة.

وخمنت بورزوك أنَّ 60% من الشعب التركي يرفضون حاليّاً حزب العدالة والتنمية وأنَّ 40% فقط هم الذين يؤيدونه.

أماquot;نعيم ئالجينquot; من إسطنبول أيضا ويعمل في مهن حرة، فقال إنَّ قرار المحكمة كان إتفاق جماعي للخروج من الأزمة التي إختلقها حزب أردوغان مؤكدًا أنَّ القرار لايحمل أية إشارات تدل على نجاح أو إنتصار ذلك الحزب وإنما على العكس تمامًا، فقد إصطدم الحزب بالحائط الفولاذي المنيع للعلمانية ليتيقن بأنه من المستحيل إطلاقًا إعادة التقويم التركي إلى ما كان عليه في العام 1924. وألمح ئالجين إلى أنَّ تركيا أمام مفترق مهم جدًا في تاريخها الحديث حيث باتت الحاجة ملحة لكي يوضع حدًا للجدل الدائر بخصوص تمرير تشريعات دينية داخل بنية و مؤسسات الدولة التركية.

خيبة أمل
لم يخف محمد دميرجي اوغلو من أهالي مدينة أنقرة تأيّيده الضمني لحزب العدالة والتنمية وكونه أفضل حزب سياسي في الساحة التركية، وأكد أنه لو أجريت الانتخابات في أي وقت فإنه سيدلي بصوته لحزب العدالة والتنمية، إلا أنه قال في نفس الوقت إنَّ الحزب quot;خيب آمال مؤيديه عندما سلك سياسات غير واضحة أو مفهومة من قبل أنصاره ومؤيديه وهو عندما حقق إنجازات رائعة في البداية فإنه لم يتمكن من الاستمرار بنفس الهمة وخاض و تورط في امور غير ذات فائدة له في الوقت الحاضر وهو بذلك أعطى المبرر اللازم لمعارضيه كي يقوموا بنصب الكمائن و المكائد له، كما أن عمله على سن تشريع مؤيد للمرأة المحجبة و من ثم نقضه و مخالفته فيما بعد، هو بحد ذاته يدفع الناس للتشكيك بمصداقية الحزب و حقيقة مبادئه التي يدعو إليهاquot;.

وعن رأيه بقرار المحكمة الدستورية أكد أنه ومع كل الذي قيل عن هذا القرار فإنه بمثابةquot;نصر كبير لحزب العدالة و التنمية و يعطي دليلا قويا على دوره الكبير في تركياquot;.