أطال في الحديث عن نفسه ..وفسّر الماء بعد الجهد بالماء!
اللحيدان .... نطق الشيخ ... ليته لم ينطق!

سيف الصانع من دبي: كل من تابع اللقاء المطول لرئيس مجلس القضاء الأعلى في السعودية صالح اللحيدان، فجر الأحد، والذي عُرض على القناة السعودية الأولى، حول فتواه بجواز قتل أصحاب القنوات

إقرأ المزيد:

الشيخ الفوزان يدعو إلى إقامة الحد على سحرة الفضائيات

اللحيدان يفسر فتوى القتل ولا يتراجع عنها

تداعيات فتوى اللحيدان تتفاعل في السعودية

مثقفون سعوديون: فتوى اللحيدان بجواز قتل مُلّاك الفضائيات تسيء إلى

تنديد سعودي بفتوى قتل اصحاب بعض القنوات الفضائية

رئيس القضاء السعودي: لمن تقرع الأجراس؟

3 صحف سعودية تصدت لفتوى quot;اللحيدانquot; حول قتلملاك الفضائيات

الفضائية، سيلاحظ أن اللحيدان لم يتراجع عن فتواه الداعية لقتل ملاك الفضائيات، كما توقع البعض، بل كان ثابتا على موقفه، مصرا على فتواه، غير أنه اعتبر أن من نقل الفتوى لم ينقلها كما جاءت، بل حرّفها عن مسارها الحقيقي.

وعلى ما يبدو أن حديث الصحف والمنتديات عن سيرة الشيخ صالح اللحيدان، رئيس مجلس القضاء الأعلى، العملية، وعدم أهليته للفتيا بحكم أن تأهيله كان تأهيلاً قضائياً، ولم يعرف تاريخه العملي أنه تصدّى للفتيا، أقضّ مضجعه، وهو ما ظهر بوضوح من خلال الحوار الذي أجراه معه التلفزيون السعودي فجر اليوم، والذي خصص جزءً كبيراً منه لاستعراض سيرته الذاتية ، وما تم من حديث حولها.

مراقبون تحدثوا لإيلاف بعد أن شاهدوا لقاء الشيخ اللحيدان، وقالوا أن رئيس مجلس القضاء الأعلى quot; فسّر الماء بعد الجهد .. بالماء!quot;. وقال آخر أن ظهور اللحيدان في التلفزيون السعودي لم يضف أي جديد بل كان استعراضا لسيرته الذاتية والعملية.

وتجدر الإشارة أن الشيخ اللحيدان رشحه المفتي السعودي الأسبق الشيخ محمد بن إبراهيم، الذي كان يعمل سكرتيراً له، للانتقال من التعليم الكتاتيبي، الأسلوب الشائع في ذلك الحين، للدراسة رأساً في كلية الشريعة، دون أن يمر كما هو متبع بالدراسة المتوسطة أو الثانوية، وبعد ذلك تقدم لنيل درجة الماجستير في المعهد العالي للقضاء فنالها، عدم دراسته المنهجية اعتبره كثير من المعلقين، وخاصة في الإنترنت، نقصاً في التأهيل العلمي، وبالذات عند مقارنته بزملائه في مجلس كبار العلماء في السعودية.

ويؤكد من عملوا مع اللحيدان، أو بالقرب منه، أنه يعاني من ضعف في مادة quot;أصول الفقهquot;، وهي - حسب المصدر - الآلية التي من خلالها يستطيع الفقيه أن يصل إلى إنزال الأحكام الفقهية على الحالات المعروضة أمامه. وكان الشيخ عبدالله بن منيع زميله في مجلس كبار العلماء في السعودية ، قد لمح إلى هذا quot;النقصquot; في نقاش حاد دار بينهما حول رؤية الأهلة على صفحات الجرائد.

وقد حاول اللحيدان في لقائه الذي عرضه التلفزيون السعودي، الذي جاء على ما يبدو بعد ضغوط من جهات عليا، أن يمتص هذه الضغوطات، غير أنه لم يغيرفي فحوى الفتوى، سوى أنه حرّفها قليلاً عن هدفها، ليدخل فيها معنيون جدد . واعتبر أنه لم يجز القتل في فتواه مباشره، وإنما طالب بإحالتهم إلى القضاء. يقول : quot;أنا قلت : قضاءً؛ والقاضي لا يخرج بسيفه ويقتل من يقتل، وإنما تُقام الدعوى من الجهات المخصصة للإدعاء لهيئة الإدعاء العام .. quot;

كما لاحظ مراقبون، أن اللحيدان اتخذ من قنوات السحر والشعوذة مهرباً للخروج من حساسية هذه الفتوى، التي تداولتها وكالات الأنباء والصحف العالمية يوم أمس. فقد أشار في اللقاء أن المقصود في فتواه هي قنوات السحر والشعوذة والمجون، ليثير استغراب المشاهدين الذين استمعوا إليه وهو يقول في مطلع فتواه : quot;أنا أنصح أصحاب هؤلاء القنوات الذين يبثون الدعوة quot;للخنا والمجونquot;، أو الفكاهة والضحك، وإضاعة الوقت بغير فائدة .. quot;، مما حدا بالكثير لأن يتساءلوا : هل قنوات السحر والشعوذة تبث الفكاهة والضحك؟

وكان السؤال الذي طرح عليه في إذاعة القرآن، حمل الصيغة التالية: إن الفتن الكثيرة التي يجلبها أصحاب القنوات الفضائية في شهر رمضان على وجه الخصوص تكثر برامجهم السيئة، ويركزون في فترة المغرب وفترة العشاء على المسلمين. ما نصيحتكم سواء كان للمشاهدين أو لأصحاب هذه القنوات؟

وهذه الصيغة لا يمكن أن يخطئ فهمها، فالمقصود كما هو واضح من السؤال كان القنوات العربية التي تبث في فترة المغرب وبعد الإفطار مباشرة برامج فكاهية، ومسلسلات كوميدية يومياً، وتجتمع لمشاهدتها الكثير من العائلات.

كما أن قنوات السحر والشعوذة، تم إلغاؤها من قمري نايل سات وعربسات، قبل ما يقارب العام، بعد مطالبات نشطاء في مصر، وعلماء في السعودية، ودول عربية أخرى، نظراً لما تقوم به تلك القنوات من التنجيم وقراءة الفنجان على الهواء مباشرة، والبحث في الرزق والعمر وغيرها من الأمور الشركية.

ومن تابع اللقاء يلحظ أن الشيخ صالح اللحيدان أسهب في الحديث عن نفسه، رغم أنه قال : quot; لا أحب الحديث عن النفس ولا أحرص على المظاهر الإعلاميةquot;، وبعد هذا يتكلم عن نفسه وعن بداياته،في سلك القضاء، وكيف تدرج حتى أصبح رئيسا للمجلس الأعلى للقضاء، وتطرق لعلاقته مع ملوك المملكة العربية السعودية، الذين عاصرهم منذ البداية، وكيف كان يحظى بتقديرهم واحترامهم.

بيان وحوار الشيخ فيه شئ من الاعتداد بالنفس، واستعراض الانجازات، والزهو بالأنا، وعدم التواضع، وهي من الصفات المستهجنة في السعودية، وبالذات من الفقهاء و العلماء . مثلاً يقول عن نفسه : quot; لو لم تكن لي في القلوب مهابة لم تكثر الأعداء في تقدح فلا ألوم من يتضايق من أن يكون إنسان موفق لأي عمل من الأعمال وإذا صار الشنآن والازدراء ممن هم دون المستوى فأستشهد إشارة أولا تكلم في أهل العلم وانتقد الرسل من قبلهم وأما من جانب الأدب فيقول أبو الطيب المتنبي في قصيدته مطلعها:

لك في القلوب منازل ..
وإذا أتتك مذمتي من ناقص .... فهي الشهادة باني كامل.
ويكمل: : إذا جاءت المذمة من نقص في عقله أو إيمانه أو حسبه فهذا لا يضير، يكفيني ما يقول الشاعر الأول :
إذا رضيت عني كرام عشيرتي .... فلا زال غضباناً علي لئامها

ويواصل : quot; فانا إذا كنت أتمتع فيما أظن برضى الله جل وعلا، ثم برضى ملوك بلادي وكبار رجالهم من إخوانهم ونوابهم، فلا أبالي فيمن دونهم إلا نني أحب لكل مسلم أن يوفقه للصواب في أموره كلها وأن يهديه سواء السبيل ، وأنا ما أقول لمن يسيئني إلا حسبنا الله ونعم الوكيلquot;.

وهذا ما استنكره كثير من المتابعين، لكون السياق العام لهذا المعنى يشير إلى أن المواطن العادي ناقص في نظر اللحيدان، ولا يحق له انتقاد الشيخ أو الغضب منه، وكل من ينتقده من دون الملوك وكبار المسئولين، فهو لا يأبه ولا يبالي بهم، كما أنه قسّم من خلال حديثه المجتمع إلى قسمين: quot;لئامquot; وquot;كرامquot;، وخاض في الأحساب والأنساب، وهو ما اعتبره البعض خروجاً عن الموضوع الأساسي للحوار.

كما ظهر الانفعال و الاحتقان على ملامح وجه اللحيدان، وكان واضحا أنه متأثر بما صاحب فتواه من ردود فعل عالمية واسعة، وهذا ما جعله يتحدث حديثا مطولا عن نفسه، وعن تاريخه القضائي، نافيا أن يكون وصل إلى ما وصل إليه عبر بوابة الفتيا، بل عبر تفانيه في العمل وإخلاصه فيه.

حيث قال : quot;وأنا إن لم أكن مفتي أتلقى الفتاوى عبر الهاتف وفي مقري في العمل وفي منزلي وفي الدروس التي القيها والمحاضرات التي يلح علي ، وأن وقتي كما يعرف كل من يعرف أنني في القضاء وفي دراسة القضايا ـ القتل والرجم والأموال والتعزيرات والحدود وغير ذلك ـ يستدعي من الواحد أن يكون باذلا جل ما يبذله من وقته في خدمة هذا الجهاز الذي أعتبره ولله الحمد أميز قضاء في العالم وإن لم يرضَ المغرضون.

وذكر اللحيدان أنه رفض دعوى من قناة mbc للظهور عبرها، معللا ذلك بسبب وجود تسجيلات غنائية ومجونية، على حد تعبيره. وقال : quot; ولا شك أنني لست راضيا عن كثير من القنوات الفضائية وإن كنت ألقيت كلمات في قنواتنا وفي قناة المجد واعتذرت عن غيرها كا إم بي سي طلبوا مني في أول تأسيسها فرفضت أن يكون قبلي تسجيلات غنائية ومجونية وأن تأتي بعد كلامي تسجيلات من هذا النوع، قلت لا مانع إذا نفذتم هذا الشرط قبل البداية لا يكن سبقني كلام من هذا القبيل فلا عندي مانع من التسجيل، لكن يظهر أن هذا يشق عليهم أو لا يناسب سياستهم فلم يسجلوا عندي فيما أعلم شي من ذلكquot;.

ويستمر في توضيح مقصده عن الفتوى بقوله: إن هؤلاء المسئولين والباثين إذا لم يمتنعوا ومنعتهم السلطة وعادوا في ذلك أنهم يعاقبون، ومن لم يردعه العقاب واستمر على إفساد الناس فيما يبث أنه يجوز للسلطة quot;قتلهمquot; قضاء. ومعلوم أن القاضي لا يخرج بسيفه ويقتل من يقتل، وإنما تقام الدعوى من الجهات المخصصة للإدعاء لهيئة الإدعاء العام و يسمع القاضي ويصدر أحكامه إذا ظهر له أن المدعى عليه ممن يستحقون العقوبة القاسية ثم يرفع هذا للجهات المختصة في تدقيق الأحكام ثم يرفع بعد ذلك للجهة التي هي أعلى منها فإن مراحل القضاء في المملكة ليست درجة واحدةquot;.

ويرى البعض أن إضافة كلمة quot;قضاءquot; التي قالها اللحيدان، والتي يعتقد أنها أخرجته من مغبة فتواه، لا تعفيه من المسؤولية، لأن مجرد وجود مفردة (القتل) في سؤال كهذا، كفيل بإثارة الناس، ومع ذلك يؤكد اللحيدان أن فتواه حرفت عن مسارها الطبيعي، وأنه من غير المتوقع أن يصدر عنه مثل هذه الفتوى بقتل ملاك الفضائيات، خصوصاً وأنه قال بعد أن استعرض حياته الطويلة في القضاء التي تجاوزت أربعين عاما،:quot; فهذه الحياة لا تدل على أن الإنسان يتكلم في فتوى عن جهل أو عدم رؤيه أو إدراكquot;.

اللحيدان للمرة الثانية طيلة أكثر من (50) عاماً من سيرته المهنية يتراجع أو يصدر بياناً عن فتوى أصدرها أو رأي أدلى به, لكن المتمعن في سيرة ما كتب أعلاه على لسان اللحيدان,يجد أنه تعمق في تجهيل خصومه وانتقاصهم, وهو الحل الأوحد والخيار أمام إصداره بياناً .