23% مع الرؤية الدينية وحدها و36% مع الدمج
إستفتاء إيلاف: الأخذ بالنظرية العلمية لنشوء الكون

إيلي الحاج من بيروت: أظهرت نتيجة إستفتاء quot;إيلافquot; لهذا الأسبوع تساويًا بفارق ضئيل (1في المئة) في نسبة من يدمجون نظرية العلم والدين في موقفهم من نظرية الإنفجار الكبير- إذا ثبت أنها سبب وجود الكون - ونسبة من يعتمدون النظرية العلمية وحدها . فصوّت لخيار الدمج 1359 مشاركًا في الإستفتاء من أصل 3804 أي ما نسبته 36 % وصوّت لخيار اعتماد النظرية العلمية وحدها 1348 مشاركًا أي ما نسبته 35 في المئة .

أما من يعتمدون النظرية الدينية وحدها فاقتصرت نسبتهم على 865 مشاركًا أي ما نسبته 23%، بينما بلغ عدد من أجابوا بأنهم لا يدرون 232 مشاركًا أي 6 %. ويتبين من خلال هذه النتيجة أن ثلثي المشاركين يميلون إلى الأخذ بالنظرية العلمية عن سبب نشوء الكون في الإعتبار، لكن نصفهم يصدّق العلم من دون أن يتخلى عن تمسكه بالنظرية الدينية لنشوء الكون، مفتشًا على الأرجح عن أسانيد للتوفيق بينهما، فيما نصفهم الآخر يأخذ بالنظرية وحدها جاعلاً بذلك من النظرية الدينية لنشوء الكون تفسيرًا غيبيًا أسطوريًا لا يتطابق مع اكتشافات العلم الحديثة، وقاصرًا الدين على العبادة دون النظرة الشاملة إلى كل ما في الحياة.

أما من يأخذون بالنظرية الدينية وحدها، ونسبتهم 23 في المئة، فيعكسون رأي فئة واسعة جداً ما فتئت منذ القديم تعتبر أن كل العلوم موجودة في الدين الذي سبق أن عرض للناس كل الحقائق لكنهم يقصرون عن فهمها واستيعابها. ولا شك أن الأديان السماوية تلتقي في جوهرها عند فكرة ورواية لأصل الكون مختلفتين عما يقدمه العلم، فعندها أنه كون مخلوق، فيما العلم يتحدث عن نشوئه من دون تطرق إلى من أنشأه أي إلى علة العلل، وذلك لتحاشي العلم في طبيعته كل ما يتخطى الملموس وما لا يمكن إخضاعه للفحص العلمي والمنطق العقلي الذي لا يستطيع أن يدرس ما يتخطاه ويعطي جواباً عنه.

والحال أن المسألتين منفصلتان، فلا يمكن العلم أن يحل محل الفكر الديني لأنه ليس مجاله، والفكر الديني لا يمكنه الحلول محل الفكر الديني لأنه ليس مجاله أيضاً، وإن كان لبعض فروعه مثل علم الإجتماع (لا يمكن اعتبار الفلسفة علما) أن يحلل إستناداً إلى الأساليب والطرق العلمية مواضيع تتعلق بعلم النفس الفردي والجماعي وتقع على تماس مع موضوع الإيمان الديني أو غير الديني حتى وحاجة النفس إليه، وذلك كي يشعر الإنسان بسلامه وتماسكه الداخليين ما أمكن، وسط عالم يبعث على الخوف. فضلاً عن أن العالم الآخر، أو الآخرة الذي لا يكترث له العلم، بينما يعطيه الفكر الديني أهمية قصوى تسيّر الملايين من البشر وتؤثر في حيواتهم.

ويلفت في نتيجة الإستفتاء تدني نسبة من لا يأخذون في الإعتبار النظريات العلمية الحديثة التي تتعارض مع النظرية الدينية، رغم أن كل المعطيات تشير إلى أن أعدادهم أو نسبتهم أكبر في عصر صعود الفكر الديني في كثير من المجتمعات العربية والإسلامية، وقد يكون أنهم لم يقبلوا على المشاركة بكثافة في الإستفتاء أو أنهم يكتفون بدخول مواقع محددة على شبكة الإنترنت توافق نظرتهم الدينية المحافظة. أما إذا كانت النسب المعروضة في نتيجة الإستفتاء تعكس حقيقة تقريبية لاتجاهات العرب والمسلمين عموما، فهذا يعني أن ثمة إتجاها قوياً بينهم إلى عدم معارضة ما تقدمه العلوم التي يتعاملون معها يومياً بل كل دقيقة وإلى التوفيق ما أمكن بينها وبين النظرية الدينية.