زيارة علي عبدالله صالح أثارت جدلا
حاجة اليمن للسلاح : هواجس داخلية ام لرد عدوان خارجي
فالح الحمراني من موسكو:
اختتم الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الاسبوع الماضي زيارة لموسكو اثارت الكثير من الجدل وتكهنات وتضارب في التصريحات حولها. واللافت ان الجانب اليمني اثار قبل الزيارة وما اسفرت عنه من نتائج زوبعة هائجة من التصريحات وكأنه اراد عن قصد ان يلفت الانظارالى ان هدف زيارة الرئيس صالح استيراد كميات كبيرة من الاسلحة وانه حصل على طلبياته. وركزت صنعاء وضخمت من نية اليمن quot; شراء quot; المزيد من الاسلحة من روسيا الاتحادية. ولم تعر الزيارة اهمية تذكر لصياغة مبادرات سلام مشتركة جديدة لاطقاء الحرائق الملتهبة في منطقتنا. وقال مصدر في الكرملين خلال الزيارة quot;ان الطرفين نظرا في مجال التعاون العسكري الذي يعتبر اهم مسار من مسارات التعاون في علاقات البلدين وان الطرفين ينفذان العقود في اطار القوانين الدوليةquot;.
ومن هنا يأتي السؤال المشروع :ما حاجة صنعاء لهذا الكم من الاسلحة؟ هل هناك عدو خارجي جاهز للانقضاض على اليمن السعيدة؟ ام ان النظام يشعر بقاعدة هشة تحته وليس من يسنده عند الملمات غير السلاح، بما في ذلك لحل المشاكل الداخلية في عصر باتت الثورات والانقلابات فيه تكتسب اشكالا متعددة وغير متوقعة احيانا؟ ام ان اليمن مأخوذ بهاجس فقدان الامن في منطقة القرن الافريقي وان هناك من الجهة الاخرى للبحر الاحمر من يتربص بها.
ميلكوميان تقول
وفي حديث مع ايلاف تقول خبيرة شئون منطقة الخليج في معهد الاستشراق يلينا ميلكوميان ان العلاقات في مجال التسلح كانت دائما قضية مركزية في العلاقات بين اليمن وروسيا وحتى في زمن الاتحاد السوفياتي. وترى الباحثة الروسية ان اليمن يشتري الاسلحة بهذا الكم ليس لاغراض دفاعية آنية، مشيرة الى انها غير معرضة الآن لاي عدوان خارجي كان. وعلى حد قناعتها فان اليمن تتتزود بالاسلحة من اجل تعزيز مكانتها في المنطقة المتوترة اصـلا، وان الرئيس صالح يريد كالدول المجاورة ان تظهر بلاده بانها تمتلك ترسانات اسلحة. ورأت ميلكوميان وجود هواجس لدى صنعاء من احتمال اثارة قضايا حدود سابقة مع جيرانها. وثمة مصادر قلق تقض مضجعها تتمثل بالقرصنة عند سواحل الصومال ومن احتمالات تعرضها لهجمات واعتداءات ارهابية. ولم تقلل ايضا من المخاطر الداخليةمعيدة الاذهان الى تمرد القبائل واختطاف الاجانب التي استخدمت الطائرات والاسلحة الثقيلة لسحقها، وكذلك من تحرك المعارضة او جماعات اخرى لسبب او اخر، ولذلك على حد قولها فان الرئيس اليمني ادرج في قائمة احتياجاته الاسلحة الخفيفة الخاصة باجهزة الامن.

وترى الخبيرة ان روسيا مستعدة للتعاون مع اي طرف كان في المجال العسكري التقني. واضافت بان ليس لروسيا ما يمكن ان تصدره للبلدان النامية غير الاسلحة، بينما تتعاون في مع الغرب في مجال النفط والغاز.واوضحت بان الاستراتيجية الروسية تقوم اليوم على اقامة علاقات طيبة مع كافة الدول.
وابدت ميلكوميان تحفظها على امكانية روسيا استئجار قاعدة عسكرية من اليمن نظرا لضعف قدراتها.
موسكو ارجأت الزيارة
وكان الرئيس اليمني قد خطط لفترة طويلة سابقة القيام بزيارة لروسيا ولكن موسكو وفق المعلومات المتوفرة كانت قد ارجأت الزيارة بسبب ازدحام جدول عمل القيادة الروسية.ولكن ووفق معطيات اخرى فان سبب تأجيل الزيارة في حقيقة الامر عاد الى غياب موقف موحد من مسالة التعاون العسكري/ التقني.

ويشار الى ان اليمن كان مستورد تقليدي للاسلحة الروسية( السوفياتية سابقا) ولكن بعد انهيار الاتحاد السوفياتي توقف التعاون تماما مع روسيا في هذا المجال . ويعود سبب ذلك الى جملة من القضايا من بينها الديون المترتبة على صنعاء وتركيز موسكو بعلاقات على الغرب.

وحسب معطيات في المؤسسة العسكرية الروسية فان اليمن كان قد استورد من الاتحاد السوفياتي اكثر من 30 صاوروخا مضادا للاهداف الجوية و 1300 دبابة وزهاء 200 الية عسكرية و 1200 ومصفحات وغيرها من المعدات بكلفة 6 مليار دولار اضافة الى ان اليمن طلب خدمات عسكرية كلفته اكثر من 500 مليون دولار وبذلك فان حجم التعاون العسكري بين اليمن والاتحاد السوفياتي بلغ 7 مليار دولار.

ولكن اليمن وجهت شطر وجهها نحو موسكو من جديد في نهاية التسعينات. وتصاعدت وتائر التعاون بتصاعدا مكثفا. فاليمن بحاجة الى تحديث قواتها العسكرية وتضع الرهان على ان روسيا ستقدم لها طلباتها، بيد روسيا اصبحت اكثر برجماتية ولم تعر الاهتمام بعد الان للشعارات والايديولوجيات وانما تنظر الى امكانيات الزبون وقدرته على الدفع. وثمة رهان اخر لدى الرئيس صالح، ان يساعد الروس صنعاء باكتشاف نفط وغاز حتى توظفه للاسلحة التي يبدوا ان صنعاء بحاجة لها اكثر من الخبز والمستشفيات والمعاهد العلمية وتبليط الشوارع وبناء بيوت حديثة واجراء اصلاحات اجتماعية وسياسية.
لائحة وشروط
واثارت الطلبات اليمنية زوبعة واسعة بسبب تنوع لائحة الاسلحة وتكلفتها . وكان وفد عسكري يمني قد زار موسكو قبل زيارة الرئيس صالح باسبوعين ومعه وزير المالية ايضا, وتقدم اليمنيون بلائحة طلبياتهم من الاسلحة لممثلي المجمع العسكري الروسي، والكلام دار بالاخص على المقاتلة ميغ 29 والهليكوبترات واليات المشاة والدبابات ووسائل الدفاع الجوي والرادارات.ولكن الجانب اليمني وفقا لمعطيات صحفية كان قد اشترط بالحصول على تسهيلات لدفع ثمن مشترياته وتسديد قسم اخر بالبضاعة، الامر الذي لم يجد استجابة من قبل المجمع الصناعي الحربي الروسي. وتم التوصل لحد الان على مشتريات بتكلفة 250 مليون دولار وفي بعض تقديرات اخرى على مليار. ولكن الرئيس صالح مازال يعقد الامل على استمالة روسيا لتقديم تنازلات لصنعاء.واقترح الرئيس اليمني في اطار برنامج لتعاون شامل مع موسكو شطب الديون المترتبة على بلاده مقابل شراء اسلحة بتكلفة 2،5 مليار دولار وتقديم تسهيلات لشركات الروسية بالعمل في اليمن بما في ذلك في مجال النفط والغاز.

وتضع صنعاء الرهان على المؤسسة العسكرية الروسية للضغط على القيادة السياسية في تحقيق خططها بالحصول على طلبياتها من الاسلحة. فالمؤسسة العسكرية لا تود فقدان اليمن كسوق قد يذهب لقمة سائغة لتجار الاسلحة الغربيين كما ان المؤسسة العسكرية تتطلع للعثور على مواقع قدم في ارض اليمن لتكون قاعدة لها في المياه الدافئة. لذلك فان زيارة الرئيس صالح لروسيا تركت خلفها زوبعة والزمن سيكشف من انها كانت في فنجان ام ستتجسد على ارض الواقع بخطوات عملية.