منظمات حقوقية تتهم الحكومة بالتراخي عن حمايتهم والتحريض عليهم
نزوح جماعي للبهائيين من صعيد مصر إلى القاهرة بعد استهدافهم
نبيل شرف الدين من القاهرة: رصدت دوائر إعلامية وحقوقية مصرية عملية نزوح جماعية لعدد غير محدد من معتنقي البهائية من محافظة سوهاج بأقصى جنوب البلاد إلى العاصمة القاهرة، وذلك بعد أن أقدم بعض الأهالي على إحراق منازل ستة منهم، وأكد مصدر أمني التحفظ على منازل هؤلاء البهائيين بعد أن تركها أصحابها خشية التعرض لهم، ويقدر عدد البهائيين في تلك المحافظة بنحو 182 شخصاً وفق الإحصائيات الحكومية .
وزعم مصدر محلي أن البهائيين اتخذوا من قرية quot;الشورانيةquot; منطلقاً لنشر معتقداتهم منذ نحو خمسة عشر عاماً، غير أن القرية تحولت بعد تلك الأحداث الأخيرة إلى ما يشبه الثكنة العسكرية، إذ فرضت أجهزة الأمن حصاراً على كافة مداخلها، ولم تسمح لغير أبناء القرية بدخولها، ويقول أهالي الشورانية إن أول بهائي كشف عن نفسه في القرية يدعى محمد عبد الرحمن وكان ذلك عام 1985.
وتقع الشورانية التي تبعد أكثر من 400 كيلومتر عن القاهرة في جزيرة وسط النيل ويسكنها حوالى 15 ألف نسمة بينهم عشرات البهائيين، وينظر أهالي القرية إلى البهائيين على أنهم مرتدون ولهم ارتباطات خارجية حسب المزاعم الرائجة هناك خاصة وأن معظم وسائل الإعلام الرسمية تدفع في اتجاه التحريض عليهم، كما يقول البهائيون .
وقالت مصادر حقوقية ان النيابة العامة المصرية قررت التحقيق في بلاغين تقدمت بهما منظمات لمراقبة حقوق الانسان بالوكالة عن بهائيين يقولون ان بيوتهم أُحرقت بعد تحريض على قتلهم، أتت النار على ست منازل لبهائيين في قرية الشورانية في محافظة سوهاج بعد أن هاجمها شبان بقنابل حارقة، حسب قول شهود عيان .
وقال بيان لمنظمة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية وهي إحدى المنظمات التي تقدمت بالبلاغ إن مكتب النائب العام أحال أحد البلاغين الى نيابة جنوب الجيزة بينما أحال البلاغ الثاني الى النيابة في محافظة سوهاج جنوب القاهرة للتحقيق فيهما، بينما قال مصدر في مكتب النائب العام ان البلاغ الأول حدد أسماء خمسة من سكان الشورانية قال البهائيون إنهم أحرقوا المنازل الستة واستولوا على الاثاث الذي كان فيها وكافة المتعلقات الخاصة .
وأضاف أن البلاغ الثاني اتهم عضو مجلس نقابة الصحافيين جمال عبد الرحيم الذي كان ضيف حلقة حوارية في إحدى الفضائيات المصرية التحريض على قتل أكثر من بهائي كانوا قد تحدثوا في ذلك البرنامج .
تجدر الإشارة إلى أنه بعد سلسلة طويلة من الدعاوى القضائية حصل البهائيون في الآونة الأخيرة على حكم قضائي نهائي بوضع علامة الشرطة (ـ) في خانة الديانة في بيانات بطاقات الهوية الرسمية .
البهائية في مصر
وللبهائية في مصر قصة تتسم بالتصعيد بين الحين والآخر، إذ ضبطت السلطات ثلاث جماعات بتهمة الدعوة للبهائية الأولى عام 1971 وضمت تسعين شخصاً، وانتهت القضية إلى الحفظ، وفي العام 1986 أوقفت السلطات 50 شخصاً بتهمة محاولة إحياء أنشطة محافلهم وانتهت القضية إلى البراءة وهي النتيجة نفسها التي انتهت إليه قضية ثالثة كان مسرحها محافظة سوهاج في صعيد مصر، ومن أشهر الشخصيات البهائية الفنان الراحل حسين بيكار، رسام الكاريكاتير الشهير في صحيفة (أخبارِ اليوم)، وبعد أشهر أفرجت عنه المحكمة لكبرِ سنه رغم اعترافه بأنه quot;بهائيquot; وأن ذلك الأمر مسجل في خانة الديانة في بطاقته الشخصية، وتأكيده أنَّ البهائية ديانة مستقلة مثل الإسلام والمسيحية واليهودية، وكل الديانات الأخرى .
وتعايش البهائيون في مصر منذ منتصف القرن التاسع عشر، وحتى بداية الستينات من القرن الماضي، حينما صدر قرار جمهوري سنة 1960، يقضي بإغلاق كافة المحافل البهائية، عقب دعوى قضائية اتهمت فيها السلطات بعض الأفراد بنشر البهائية في مصر، ويؤكد البهائيون أنه حدثت موجة اضطهاد عارمة مطلع الثمانينات تركزت في مصر، وكانت لها أصداء في الدول العربية الأخرى .
وثار جدل واسع في الأوساط الدينية والحقوقية حول البهائية مؤخراً في مصر، ففي حين قال رجال الدين إن البهائية ليست ديانة وإن من يعتقد بها مرتد عن الاديان السماوية بينما ايدت معظم مراكز حقوق الانسان الحكم باعتباره انتصاراً للحرية الشخصية التي نادى بها الدستور كل هذا دفع وزارة الداخلية للطعن في الحكم طالبة الغاءه، وقالت وزارة الداخلية في طعنها إن الحكم السابق يحق للبهائيين إثبات ديانتهم مما اعتراه الكثير من العيوب بينما واجهت مذكرة الدفاع التي اعدتها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ذلك وأكدت أن عدم إثبات ديانة البهائية في البطاقة يعد جريمة تزوير يعاقب عليها القانون .
وينص الدستور المصري على حرية الاعتقاد ولكن المسؤولين يترددون في الاعتراف بأي أديان غير الاسلام والمسيحية واليهودية التي يعتبرها المسلمون الديانات السماوية الوحيدة.
وقال المركز القومي لحقوق الانسان ـ وهو مؤسسة حقوقية ممولة من الحكومة تأسست عام 2004 ـ في تقريرها السنوي الأخير إن مشكلة الوثائق الرسمية الخاصة بالجالية البهائية سببت للبهائيين مشاكل في المدارس والجامعات وتسجيل شهادات الوفاة والميلاد والاعفاء من الخدمة العسكرية .
جذور المشكلة
وتعود جذور مشكلة البهائيين في مصر إلى العام 1960 حين أصدرت السلطات المصرية قراراً بحل المؤسسات البهائية في ما يبدو بسبب وجود مقر الديانة البهائية في اسرائيل، وتسببت المعاملة التي يلقاها البهائيون الذين تقدر المنظمات الحقوقية عددهم بألفي نسمة في مصر في سوء علاقات الحكومة المصرية والمنظمات الحقوقية.
وفي ما يلي ما صدر من أحكامٍ قضائية وقرارات إدارية بشأن البهائية:
- صدر حكم محكمة المحلة الكبرى الشرعية في 30/6/1946، بطلاق امرأة اعتنق زوجها البهائية باعتباره مرتدًا.
- عندما سجَّل البهائيون محفلهم في المحاكمِ المختلطة برقم (776) في 26/12/1934، حاولوا أن يوجدوا لهم صفة الشرعية لكن الحكومةَ قاومتهم برفض الطلب بناءً على ما رأته إدارة قضايا الحكومة في 5/7/1947، كما رفض طلب إعانة له من وزارةِ الشؤون الاجتماعية التي رفضت تسجيل المحفل الروحاني البهائي.
رأت إدارة الرأي في وزارتي الداخلية والشؤون البلدية والقروية في 28/12/1951، أنَّ في قيامِ المحفل البهائي إخلالاً بالأمنِ العام.
- تأيد هذا بما رأه مجلس الدولة في 26/5/1958، من عدمِ الموافقة على طبعِ إعلان دعاية لمذهب البهائية لأنه ينطوي على تبشيرٍ غير مشروع، ودعوة سافرة للخروجِ على أحكام الدين الإسلامي وغيره من الأديان المعترف بها، ورأى منع ذلك لمخالفته للنظام العام في البلادِ الإسلامية .
- قضت محكمة القضاء الإداري في مجلسِ الدولة في مصر بالقضية رقم 195 بتاريخ 26/5/1952، برفض دعوى أقامها بهائي وجاء في تسبيب هذا الحكم تقريرها: quot;أن البهائيين مرتدون عن الإسلامquot; .
- صدر القرار الجمهوري رقم 263 لسنة 1960 ونص في مادته الأولى على أنه: quot;تحل المحافل البهائية ومراكزها الموجودة ويوقف نشاطها ويحظر على الأفراد والمؤسسات القيام بأي نشاط مما كانت تباشره هذه المحافل والمراكز، ونص القرار في مادته الأخيرة على تجريمِ كل مخالف وعقابه بالحبس والغرامة.
- حكم بالحبس والغرامة في القضية رقم 316 لسنة 1965، على عددٍ من أتباعِ البهائية لقيامهم بممارسة نشاطهم في القاهرة، كما قُبض على غيرهم في طنطا سنة 1972، وكذلك في سوهاج .
- قُبض على مجموعةٍ أخرى في فبراير 1985، برئاسة الفنان بيكار، واعترفوا بإيمانهم برسولهم quot;بهاء اللهquot; وكتابهم الأقدس، وأنَّ قبلتهم جبل الكرمل في حيفا، وقد أدانتهم محكمة أول درجة وإن برأتهم محكمة الاستئناف لاحقاً .
التعليقات