في أعقاب quot;غزوة الجوفquot;.. رئيس ناديها الأدبي لإيلاف:
لا أحد يعترض على وجود المرأة سوى في الجوف.. ولن نوقف نشاطاتنا
طالع ايضاً في quot;إيلافquot; |
أجواء توتر وتهديدات بالقتل في أمسية نادي الجوف الشعرية |
السطور التالية التي تحمل حوارا أجرته إيلاف جاءت مشحونة بالكثير، بشكل شبيه بما يحدث في الجوف هذه الأيام.
- كيف كانت أجواء الأمسية الأخيرة للنادي ؟
جانب من الحضور |
التيار المتطرف حاول القيام باستعراض لقوته من خلال إرسال مجموعات من رواد الاستراحات الدينية للتشويش على الأمسية، وكانوا يحاولون تخريب الأمسية يائسين بكافة الوسائل حتى أنهم أرسلوا صبيانهم لصالة العشاء قبل الضيوف نكاية بالنادي حيث فوجئنا بعشرات الصبيان يتقدمون على الضيوف في طابور طويل يتنافسون على بوفيه العشاء الذي كان متاحا للجميع، وأعتقد أن الوجود الأمني حال دون قيام المتطرفين بأعمال إجرامية اتضح التخطيط لها من خلال الرسائل التي تلقيناها، و كان من بين الحضور أحد ابرز خفافيش الانترنت و أبرز المنكرين على النادي وهو عضو في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و هاجم النادي بشراسة من خلال الانترنت و المنتديات، ولكنه لم يستطع التفوه بكلمة في حضرة الشعر و كان كثير من المتطرفين الصغار أتباع له.
كما أن هناك مواقعومنتديات متطرفة أشارت إلى ليلة الأمسية باسم quot;غزوة الجوفquot;تعبيرا عن الاستعدادات التي بذلها التيار لحشد المريدين، ومما يؤكد التخطيط لتخريبها ذلك الحضور الطاغي للشباب الذين يمكن تسييرهم بالريموت كنترول من قبل أمرائهم الشيوخ كما يسمونهم، حيث كانوا طوال وقت الأمسية متحفزين ويحاولون استفزاز رجال الأمن ورجال النادي بالإزعاج والكلام ورفع الصوت ورنين هواتفهم التي لم تتوقف، وبالرغم من ذلك فقد مارس النادي أقصى درجات ضبط النفس معهم، رغم الاستفزاز الصبياني للمتطرفين.
- مالذي تتوقعه من موقعك كرئيس للنادي الأدبي بالجوف، بعد كل هذه التهديدات، إذا علمنا أن النادي حديث النشأة نسبياً مقارنة بالأندية الأدبية الأخرى.
النادي مؤسسة ثقافية رسمية، تعمل تحت مظلة الدولة، وتحت الضوء، وحداثة النشأة تتطلب مزيدا من الجهد للحاق بالركب، لأن المنطقة ظلت سنوات طويلة بعيدة عن الحراك الثقافي باستثناء تلك النشاطات التي تقيمها المؤسسات الثقافية الخيرية، ولهذا أصبحت مرتعا خصبا للأفكار المتطرفة التي أفرزت أعمالا إرهابية كانت الأولى بهذا الحجم على المستوى الوطني، ومثل اغتيال وكيل الأمارة السابق والقاضي ومدير الشرطة رحمهم الله، وللأسف ظلت المنطقة بعيدة عن اهتمام الحكومة المركزية، فاستمرت حركات التطرف بالعمل في بيئاتها واستراحاتها، تجيش المريدين وتغرر بالطلبة وصغار السن، حتى وصلنا الى مرحلة أصبح الفعل الثقافي اليومي والطبيعي شبهة أو حتى جناية لدى هذه الجهات المتطرفة.
من وجهة نظري أن الدولة مسئولة بشكل أو بأخر، وتستمر مسئوليتها عن الأحداث التي حدثت أو قد تحدث في منطقة الجوف، نتيجة لغيابها شبه الكامل عن الفعل التنموي والتنويري، حتى أن الأمير عبدالاله بن عبدالعزيز فوجئ عندما عين أميرا لمنطقة الجوف عام 1420 هـ بالتخلف التنموي للمنطقة وقال quot;إن مدينة سكاكا مدينة تعيش في القرن التاسع عشرquot;، نتيجة لما شاهدهللنقص الحاد في الخدمات الصحية، والانتشار العشوائي وانعدام مظاهر المدنية والطرق الحديثة والحدائق والأرصفة والشوارع المنظمة، ومراكز الأحياء وغياب المكتبات، إضافة الى التخلف الواضح الذي تعيشه المنطقة وانعكاس ذلك على حياة المواطن كما أشار إلى ذلك تقرير لإمارة منطقة الجوف، وبكل أسف بقي الحراك التنموي رغم مرور حوالي عشرة أعوام على صدور هذا التقرير يراوح مكانه رغم تحقيق بعض التقدم كتأسيس الجامعة منذ عامين، والبدء في مشروعات البنية التحتية التي تحتاج وقتا طويلا حتى يعيش المواطن مكتسباتها، الا انه فيما يتعلق بالمشروعات التنموية المباشرة كالطرق الداخلية الفسيحة والحدائق والمنتزهات والمراكز الثقافية والتجارية والتي تنعكس على الحياة الاجتماعية وبنية التخلف، لم يطرأ عليها أي تقدم.
وبالرغم من افتراض انعكاس بعض المشروعات التنموية الكبرى على المنطقة إيجابا، إلا ان سوء التنفيذ يفقد هذه الأعمال قيمتها، فمثلا طريق حائل الجوف، نتيجة لهذا السوء أصبح طوله 400 كيلو متر بعد أن أصبح بعيدا عن مدينة سكاكا بمسافة 120 كيلو متر، مع أنهكان المفترض أن يصب في مدينة سكاكا ويختصر مسافة 200 كيلو متر، لأن المسافة الحقيقة بين مدينتي سكاكا وحائل هي 250 كيلو متر وليست 400 كيلو متر، ولهذا ضاعت كل آمال التنمية التي كان يمكن أن يحققها الطريق للسكان، ولم يتحقق ماأراده ولي الأمر من مصالح متصلة بانشاء الطريق، ومثل ذلك مشروع الجامعة الذي يمكن يكون لبعدها عن مدينة سكاكا ب 45 كيلو متر أبعاد سلبية أكثر منها ايجابية، فهي الجامعة الوحيدة في المملكة التي تبعد عن مركز المدينة 45 كيلو متر، فكيف لها أن تحقق فعلا تنويريا اجتماعيا كما يراد لها.
سأضرب لك مثلا : لقد أنشئ نادي جازان الأدبي عام 1395 هـ، فيما بقيت منطقة الجوف تنتظر النادي الأدبي حتى عام 1423هـ، ولك أن تتخيل حجم الفقد الثقافي والتنويري الذي فقدته المنطقة طوال هذه الأعوام، حيث كانت المنطقة تعج بالفكر والتنوير في الستينيات والسبعينيات، وكان مستوى الوعي في مستوى النادي الأدبي في ذلك الوقت، ولكن بكل أسف، لأنه لم يتم انشاء هذا النادي في حينه رغم مطالبات الأهالي، فقد خفت مستوى التنوير وتركت الدولة مساحته المفترضة لكل اللاعبين ليمارسوا مختلف الألعاب في غيابها، ومن أبرزهم المتطرفين الذين وجدوا ساحة خصبة للركض في منطقة مأهولة بالفراغ، ولهذا عندما بدأ النادي يأخذ دوره الطليعي على تواضع إمكاناته وقلة عدد القائمين عليه، بدأ البعض يتحسس مواقعه خوفا من فقدها والخروج إلى دكة الاحتياط أو الطرد بالكرت الأحمر من الساحة.
- بعد إشعال حريق في خيمة داخل النادي، ثم تهديد بالتصفية بعد ذلك. هل وصلت الأمور في نظرك حد الانفجار؟ أو نقطة اللاعودة. كيف سيوجه ناديكم دعوات إلى مثقفين ومثقفات مستقبلاً للمشاركة في مناشطه وقد وصل الاحتقان إلى هذا المستوى؟
صور ضوئية لشاشة الهاتف تحوي الرسائل التهديد .. إيلاف قامت بتظليل الأرقام وتختفظ بها |
- يقول مراقبون أن النادي ربما يلجأ إلى quot;تقنينquot; الإعلان عن أنشطته المستقبلية أو اقتصارها في أوساط المهتمين والابتعاد عن التوسع في إعلانها عبر وسائل الإعلام، هل ستلجئون لشيء شبيه مستقبلاً؟
لا قيمة للعمل الثقافي حين يصبح في الغرف المعتمة، والنادي وجد لخدمة مجتمع الجوف، و لابد له أن يواصل مسيرته حاضرا ومستقبلاً، لأنه يستمد شرعيته من قوة النظام وهيبة الدولة، ومن يجب أن يقنن نشاطاته ويخجل منها، هم المتطرفون وخفافيش الظلام والإرهابيون.
- تمثلون مؤسسة رسمية، ومع ذلك تتعرضون لتهديدات. كيف حمى النادي، المؤسسة الرسمية، ضيوفه وكيانه وكيف سيحميهم مستقبلاً؟
النادي مؤسسة ثقافية رسمية كما أشرت وليست مؤسسة أمنية، وقد حظي النادي بدعم كامل من سمو أمير المنطقة صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن بدر بن عبدالعزيز، لمواصلة نشاطاته، ولا يوجد ما يستدعي القلق، شرط أن تتمكن الجهات الأمنية من القضاء على بؤر التطرف التي تستهدف النادي، و القبض على المجرمين بحقه.
- دعني أسألك عن الجوف، المدينة والمحتمع. لم يعرف عن المدينة المسالمة أن احتضنت أي حوادث لها صبغة إرهاب أو تشدد بهذا الوضوح. مالذي تغير اليوم، وكيف أصبحت اليوم بهذا الاحتقان؟
شهدت الجوف أحداثا إرهابية كانت بكل أسف أولى الأحداث الإرهابية التي شهدها الوطن وقبل تفجيرات الرياض، حيث بدأت هذه الأحداث في عام 1423هـ باغتيال وكيل أمارة المنطقة الدكتور حمد الوردي و القاضي عبدالرحمن السحيباني ومدير الشرطة حمود الربيع رحمهم الله جميعا، وتم القبض على الإرهابيين القتلة،بحمد الله عام 2005 م حيث أعدموا شنقا في مدينة سكاكا.
وما حدث في أمسية الخميس لا يمثل بالتأكيد مجتمع الجوف المتدين و المعتدل ، حيث تاريخ طويل من التسامح و التعايش، اذ لا ننسى أن مجتمع الجوف احتضن طائفة شيعية كبيرة في مرحلة معينه، كما أن تاريخه مطرز بحضور المرأة ابتداء من ملكات دومة الجندل، وليس انتهاء بالشاعرات اللاتي كن يلقين قصائدهن أمام حكام المنطقة، ووصولا الى بنات الجوف من العالمات وأستاذات الجامعات، واحداهن تعمل رئيسة لأكبر مركز لأبحاث السرطان في العالم العربي، وللأسف بعد كل هذا أصبح هناك نجاح كبير للتيار المتطرف بالجوف، ولذا فهو يعتقد أن الجوف أصبحت بيئته الخصبة للتفريخ، وهناك عوامل عديدة يستغلها بعض المتطرفين لإذكاء التطرف مثل تأخر التنمية في المنطقة كما أشرت إضافة إلى الوضع في العراق و فلسطين.
- وصلتك رسالة، حسب الخبر المنشور في إيلاف، على جوالك موقعة من quot;جماعة الصدع بالحق ضد نادي التغريب والإفسادquot;. هل سمعت عن هذه الجماعة قبلاً؟ هل عارضوا سياستك وسياسة النادي مثلاً؟ هل كان لهم وجود في الأيام الأخيرة؟
وأعتقد أن استعراض القوة الذي قاموا به في الأمسية الشعرية الأخيرة أكبر دليل على حضورهم وقوتهم التنظيمية، بالرغم من أن 90 في المائة منهم كانوا من صغار السن مما يؤكد وجود قيادات للتنظيم حضر بعضها الأمسية وأعلن صراحة عن معاداته للنادي ولنشاطاته.
- رغم ان النادي استضاف أنشطة وفعاليات عديدة إلا أنه يتصدر الاهتمام الإعلامي عند وجود مشاكل من هذا النوع. ألا تخشى الانطباع السيئ الذي قد يتركه ناديك لدى المهتمين والمثقفين على حد سواء.
حقيقة نحن نعاني من تجاهل بعض وسائل الإعلام المحلية لأخبار النادي، ولتغطية نشاطاته الاعتيادية، إلا أننا نفاجأ أنها تفرد مساحات كبيرة للأحداث الاستثنائية التي يشهدها النادي وهذه مشكلتهم هم، والانطباع السيئ لا يخلقه النادي، بل يصنعه من جر المجتمع إلى صراع لا مبرر له وأدخله في نقاش قضايا تجاوزتها مناطق المملكة الأخرى لأنه لم يعد هناك من يعترض على وجود المرأة في الأندية الأدبية سوى في الجوف، وهنا يبرز سؤال تأخر التنمية وتأثيره السلبي على المنطقة! لأن من بنى الجامعات في المناطق الأخرى قبل عشرين عاما لم يبن مثلها في الجوف، ومن بنى الكورنيش قبل ثلاثين عاما في مدن أخرى لم يبن مثلها في الجوف، ومن شق الطرق السريعة و الدائرية والمربعة قبل عشرات السنين في مناطق المملكة لم يصنع مثلها في الجوف، ولذا فإن الفجوة التنموية تتحمل جزءا من المسئولية.
وهنا أستنكر جميع المحاولات التي تحاول التشكيك في مسيرة النادي ووأدها رغم انها لم تقدم الا ما يخدم المجتمع و يساهم في رقيه، كما أشجب محاولات استعداء المجتمع على النادي.
- هل تعتقد أن التطرف أصبح ظاهرة في الجوف؟
أقول بأن على الجهات الأمنية أن تقلق كثيرا من اتساع دائرة التطرف في مجتمع الجوف، لأنه بالفعل أصبح ظاهرة، وعليهم مسئولية البحث عن مصادر الدعم للمتطرفين من يختبئون خلف وظائفهم الرسمية ومكاتبهم الفاخرة بالجوف وخارجها.
- هل سيرضخ النادي لمطالبات المتطرفين بتغيير نوعية النشاط الثقافي والتوقف عن استضافة أسماء مثقفين يعادونهم، وهل هناك أصوات أخرى داعمة لكم؟
النادي مؤسسة ثقافية لخدمة الثقافة والاعتدال والتسامح ولن يكون منبرا للمتطرفين لبث أفكارهم المعادية للمجتمع، و نادي الجوف يحظى بدعم رسمي وشعبي لأنه استطاع تقديم برامج أوجدت حراكا ثقافيا في المنطقة وقد تلقينا اتصالات من شخصيات دينية تؤيد نشاط النادي ولكنها تطالب بجرعات مخففة لنشاطاته نظرا لحالة الجهل والحماس لدى التيارات المتطرفة ، مبدين تفهمهم الكامل لبرامج النادي ودوره التنويري.
- هل تعتقد أن هناك عوامل ساهمت في تأجيج حالة التطرف في المجتمع؟
كما أشرت سابقا، أرى أن غياب التنمية الاجتماعية والاقتصادية والعلمية والبلدية ساهم بشكل كبير في إذكاء التطرف الذي يزداد شراسة في مجتمع الجوف، اذ لا يوجد حدائق ولا أسواق كبرى ولا شركات وعمر الجامعة عامان فقط ، أي انه لايوجد مايمكن تسميته مجتمع مدني حتى الأن.
- كيف تقيم نتائج الأمسية بعد quot;غزوة الجوفquot; كما يسمونها؟
أعتقد أن الظهور الاستفزازي للجمهور المتطرف الذي حضر الأمسية، والأساليب التي اتخذوها للتشويش، كان أبلغ دليل على المنهج الذي جاءوا ليمثلوه وكان شاهدا حيا ومباشرا على الرسالة الإرهابية، التي يحملونها للمجتمع، وهكذا فقد انقلب السحر على الساحر، حيث خرج الحضور، بما فيهم جمهور من المتدينين، بانطباعات سلبيةبل ومعادية لهم نتيجة استفزازهم وقلة أدبهم طوال فترة الأمسية وحتى امتدت قلة أدبهم ودناءتهم إلى تخريب مائدة العشاء المعدة لضيوف الأمسية عندما تناهبوها قبل الضيوف، مما يشير إلى البيئة التي تربوا فيها و المنهج الذي يسيرون عليه، وأرى أنهم جروا المجتمع إلى صراع غير مبرر.
التعليقات