بلخادم لـquot;إيلافquot;: خطاب أوباما مدعاة للتفاؤل
الجزائر تتوقع فتح صفحة أميركية جديدة مع المسلمين
عبدالعزيز بلخادم
كامل الشيرازي من الجزائر: توقع quot;عبد العزيز بلخادم وزير الدولة الممثل الشخصي للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، اليوم، أن تشهد الفترة القليلة القادمة فتح الولايات المتحدة صفحة جديدة مع عموم الدول الإسلامية، ورأى بلخادم في تصريح لـquot;إيلافquot; أنّ ما قاله الرئيس الأميركي باراك أوباما قبل 96 ساعة، مدعاة إلى التفاؤل والتطلع إلى علائقية من نوع مبتكر بين واشنطن والعواصم الإسلامية ملؤها الثقة والاحترام.

وبعدما التزمت الجزائر الصمت الرسمي خلال الثلاثة أيام المنقضية، علّق بلخادم في أعقاب اختتامه دورة الهيئة التنفيذية لجبهة التحرير (الحزب الحاكم)، أنّه في حال جسّد أوباما ما قاله في خطابه، فإنّ الأمور ستنقلب إيجابا، لكن بلخادم بلهجة واقعية أحجم عن المبالغة في إسباغ طابع التفاؤل على خرجة الزعيم الأميركي في القاهرة، وفضّل التريث إلى حين ترجمة المحاور الكبرى المُعلنة في خطاب أوباما، وأحال بلخادم على تصريحات أدلى بها زعماء أميركيون سابقون لم تترجم إلى أشياء ملموسة، وتركت معضلة الشرق الأوسط تأخذ منحى أكثر تعقيدا.

وكغيره من الشعوب الإسلامية التي تابعت باهتمام شديد الخطاب الأخير الذي ألقاه الرئيس الأميركي quot;باراك أوباماquot;،ما زال الشارع الجزائري يتفاعل مع الخطاب المذكور، وفي استطلاع ميداني للرأي أجرته quot;إيلافquot;، طرح من استجوبناهم جملة من التساؤلات حول مدى تجسيد أوباما لكثير من quot;الايجابياتquot; التي انطوى عليها خطابه.

بالنسبة لـquot;صالح بليليquot; الطالب الجامعي في كلية العلوم السياسية، فإنّ خطاب أوباما ndash; نظريا ndash; شكّل قطيعة مع تصور واشنطن في علاقاتها مع العالم الاسلامي، من حيث قوله أشياء لم يجرؤ سلفه بوش على التلفظ بها يوما، إلاّ أنّ صالح يشكّك أن تكون مرحلة ما بعد الخطاب تطبيقية لما ورد فيه، حتى وإن يبدي زميله quot;أحمد نميريquot; تفاؤلا بعد إقرار أوباما أنّ الاسلام عرف على الدوام كيف يواكب التطور.

ويلاحظ الأستاذ quot;سمير براهيميquot; أنّ أوباما الذي اختار كلمات منمقة، ومفردات مغازلة، لم يورط نفسه في أي وعد، واكتفى بحسب سمير، بـquot;تكرارquot; (دعم) الولايات المتحدة للفلسطينيين والاسرائيليين في دولتين تتعايشان في سلام، بجانب تلويحه باعتراض طريق أي دولة تريد امتلاك سلاح نووي مدمر في إحالة على إيران، بجانب إطلاقه تعهدا (عائما) بإحلال السلام في العالم.

ويرى quot;إلياس سطوفquot; الموظف في بنك خاص، أنّ خطاب أوباما خيّب الآمال، خصوصا وأنّه توقف عند حدود الاستهلاك الكلامي وفقط، إلاّ أنّ إلياس يتساءل بإلحاح، عما إذا كان الخطاب إيذانا بنهاية رمزية لمفهوم quot;صدام الحضاراتquot; الذي اختلقه في وقت ما quot;صامويل هانتنغتنquot; وما الذي سيقترحه أوباما عوضا من ذلك، بينما يرفضquot;رضوان مروانquot; العامل في ورشة خاصة، وquot;مهدي العيدquot; الفنان المسرحي، استباق الأحداث إلى حين انقضاء أشهر وربما سنوات، للوقوف على مدى تجسيد خطاب أوباما على أرض الواقع، وهل سيعمل حقيقة بما قاله.

ويرى الباحث quot;كمال جايبquot; أنّه بغض النظر عن التخمينات العديدة والمتنوعة التي أثارها خطاب الرئيس الأميركي الجديد، فإنّ التطلعات تتركز على حجم quot;الخيارات المستقبليةquot; التي يرغب أوباما باتخاذها على الأقل من أجل محاولة الحد من التدهور المستمر لصورة الولايات المتحدة في العالم الاسلامي، ويلاحظ جايب بهذا الصدد، أنّ أوباما مدعو لتصحيح quot;حماقاتquot; بوش، وما أعقب حرب الخليج الأولى من تزايد التدخلات الأميركية في المنطقة العربية وبشكل خاص في العراق الى غاية الصمت المتواطئ للأميركيين خلال الهجمات الاسرائيلية على قطاع غزة.

بدورهما، تذهب المحامية quot;نجية مالطيquot; والحقوقية quot;بختة دحمانيةquot; إلى أنّ خطاب أوباما يستدعي حلقة تكميلية هي quot;مصالحة أميركية مع العالم الاسلاميquot;، وذلك يقتضي بحسبهما التصالح مع العدالة، ووقف التواطؤ مع إسرائيل، حيث يخشى العرب استمرار الوضع في الشرق الأوسط وخصوصا فلسطين على ما هو عليه، واكتفاء واشنطن بممارسة quot;معالجة تجميليةquot; ولى عهدها لا سيما مع السياسة التوسعية التي تنتهجها اسرائيل، وبالدعوة الى quot;حوار الحضاراتquot;، تقول دحمانية إنّ أوباما سعى عبر خطابه للتخفيف من حدة التوترات البارزة، وفي الوقت ذاته محو نمطية quot;التحيز الأميركي مع اسرائيلquot; في منطقة تنطوي على مؤشرات لا يستبعد فيها وقوع انفجار واسع النطاق.

ويرى المحلل quot;سليم لعجايليةquot; أنّ التصور الأميركي الجديد الذي أعرب عنه أوباما في خطابه، قد يرمي إلى التأكيد بأنّ القرار أضحى بيد واشنطن، بعدما جزم الكل إلى ماض قريب، بأنّ السياسة الاميركية في المنطقة لطالما كانت من إملاء تل أبيب، وهو ما أسهم بشكل كبير في تشويه السياسة الخارجية الأميركية، وتلك تبعة من تبعات quot;سياسة بوش السيئةquot; مع quot;مهمات متقاطعةquot; كانت إحدى فصولها أبو غريب وغوانتنامو في صورة هزيلة ndash;بمنظار لعجايلية- خلقت هوة أضحت مع الوقت أكثر اتساعا بين أميركا والعالم الاسلامي.

ويطرح الخبير quot;ناصر درّاجquot; سؤالا جوهريا:quot;كيف سيصحّح أوباما هذه الصورةquot;، ويتوقع درّاج أن يعطي حاكم البيت الأبيض توجيهات تدريجية تكون مخالفة لخيارات بوش والمحافظين الجدد الذين يدورون في فلكه، ولعلّ المؤشرات الخاصة بملف الشرق الاوسط الساخن قد بدأت تتوضح خيوطها بعد تصريحات أوباما الأخيرة، ما يبعث على الاعتقاد بأنّ الدبلوماسية الاميركية ستركّز أكثر على quot;تطبيق خارطة الطريقquot; من خلال التحذير الأول الموجه لإسرائيل من أجل وقف عمليات الاستيطان في الأراضي المحتلة والتأكيد على مشروعية إقامة دولة فلسطينية.