شيعة إيران ما زالوا يحلمون بتصدير ثورتهم والتدخل بشؤون القاهرة
واقع الخصومة المصرية الإيرانية تيار يصب بمصلحة واشنطن
المتظاهرة التي تحوّلت الى رمز للثورة خطيب الإيرانية ندا سلطاني يتهم quot; الباسيج quot; بقتلها نجل الشاه يدعو إسرائيل لدعم نضال الإيرانيين
إيلاف: تحت عنوان quot; التنافس القديم - الجديد: مصر في مواجهة إيرانquot;، أعدت شبكة سي بي إس نيوز الإخبارية الأميركية تقريرًا رصدت فيه طبيعة الأجواء والعلاقات التي بقيت متوترة ما بين مصر وإيران على مدار الثلاثين عاما ً المنقضية. في البداية، تحدث التقرير عن أن مسلسل مقت إيران لمصر ليس بالمسلسل الجديد، بل يعود إلى حقبة الرئيس الإيراني الراحل محمد رضا شاه بهلوي، المدفون حالياً في مصر. وفي محور ذي صلة، لفت التقرير كذلك إلى مغزى الجولة التي قام بها الرئيس الأميركي باراك أوباما في مسجد السلطان حسن عند تواجده في القاهرة مطلع الشهر الجاري لمخاطبة العالم الإسلامي، وعدم اكتراثه في الوقت ذاته بتفقد مسجد الرفاعي الذي كان على بعد خطوات قليلة منه، وهو المسجد الذي يضم نصباً تذكارياً يقدم تفسيراً كبيراً عن عالم السياسة في الشرق الأوسط الكبير. فعلى بعد خطوات قليلة من مدخل هذا المسجد، يوجد لوح ضخم من الرخام مطوق بحبل مخملي أحمر. ويوجد فوق الحجر ذي اللون الأخضر الباهت الشعار الخاص بسلاح النبالة وكتابة زخرفية منقوشة باللغة الفارسية تقول quot; صاحب الجلالة الإمبراطورية، محمد رضا بهلوي، شاه إيرانquot; ndash; وهو الأمر الذي اعتبرته الشبكة في تقريرها أمراً ذا مغزى ودلالة كبيرين.
مجلس صيانة الدستور الإيراني يرفض إلغاء الإنتخابات
وقال التقرير إن هذا القبر هو القبر الخاص بشاه إيران الراحل، الذي لاذ بالفرار من بلاده قبل اندلاع ثورة آية الله الخميني عام 1979، حيث منحه وقتها الرئيس المصري الراحل، أنور السادات، حق اللجوء السياسي. فيما رأى التقرير أن السادات لم يقدم على تلك الخطوة من باب الإنسانية فحسب، بل للدخول أيضا ً في تحد مع النظام الملالي الثوري في طهران، الذي كان يطلب من مصر تسليم الشاه. كما كان السادات في حالة خصومة مع النظام الملالي منذ توقيعه لاتفاق السلام مع إسرائيل في كامب دافيد عام 1978. ووقتها، وصف الخميني الرئيس السادات بالخائن للقضية الفلسطينية والمسلمين في كل مكان. وهو ما رد عليه السادات quot;المسلم السنيquot; بوصفه الخميني quot;الشيعيquot; بالمجنون الذي حول الإسلام إلى سخرية.
ولم تقلل وفاة الشاه نتيجة إصابته بالسرطان في يوليو عام 1980 من حالة الخصومة الموجودة بين البلدين، فقد أمر وقتها الرئيس السادات بإقامة جنازة رسمية للشاة ودفنه في مسجد الرفاعي، داخل غرفة تضم اثنين من مقابر الملوك المصريين، ولدى اغتيال السادات على يد جندي مصري شاب يدعى خالد الإسلامبولي بعد مرور عام، سارعت طهران إلى إصدار طابع بريد على شرف الإسلامبولي، وأطلقت اسمه على أحد شوارع طهران. وهنا ، قال التقرير إن ( قبر القاهرة وشارع طهران ) ساهما بشكل كبير في توضيح حقيقة العلاقة المتوترة بين مصر وإيران ndash; وهي العلاقة التي تدهورت أكثر خلال الأشهر الأخيرة. ووفقا ً للتقرير، فإن السياسة الرسمية لإدارة أوباما سوف تستغل على ما يبدو هذا التوتر القائم بأقصى درجة ممكنة.
كما يشير التقرير إلى أن أوباما يقدر بما لا يدع مجالا ً للشك هذه الخصومة الدموية الحادثة بين مصر وإيران من منطلق أنها ستخدم مساعيه النضالية في سبيل تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط وكذلك منع إيران من أن تصبح قوة إقليمية تمتلك السلاح نووي. فهو يرى أن أمورا ً مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان أمور من الممكن أن تنتظر أو تُرجَأ لبعض الوقت. فيما أشار التقرير إلى أنه ورغم قضاء مصر وإيران معظم الثلاثين عاما المنقضية وهما في مناوشات من بعيد لبعيد مع بعضهما البعض، إلا أن الأمور بينهما بدأت تسوء أكثر من ذي قبل خلال الآونة الأخيرة. وأحد أسباب حدوث ذلك هو ما يعيشه قطاع غزة من فوضى وارتباك، في أعقاب وصول حركة المقاومة الإسلامية quot;حماسquot; إلى السلطة عام 2007 وخوف النظام المصري من أن يؤدي ذلك إلى احتمالية قيام الحركة بشن هجمات إرهابية داخل الأراضي المصرية، لذا كان القرار بغلق الحدود المصرية المتاخمة للأراضي الفلسطينية.
وهو ما نظرت إليه إيران على اعتبار أنه دليل آخر يثبت أن مصر مخلصة للولايات المتحدة واليهود، ما كان سبباً في إثارة غضب حسن نصر الله، الزعيم الروحي لتنظيم حزب الله، الذي اتهم الرئيس مبارك بـ quot;المشاركة في جريمةquot; الحملة الإسرائيلية وطالب بالإطاحة بنظامه. وهو نفس ما حدث في إيران من حملات انتقاد شديدة القسوة تجاه الرئيس مبارك. فيما أشار التقرير إلى أن مصر أبقت على تواجدها الأمني الصارم وغير المعتاد على الحدود المتاخمة لقطاع غزة حتى بعد انسحاب إسرائيل من هناك في يناير الماضي. وحينها صرح ضابط شرطة مصري في مدينة رفح الحدودية لصحيفة لوس أنجليس تايمز الأميركية بقوله :quot; يبدو أن المسؤولين المصريين يأخذون الأمر على محمل الجد هذه المرةquot;. فيما نقلت الشبكة الأميركية عن اللواء فؤاد علام - وكيل جهاز أمن الدولة الأسبق والخبير في مجال مكافحة الإرهاب ndash; قوله :quot; سبق لمصر أن اتخذت كثيرا من الخطوات لتأمين المنطقة. لأن ذلك سيكون أكثر أمناً لمصر ولإسرائيلquot;.
أنور السادات والامام الخميني |
وختم تقرير الشبكة الأميركية حديثه بالإشارة إلى عدة محاور، يأتي على رأسها، أن التصريحات الساخنة التي تصدر عن كلا الجانبين بخصوص بعضهما الآخر يجب أن تثير ابتهاج إدارة أوباما، التي ورثت عن سابقتها نوعا ً من الحرب الباردة في الشرق الأوسط، تتنافس في أحد طرفيها الدول السنية مثل مصر والسعودية والأردن في مواجهة الطرف الثاني الذي تمثله إيران ووكلاؤها ( سوريا وحزب الله وحماس) . وحول محور آخر، يدور حديث التقرير حول حقيقة تقديم مصر المساعدة إلى طاقم أوباما ndash; عندما يتطرق الأمر إلى إيران ndash; من أجل توحيد صفوف المعارضة السنية العربية أمام برنامج إيران النووي، والعمل كذلك على توفير غطاء سياسي للضغوطات التي قد تمارسها الولايات المتحدة على النظام الإيراني. وهو ما يساعد على تفسير اختلاف أوباما عن سابقه جورج بوش، حيث لا يبدو مهتما ً بشكل كبير بعزل مبارك عن الأحداث.
وفي الوقت ذاته، أشار التقرير إلى أن أوباما قام بتخفيض قيمة المعونات الأميركية التي كانت تخصص لترويج الديمقراطية في مصر، في الوقت الذي أوضح فيه أيضاً أن بلاده ستبدأ في إرسال أموال المساعدات إلى الحكومة، بدلا ً من توجيهها بشكل مباشر إلى الجماعات والحركات المستقلة. كما حرص أوباما خلال الكلمة التاريخية التي ألقاها في القاهرة مطلع الشهر الجاري على تفادي الحديث عن سجل السياسات القمعية في مصر. وبسؤالها عن هذا الأمر في مارس الماضي، رفضت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، الخوض في هذا الشأن واكتفت بالقول وقتها quot;لدينا جميعا ً مساحة من أجل تحسين الأوضاعquot;. بينما قال محمد كمال، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة والعضو البارز في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم :quot; يوجد موقف جديد هنا بين الولايات المتحدة ومصر. فكلتا الدولتين تفتحان صفحة جديدة في ما بينهماquot;. وأنهت الشبكة الأميركية حديثها بالقول quot; ربما تشعر إيران بأن عداوة مصر تمثل عقبة في طريق طموحاتها، لذا قامت ببذل بعض الجهود من أجل جذب مصر إلى منطقة نفوذهاquot;.
ترجمة: أشرف أبو جلالة
التعليقات