محمد حميدة من القاهرة: تتصاعد في الآونة الاخيرة ظاهرة التخويف والترهيب من المسلمين، وعلى الرغم من مرور أكثر من 8 سنوات على الأحداث التي لعبت دورا كبيرا في تغيير خريطة العالم، تتوالى جرائم الكراهية ضد المسلمين وتتنوع أشكال وأساليب التحريض عليها، تزامنت تلك الاحداث مع سلسلة من الكتب الجديدة التي تصور المسلمين الأوروبيين فى أحلك لون ممكن، وكتابات ومقالات وتقارير مصورة وفيديوهات على أشهر المواقع الاجتماعية تحمل في ظلالها طابع التخويف والترهيب من المسلمين، على حد تعبير المتابعين لظاهرة quot;الاسلامو فوبيا quot; في العالم والتي تعد احدى ابرز تبعات أحداث 11 أيلول/سبتمبر عام 2001.
حتى راح البعض يعتقد ان quot; الغرب او أوروبا على وجه التحديد أصبحت في قبضة موجة جديدة من quot;الاسلامو فوبياquot;، على حد تعبير الكاتب والباحث جورغن نيسلن، أستاذ الدراسات الاسلامية في مركز العلاقات المسيحية الاسلامية في فيينا في النمسا، في مقال له في صحيفة quot;الاندبندنت quot; اللندنية.
يستهل جورغن تقريره بهذه العبارة عن ظاهرة quot;الاسلامو فوبياquot; في اوروبا للحديث عن فيديو حولquot; تغيير التركيبة السكانية للسكان المسلمينquot; اذ يحذر بلهجة منذرة بالسوء من بزوغ فجر اسلام أوروبا، قائلا: quot;ان فرنسا سوف تتحول الى جمهورية إسلامية بعد 39 سنة، وان نصف سكان هولندا سيصبحون مسلمين بعد 15 عاما، وفي عام 2050 ، ستكون ألمانيا أيضا دولة مسلمةquot;.
..quot;أوقفوا النمو الاسلاميquot;
يحمل الفيديو أرقاما مثيرة جدا، على الرغم من تباين الاراء حول صحتها، الا انه يعكس الى حد كبير مدى الفزع والخوف من تنامي أعداد المسلمين فى أوروبا والغرب. ويطالب التقرير الصوتي المصاحب للفيديو بضرورة التحرك quot;لإيقاف النمو الاسلاميquot; في القارة الاوروبية وquot;إلا الثقافة التي سيرثها أطفالنا سوف تكون مختلفة كثيرا عما هي عليها اليومquot;. مشيرا الى تدني معدل الخصوبة في اوروبا 1،3 مقابل تزايد هجرة المسلمين الى القارة، الامر الذي يجعل من الصعب الحفاظ على الثقافة الحالية نفسها لأكثر من 25 عاما، quot;يجب ان يكون معدل الخصوبة 2.11 لكل أسرة، للحفاظ على الثقافةquot;.
يشير التقرير الى ان معدل الخصوبة في فرنسا فى عام 2007 كان 1.8، انكلترا 1.6، اليونان 1.3، ألمانيا 1.3، إيطاليا 1.2، أسبانيا 1.1، وفي الاتحاد الأوروبي 1.38، وهو معدل ينذر باختفاء القارة في غضون سنوات. لكن عدد سكان أوروبا ليس في انخفاض لسبب يرجعه التقرير الى هجرة المسلمين الى القارة منذ عام 1990.
ويستعرض التقرير أرقاما متباينة، موضحا ان معدل الإنجاب فى فرنسا 1.8 طفل لكل أسرة، بينما المسلمون في جنوب فرنسا، إحدى أكثر المناطق المأهولة بالمسيحيين في العالم،8.1 طفل لكل أسرة.بينما 30 ٪ من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 20 سنة أو أقل مسلمون. وفي المدن الكبرى مثل باريس ونيس سيرتفع العدد إلى 45 ٪ بحلول عام 2027، و بعد 39 عاما فقط ستكون فرنسا جمهورية إسلامية، اما بالنسبة إلى بريطانيا أشار التقرير انه في السنوات الـ30 الماضية ارتفع عدد السكان المسلمين فيها من 82 الف إلى 2.5 مليون، بزيادة قدرها 30 ضعفا. ويوجد أكثر من ألف مسجد، التي كان العديد منها كنائس في السابق.
وفي هولندا 50 ٪ من المواليد الجدد مسلمون، وسيصبح نصف سكانها في 15 عاما فقط مسلمين. وفي روسيا يوجد 23 مليون مسلم، بمعدل مسلم بين كل 5 روس، ويتوقع ان يشكل المسلمون 45 ٪ من الجيش الروسي في غضون سنوات قليلة. وحاليا في بلجيكا، يشير التقرير الى ان 25 ٪ من السكان و 50 ٪ من المواليد الجدد مسلمون، وقالت الحكومة البلجيكية ان ثلث أطفال اوروبا سيكونون لعائلات مسلمة بحلول عام 2025. وتعد الحكومة الألمانية أول من تحدثت عن ذلك علنا في بيان لمكتب الإحصاءات الفيدرالي الالماني جاء فيه: quot;إن الانخفاض في عدد سكان (ألمانيا)، لم يعد من الممكن ايقافه، وسوف تكون دولة مسلمة قبل عام 2050! هناك حاليا 52 مليون مسلم في أوروبا وتتوقع الحكومة الألمانية ان يتضاعف العدد في السنوات ال 20 المقبلة إلى 104 ملايين مسلم.
ولم تنته الأرقام المثيرة بعد، اذ يضيف التقرير ان معدل الخصوبة في كندا 1.6، ويتطلب ان يصل الى 2.11 للحفاظ على الثقافة. مشيرا الى ان الإسلام أصبح الدين الأسرع انتشارا ولفت ان معدل الخصوبة يبلغ في الولايات المتحدة حاليا 1.6، مشيرا الى انه كان هناك 100 الف مسلم في أميركا في عام 1970، ووصل العدد الى أكثر من 9 ملايين في عام 2008.
فوبيا اوروبية
وتبدو الان ظاهرة الخوف من الإسلام في الغرب تجري بتوثيق متزايد. فقد تزامن الفيديو الديموغرافي مع إطلاق سراح العديد من الكتب الأكثر مبيعا تشترك كلها في عامل واحد هو الترهيب والتخويف من كل ما يمت للإسلام بصلة، والتوسل من الغرب ان يستيقظ ويفعل شيئا لإنقاذ ثقافته، عبر حل يتلخص ببساطة quot;بطرد المسلمين خارج أوروبا.. إذا لزم الأمرquot;. وارتقت بعض الاقتراحات حول كيفية التعامل مع المسلمين الى مستوى التطهير العرقي.
محاولة من هذا القبيل من قبل كريستوفر كالدويل في كتاب بعنوان quot; تأملات في الثورة في أوروبا : الهجرة والإسلام والغرب quot; حظي باهتمام كبير في كل وسائل الإعلام الأميركية والبريطانية. ومن المذهل تباين استعراض الكتاب بين الصحافة الأميركية والبريطانية ففي حين وصفت صحيفة quot;نيويورك تايمزquot; الكتاب بأنه جهد متوازن ومدروس، انتقدت quot;الغارديان البريطانيةquot; تحيزه العنصري.
ويحذر كالدويل من قيام المسلمين الآن، على حد زعمه، باحتلال المدن الأوروبية شارعا شارعا. وقال إن الإسلاميين هم جزء من قلق الكتاب حول تغيير أوروبا الى quot;يورورابيا quot; اي أوروبا العربية، حيث يرى اليمين عامل التزاوج ونسبة الانجاب بين المسلمين شكلا من quot;قنبلة موقوتةquot; تهدد هوية أوروبا.
بينما الكاتب الأميركي بروس باور في كتابه الجديد quot;الاستسلام : استرضاء الإسلام، والتضحية بالحرية quot; دأب على الهجوم بعنف على الليبراليين الأوروبيين، بما في ذلك وسائل الإعلام الليبرالية، quot; بسبب استرضاء الإسلام الراديكالي على حساب quot;القيم الثمينة quot;، على حد قوله، وطالب بطرد المسلمين من أوروبا اذا كانت تريد ان تحافظ على هويتها.
ويتبنى هذا الموقف الكندي مارك ستين، الذي يرى في كتاب له ان خيار ترحيل المهاجرين مهم لإنقاذ اوروبا، وهو ما ورد في طرح اليمين الفرنسي نفسه. وما يطرحه اليمين الهولندي واليمين البريطاني، ممثلا في الحزب القومي البريطاني الذي بدأ يكتسب زخما في جميع أنحاء أوروبا بمحاربته المحجبات و كراهيته للإسلام. اذ يقوم الحزب بنشاط على تعزيز وجهات النظر المتشائمة حول انتشار الإسلام في أوروبا، ويدعو الى طرد المسلمين إلى أوطانهم، بغض النظر عما إذا كانوا مولودين في أوروبا او خارج القارة، والمثير في الامر تزايد شعبية الحزب في الانتخابات الأخيرة وفوزه بثلاثة مقاعد للمرة الأولى مع فتح مثل هذا العداء تجاه المسلمين.
ساركوزي والبرقع.. وحظر للمآذن في سويسرا
وكانت بعض الحوادث، التي حدثت في غضون أيام من بعضها البعض في الأسابيع الأخيرة في مناطق مختلفة من الغرب اذ استغنت جامعتان فى هولندا عن خدمات الكاتب الاسلامي المعتدل طارق رمضان بسبب تقديمه برنامجا مخصصا للنقاش الإسلامي الجاد على قناة تلفزيونيه إيرانية، وتعرض مسلم بريطاني لحرق منزله وتهديدات بالقتل للتوقف عن الصلاة بالمسلمين، ودعا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى فرض حظر على ارتداء البرقع في الأماكن العامة والبوركيني في حمامات السباحة.
وفي سويسرا وقع أكثر من 100 ألف سويسري، كما أفادت التقارير، على عريضة لدعم الجناح اليميني quot;حزب الشعب السويسريquot; في طلبه بفرض حظر على بناء المآذن، مما اضطر الحكومة الى الدعوة لإجراء استفتاء في نوفمبر/تشرين الثاني. يؤكد هؤلاء ان المئذنة تعد رمزا للقوة الإسلاميةquot;. وقال أولريش شولر، عضو برلماني في حزب الشعب السويسري، quot;المسلمون يريدون إقامة نظام قانوني واجتماعي أساسي يتعارض مع الحريات المكفولة في دساتيرنا quot;.
الا ان المسلمين يرون في تلك الحملة مقدمة للمطالبة بفرض حظر على المساجد، كما قال احد المسلمين quot;اليوم يريدون حظر المآذن، وغدا سيقولون انهم لا يريدون المساجد quot;، ويتخوف المسلمون من الموافقة على الطلب في الاستفتاء.
ويثور جدل اخر في بريطانيا مع الوزير جيم فيتزباتريك الذي خرج غاضبا من حفل زفاف المسلمين احتجاجا على التفرقة بين الرجال والنساء، وقد اتهم quot;بالحساسية الثقافيةquot;، واللعب بورقة العرق quot;لاسترضاء الناخبين البيض من طبقة العمال استعدادا للانتخابات العامة القادمةquot;، الاتهام جاء على لسان مرشح حزب المحافظين المحتمل تيم آرتشر، الذي قال : quot;لا يسعني الا ان اشعر انه يلعب على بطاقة عرق معين لإنقاذ جلده في الانتخابات القادمة، اعتقد انها إستراتيجية يائسةquot;.
التعليقات