&&&&&&&&&&& قصي صالح الدرويش
لم تكن صدفة أن يفوز الفيلم الروائي القصير "لي.. لي" بجائزة الجمهور في مهرجان كليرمون فيرون في فرنسا. فالفيلم الذي كتبه وأخرجه الشاب مروان حامد يمتلك كل مقومات الفيلم الروائي الناجح مصريا وعربيا ودوليا ايضا، وهو فيلم أول لمخرجه، لكنه فيلم يحمل سماتا اسلوبية شخصية لمخرج له شخصيته، وله عينه، وله رؤيته السينمائية التي بناها بعيدا -الى حد كبير- عن الكينونات السينمائية لوالده كاتب السيناريو والمنتج وحيد حامد.
الميزات الأساسية الخاصة ليست الخصوصية التي أعطت الفيلم بعده المتميز الذي أثار اعجاب المشاهدين في كليرمون فيرون أو في القاهرة. حيث عرض اخيرا امام نخبة من الجمهور المتميز |
من نقاد ومخرجين وتقنيين ونجوم ايضا، كان ابرزهم عادل امام ومحمود حميدة ولبلبة، ذلك ان السمات الاسلوبية منحت الفيلم هويته وضبطت ايقاعه الحي، الذي انطلق من ديناميكية سينمائية جبلت بحكمة ومهارة لا تتوفر عادة الا للمواهب الناضجة، خصوصا حين يكون موضوع على هذه الدرجة من الحساسية والتعقيد، ثقافيا واجتماعيا بل وسياسيا ايضا.
مروان حامد أدار ظهره لعالم والده السينمائي، واختار قصة صعبة لأصعب كتاب القصة القصيرة المصريين يوسف ادريس، وهي قصة "كان لا بد يا ليلي ان تضيئي النور" وتتحدث عن امام مسجد شاب، يعين في حي شعبي اشتهر عنه وفيه الاتجار بالمخدرات، فسكانه منصرفون ع الجامع الى الحشيش، فحاول بالحاح هدايتهم من دون جدوى، مما جعله يغير طريقة التعامل معهم، اذ دخل يصلي بهم وسجد، ولم يقم، فظلوا ساجدين، حيث كان قد تركهم، وخرج الى لقاء مع امرأة. |
لكن موضوع الفيلم، وخلافا الى ما يوحي به هذا التلخيص لا يقدم الامام الشاب في حالة تلبس و"احتيال" ان صح التعبير، وانما يقدمه في حالة معاناة وتمزق وصمود امام قوة الغواية المطروحة امامه، في شخص الفتاة الجميلة التي فتحت امامه ابواب الشهوة ودعته بالحاح الى الدخول عبرها.
الفيلم اذن عن حالة اشكالية يعيشها الحي الشعبي الممزق بين القابلين بالوضع القائم وسهولته العملية البسيطة، وبين ضرورة التغيير جذريا بهدم الحالة القائمة وعصبها الاساسي: تهريب المخدرات.
والفيلم ايضا عن الحالة الاشكالية التي يعيشها امام شاب طموح عين في حي شعبي لا يستطيع ان يغير فيه ثوابته، وعلاقاته، ومراكز القوة فيه. ولا يستطيع ان يدحض الاضطراب الذي حل عليه بدخول هذه الصبية الجميلة والمفاجئ في حياته اليومية، فهو يرفض الغواية بكل المنطق والحجج الراسخة فيه، ويضعف امامها بكل الاحاسيس والجوارح التي تتحرك بقوة وعنف في كيانه الملتهب.
واذ ينجح الامام الشاب في الالتفاف على وضع الحي بقبوله على ما هو عليه، والتأقلم معه، فانه لا يجد الحل الذي كان يريده بالنسبة لتمزق مشاعره وكيانه اما غواية الفتاة الجميلة. ان هذا الغموض المرسوم بعناية، والمتعمد من المخرج الذي كتب سيناريو الفيلم بنفسه أضفى على الفيلم واحداثه رونقا اضافيا عزز من حالته الاشكالية، وأضفى عليه مزيدا من الاشكالية التي لا تجد الحل السهل، بل ولا تجد الحل المقنع بين خيارين متناقضين في كينونة واحدة، كينونة شاب ملتزم بتكوينه الفكري- الاجتماعي، وملتزم بتكوينه الحسي المدني.
بمهارة عالية، بل ومدهشة صوّر مروان حامد فيلمه بدقة حرفية مثيرة للاعجاب وللتصفيق، فلم نجد في هذا الفيلم الذي يمتد على مسافة اربعين دقيقة ما يمكن ان يعزى الى قلة& التجربة، فالايقاع الدرامي- النفسي ظل مضبوطا، واداء الممثلين ظل محكما سواء بالنسبة للشاب عمرو واكد الذي أدى دور الامام، او بالنسبة لدنيا نديم التي وقفت امام الكاميرا بحرفية وثقة مع انها المرة الاولى التي تمثل فيها، او بالنسبة لباقي الممثلين.
ان فيلم "لي..لي" فيلم جميل وعميق وممتع للمشاهد. وفوق ذلك، بل وقبل ذلك انه يعلن عن ولادة مخرج موهوب، سيكون له شأن كبير في مستقبل السينما المصرية، فاحفظوا اسمه.
الفيلم اذن عن حالة اشكالية يعيشها الحي الشعبي الممزق بين القابلين بالوضع القائم وسهولته العملية البسيطة، وبين ضرورة التغيير جذريا بهدم الحالة القائمة وعصبها الاساسي: تهريب المخدرات.
والفيلم ايضا عن الحالة الاشكالية التي يعيشها امام شاب طموح عين في حي شعبي لا يستطيع ان يغير فيه ثوابته، وعلاقاته، ومراكز القوة فيه. ولا يستطيع ان يدحض الاضطراب الذي حل عليه بدخول هذه الصبية الجميلة والمفاجئ في حياته اليومية، فهو يرفض الغواية بكل المنطق والحجج الراسخة فيه، ويضعف امامها بكل الاحاسيس والجوارح التي تتحرك بقوة وعنف في كيانه الملتهب.
واذ ينجح الامام الشاب في الالتفاف على وضع الحي بقبوله على ما هو عليه، والتأقلم معه، فانه لا يجد الحل الذي كان يريده بالنسبة لتمزق مشاعره وكيانه اما غواية الفتاة الجميلة. ان هذا الغموض المرسوم بعناية، والمتعمد من المخرج الذي كتب سيناريو الفيلم بنفسه أضفى على الفيلم واحداثه رونقا اضافيا عزز من حالته الاشكالية، وأضفى عليه مزيدا من الاشكالية التي لا تجد الحل السهل، بل ولا تجد الحل المقنع بين خيارين متناقضين في كينونة واحدة، كينونة شاب ملتزم بتكوينه الفكري- الاجتماعي، وملتزم بتكوينه الحسي المدني.
بمهارة عالية، بل ومدهشة صوّر مروان حامد فيلمه بدقة حرفية مثيرة للاعجاب وللتصفيق، فلم نجد في هذا الفيلم الذي يمتد على مسافة اربعين دقيقة ما يمكن ان يعزى الى قلة& التجربة، فالايقاع الدرامي- النفسي ظل مضبوطا، واداء الممثلين ظل محكما سواء بالنسبة للشاب عمرو واكد الذي أدى دور الامام، او بالنسبة لدنيا نديم التي وقفت امام الكاميرا بحرفية وثقة مع انها المرة الاولى التي تمثل فيها، او بالنسبة لباقي الممثلين.
ان فيلم "لي..لي" فيلم جميل وعميق وممتع للمشاهد. وفوق ذلك، بل وقبل ذلك انه يعلن عن ولادة مخرج موهوب، سيكون له شأن كبير في مستقبل السينما المصرية، فاحفظوا اسمه.
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&& &&&&&&قصي صالح الدرويش
&
Cinema
75 rue de Lourmel& 75015 Paris- France
Tel: 00 331 45 77 33 31&& --- Fax: 00 331 40 59 43 57
Email: [email protected]
&
التعليقات