فضحت شبكة سي.ان.ان التلفزيونية هيئة البريد وسلطات الصحة والتحقيق الأميركية، وبثت على الهواء شريطاً مسجلا لأخر كلمات أحد ضحايا الجمرة الخبيثة خلال اتصاله بالرقم (911) لخدمة الطوارئ، روى فيه انه يشكك في اصابته بالمرض رغم تشخيص الطبيب على أنها انفلونزا، وقال انه لا يثق بالسلطات!
ومات موظف البريد توماس موريس جي.آر بعد ساعات من اتصاله طالبا المساعدة في 21 أكتوبر الماضي. وتوماس هو واحد من اثنين من موظفي البريد الامريكي الذين ماتوا بسبب انتراكس الاستنشاق في مكتب بريد برينتوود حيث تعتقد السلطات أن نوعا شديد الفعالية من جراثيم المرض الذي يصيب الماشية قد تم إرساله عبر خطاب بريدي إلى توم داشل زعيم الاغلبية في مجلس الشيوخ. وقال موريس بعد دقائق من إفراغه كل ما في جوفه "أتنفس بصعوبة وأشعر بانقباض في صدري. الهواء يدخل صدري. أشعر وكأني سأموت إذا استمرت الالام التي أشعر بها طويلا".
وقد زاد هذا الشريط المأساوي من الانتقادات التي وجهتها نقابات العمال بأن هيئة البريد لم تتحرك بالسرعة الكافية لمواجهة تهديد الانتراكس. وتقول النقابات ان كبار الموظفين في مبنى مكتب مجلس الشيوخ حيث رصد الانتراكس بسرعة، قد خصوا بالعلاج المؤلف من اختبارات سريعة ومضادات حيوية.
ويضيف المنتقدون أنه لو كان مسئولو البريد قد تحركوا بشكل أسرع، لربما أمكن للاطباء المعالجين لمريضي مكتب البريد تشخيص المرض في الوقت المناسب . وكان موريس قد عاد إلى بيته بناء على أمر الطبيب الذي قال ان حالة مريضه شخصت قبل أيام على أنها إصابة بفيروس أو إنفلونزا. يشار إلى أن الهجوم البيولوجي الارهابي قد أودى بحياة أربعة أشخاص منذ بدايته الشهر الماضي، منهم موظفا البريد الاثنان، كما أدى إلى إصابة نحو 24 شخصا آخرين بمرض الجمرة الخبيثة.
وفي مكالمته قال موريس ان أعراضه تكاد تتطابق تماما مع الاعراض التي ورد وصفها في خطاب داخلي لهيئة البريد عن المرض. وقال موريس انه يعتقد أنه ربما قد تعرض للبكتيريا القاتلة أثناء وجوده برفقة عدد من موظفي البريد الذين مر من تحت أيديهم خطاب بداخله بودرة. وقال موريس "55 عاما" الذي توقف عدة مرات عن الكلام كي يلتقط أنفاسه، أنه لم يتمكن من أن يعرف من مسئول البريد ما إذا كان هذا الخطاب يحتوي على أنتراكس، وظل الامر حتى أمس الاول غير واضح بشأن ما إذا كان له صلة بحالة مكتب داشل. وأردف قائلا "إنهم لم يسمحوا لنا أبدا أن نعرف ما إذا كان هذا الشيء هو انتراكس أم لا. ولم يعالجوا أبدا أولئك الاشخاص الذين كانوا حول هذا الشخص بالذات والمشرف الذي أمسك بظرف الخطاب ومن ثم فإنني لا أعرف هل كان هذا (أنتراكس) أم لا".
وقال موريس انه اتصل مرارا بمسئولي البريد كي يبلغهم مخاوفه، بيد أنهم أخبروه بأنه ليس ثمة خطر. وأبلغ موريس متلقي المكالمة أنه لا يصدقهم. وكان مكتب داشل قد تلقي خطابا ملوثا بالانتراكس في 15 اكتوبر الماضي بعد يومين من تعامل زملاء موريس مع الخطاب الذي ذكره في المكالمة.
ويزعم بعض العاملين في مكتب السيناتور أنه ربما يكونوا قد تسلموا الخطاب قبل ذلك التاريخ. وحصلت سي.إن.إن على الشريط بموجب قانون معمول به في مريلاند يسمح لمواطني الولايات المتحدة بالحصول على سجلات حكومية. وحملت سيارة إسعاف موريس وفي غضون ساعات قلائل كان قد لقي حتفه. أما بالنسبة لموظف البريد الاخر أو الضحية الثانية ويدعى جوزيف كورسين جي.آر "17 عاما" فقد مات أيضا من أنتراكس الاستنشاق وكان يعمل في مكتب بريد برينتوود.
وتم إغلاق هذا المكتب منذ وفاة الاثنين. ونقلت شبكة سي.إن.إن عن جون نولان نائب مدير هيئة البريد قوله انه غير متأكد مما إذا كان موريس قد تعامل مع خطاب داشل، غير أن نولان "يدرك أن (موريس) تعامل مع خطاب ما".
وقال نولان "ليس ثمة حاجة لتذكيرنا بإعادة النظر في الامر. فإننا نفعل ذلك طوال الوقت الان. بالتأكيد إننا نعرف الان ما يتعين فعله. ونتمنى لو عاد بنا الزمن لكي نستطيع أن نجد وسيلة لانقاذ حياة زميلينا".(البيان الإماراتية)
&