واشنطن - من وفيق رمضان: مع وصول الجنرال المتقاعد الاميركي أنطوني زيني الى اسرائيل لبدء مهمة الوساطة المجهولة المصير، موفداً خاصاً لوزير الخارجية الاميركي كولن باول، سيعرف الشرق الأوسط وأزمته وجهاً جديداً من الناحية السياسية وان تكن المنطقة تعرفه وجهاً عسكرياً عندما كان قائداً للقيادة المركزية الاميركية التي تشمل عملياتها الشرق الأوسط وافغانستان والخليج وتركيا.
وفي وجه منطقة هزمت وسطاء سياسيين اميركيين لا حصر لهم، للجنرال زيني ميزة جديدة قد تكون في مصلحته، هي شجاعته في فترة من الانفعالات، عندما أبدى مراراً في جلسات استماع في الكونغرس الاميركي شكوكه في امكان قيام المعارضة العراقية بأي شيء يمكن ان يكون عامل تحول في شأن من يحكم في العراق، أو عندما رفض فكرة مساعدة المعارضة العراقية بملايين الدولارات لا لسبب الا لان ذلك لا يجدي.
وينبغي الآن الانتظار لمعرفة ما اذا كانت جرأة الجنرال زيني ستشمل ما سيواجهه من اهمال، أو تجاهل او وعود فارغة من الجانب الاسرائيلي، وهي الوقائع التي تسببت بفشل من سبقه من الوسطاء الاميركيين الذين لم يتمكنوا من تغيير شيء لدى الزعماء الاسرائيليين.
وللمرة الأولى يبدو ان الجانب العربي يمكن ان ينتظر الخروج بشيء ايجابي من الجنرال زيني بعد عقد من عملية السلام التي كان يقودها يهود اميركيون: مارتن انديك ودنيس روس وأرون ميلر وآخرون من اللامبالين الا باستمرار مهمتهم التي تدر عليهم دخلاً محترماً.
أما هل يعرف الجنرال زيني المنطقة أو لا يعرفها، فهذا مرهون بما سيخرج به من معمعان الوساطة بين الفلسطينيين والاسرائيليين، خصوصاً ان عمليات القيادة المركزية الاميركية التي كان يتولاها تشمل دول الشرق الاوسط ما عدا اسرائيل. وهو عندما كان في منصبه زار عواصم والتقى زعماء دول آسيا الوسطى والعالم العربي اكثر مما التقى مسؤولين اسرائيليين.
وقال مقربون من الجنرال المتقاعد انه مستعد لمواجهة ما سيرغمه عليه رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون الذي اعتاد ان يخضع كل موفد اميركي جديد لمحاضرة عن الاستراتيجية السياسية والامنية الاسرائيلية والتي تتلخص بضرورة ابقاء مناطق فلسطينية في يد اسرائيل.
ويرى هؤلاء ان الورقة القوية في يد زيني هي انه يعرف اكثر من شارون النواحي والمعلومات الاستخبارية التي زودته اياها وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية "سي آي إي"، ثم انه على عكس كل من سبقوه في هذه المهمة يعرف المنطقة جيداً. كما انه صريح جداً ولا يتأخر في ابداء رأيه الصريح.
ويحل الجنرال زيني عملياً في هذه المهمة محل مدير الـ"سي آي إي" جورج تينيت الذي تدخل مراراً بين الفلسطينيين والاسرائيليين للتوصل الى اتفاق لوقف النار لم يطبق حتى الآن. وقد اضطر تينيت الى التخلي من ملف الشرق الاوسط ليركز على الارهاب والحرب في افغانستان.
وثمة عنصران في الجنرال زيني يقلقان الاسرائيليين: الاول هو عدم معرفتهم به شخصياً، والثاني انه قريب من وزير الخارجية كولن باول وهو مثله "جنرال سياسي" يحب التسويات ويكره العمليات العسكرية.
اما العنصر الذي يمكن ان يقلق الجانب الفلسطيني، فهو ان زيني لا يحمل من باول خطة اميركية جديدة لان وزير الخارجية يعتقد ان الجنرال المتقاعد قادر على ان يحقق تقدماً في الامور المتفق عليها بين الجانبين.
والخطة الاميركية التي سيعمل عليها الجنرال زيني هي بحسب تصريحات مسؤولين اميركيين كالآتي:
اولاً: تنسحب اسرائيل من كل اراضي قطاع غزة والضفة الغربية في ما عدا ثلاثة مراكز لمستوطنات تقع في شمال القدس وشرقها وجنوبها. وفي مقابل الاراضي التي لن تنسحب منها يحصل الفلسطينيون على اراض صحراوية محاذية للضفة او للقطاع. وبهذا يمكن كل طرف ان يقول انه انتصر لأن الاسرائيليين سيقولون انهم حافظوا على وجود المستوطنات وسيقول الفلسطينيون انهم حصلوا على مئة في المئة من مساحة الاراضي المحتلة.
ثانياً: تعلن دولة فلسطينية، تكون منزوعة السلاح، وتحتفظ اسرائيل بثلاث محطات للانذار المبكر في وادي الاردن وربما كان هذا في ظل وجود عسكري دولي (وربما اميركي فقط).
ثالثاً: يتطلب موضوع اللاجئين الفلسطينيين مزيداً من العمل ومن التسويات ومن التنازلات. وتعترف اسرائيل بالآلام التي الحقتها بالفلسطينيين وتوافق على تعويضات تدفع مرة وحيدة فحسب لكنها لن تقبل بمسؤولية عن معاناة الفلسطينيين.
وتقدم الى اللاجئين الفلسطينيين عروض عدة: اما البقاء حيث هم، واما الاستقرار في بلدان اخرى. ويقبل الاسرائيليون والفلسطينيون باعداد محدودة من اللاجئين يعودون الى اسرائيل او الى الدولة الفلسطينية.
رابعاً: القدس، تعتمد صيغة دولية ما لادارة الاماكن المقدسة. اما في ما يتعلق بالمسجد الاقصى، فتكون مساحته خاضعة لسيطرة الفلسطينيين، وتكون السيادة تحتها لاسرائيل، وكذلك بالنسبة الى حائط المبكى. اما بقية القدس فتكون منقسمة كما هي الآن وبحسب من يعيش هنا او هناك فيها. (النهار اللبنانية)
&