&
&
&
&
على الكتّاب العرب لبيانات الاستنكار وعرائض التضامن أن يستعدوا. جورج بوش ينوي شراً على العراق. لا ينوي، يعلن. والملفت أنه خاضع لحملة سياسية إعلامية تحذره من استمرار التساهل الأميركي مع النظام في بغداد. وهو تساهل أوقع، بعد الحرب، مئات آلاف القتلى!
إن وصول الحملة الأفغانية إلى حيث وصلت يستوجب، من وجهة نظر واشنطن، فتح الملف العراقي. صحيح أن الحملة على الإرهاب ذي البُعد العالمي ستستمر (الصومال؟ الفيليبين؟) ولكن ذلك لن يمنع، مع عودة الاهتمام الجزئي بالشرق الأوسط، طرح العنوان العراقي.
لقد جرت محاولة من هذا النوع غداة تفجيرات نيويورك وواشنطن. غير أن القائمين بها فشلوا في إقناع بوش، وخسروا أمام <<معتدلين>> يمثلهم وزير الخارجية كولن باول. غير أن سبب الفشل هو أنهم عجزوا عن إقامة رابط مقنع بين بغداد والتفجيرات. حاولوا ذلك، ويستمرون في المحاولة، غير أن ما ينتجونه، على هذا الصعيد، هزيل إلى حد بعيد.
لذا فإننا نشهد، منذ أيام، استعادة لاتهامات سابقة من أجل توفير سبب لحرب محتملة. وتتركز هذه الاتهامات على أن العراق يملك ترسانة من الأسلحة التقليدية، وأن حكامه لن يتورّعوا عن استخدامها، أو، تسريبها إلى جماعات إرهابية تستخدمها. ويكفي هذا التسلسل <<المنطقي>>، حسب أصحابه، من أجل حرب وقائية يكون هدفها تغيير النظام.
وبناء عليه يحق لنا أن نتوقع، في الأيام المقبلة، طفرة في الدراسات، والتعليقات، والتصريحات، و<<الأخبار الموثوقة>> التي تتناول كلها القدرة التدميرية العراقية. وهي قدرة اعتبرتها وزارة الخارجية البريطانية، ذات مرة، وبكل جدية، على مستوى إفناء البشرية وإبادة الكوكب.
ليس مؤكداً أن ينحاز مركز القرار الأميركي إلى هذه الوجهة فوراً. ولقد كان واضحاً، في كلام بوش، أن التركيز سيتناول المدخل إلى هذه المواجهة وهو الضغط من أجل عودة المفتشين. وبما أنه في الإمكان ربط هذه العودة بشروط من نوع <<العقوبات الذكية>> معدلة، وبما أن بغداد لا يمكنها قبول ذلك، فإنه من المقدر أن تنضج ظروف <<الضربة>> شيئاً فشيئاً.
إن الرغبة الأميركية في التصعيد ضد الرئيس صدام حسين علنية. ووسائل الضغط معروفة وتمارسها الطائرات يومياً. ولكن الناقص، حتى الآن، هو توفير الشروط السياسية، المحلية والإقليمية والدولية، لتحقيق هدف من نوع التغيير المطلوب.
فلا المعارضات العراقية جاهزة إلا إذا اعتبرنا إعادة تذكير <<المؤتمر الوطني>> بنفسه جهوزية. ولا الظرف الإقليمي مستعد (راجع تصريحات وزير الخارجية السورية فاروق الشرع في بيروت، والمواقف الإيرانية...). ولا الحماس الأوروبي متوفر (فرنسا، ألمانيا..). وإذا كان الحل العسكري في أفغانستان استبق الحل السياسي فولد مشاكل جمة فإن الوضع العراقي أكثر تعقيداً وخطورة بكثير.
ستمر السياسة الأميركية العملية حيال العراق في <<وقت ضائع>>. غير أنها لن تضيّعه تماماً إذ انها ستنصرف إلى بناء موقف يسمح لها بالتصرف، لاحقاً، حسب ما تمليه مصالحها. الوقت الضائع هو وقت عربي بامتياز. نتثاءب في انتظار الضربة، يستعجلها بعضنا، ويستعد بعض آخر لتوسيع قاموس الشتائم.(السفير اللبنانية)
&