لندن- ارغمت جين وهي في الرابعة عشرة من العمر على احتساء دماء في غرفة "تتدلى من سقفها رؤوس نساء". سيطر عليها المتاجرون بالاطفال باعثين الذعر في نفسها عبر طقوس من الفودو وتم ارسالها الى اوروبا عبر بريطانيا لضمها الى شبكة واسعة من الدعارة تستغل اطفالا.
جين اليوم في السابعة عشرة، وهي تقيم في مكان ما من بريطانيا وتحظى بحماية اجهزة الخدمات الاجتماعية ل"الملجأ" الوحيد في البلاد، وهو هيئة تقدم الحماية للاطفال ضحايا الاتجار بهدف الاستغلال الجنسي وتضمن لهم السرية، وفق ما افادت لين تشيتسي الطبيبة المكلفة متابعتهم. وقالت تشيتسي لوكالة فرانس برس ان "المتاجرين بالاطفال يبعثون فيهم الرعب باللجوء غالبا الى طقوس الفودو".
&وجين حسب اسمها المستعار هي من الضحايا المتزايدين الذين ذكرهم تقرير حول "الاتجار بالاطفال في بريطانيا وعبرها بهدف استغلالهم جنسيا"، نشرته جمعية "اكبات" التي تعنى بهذه المسألة. وتمثل بريطانيا حسب التقرير مركزا لحركة متزايدة للاتجار بالاطفال المستقدمين بصورة خاصة من غرب افريقيا في اتجاه باقي اوروبا وخصوصا ايطاليا. وتتراوح اعمار الضحايا بين 13 و17 عاما.
&ويشير التقرير الى ان معظمهم قادم من نيجيريا، اضافة الى ليبيريا وسيراليون. كما يأتي عدد متزايد من الاطفال من اوروبا الوسطى. باتريسيا البالغة من العمر 17 عاما قادمة من نيجيريا. لم تؤمن يوما في طقوس الفودو، وكانت تدرك انها ستنخرط في شبكة دعارة، لكنها اذعنت هربا من الفقر المدقع. وتم توقيفها كالعديد سواها عام 1999 في مطار غاتويك في لندن وفي حوزتها اوراق مزورة. وضعت في مركز للاطفال، غير انها لم تبق هناك طويلا اذ خطفها المتاجرون بالاطفال بسرعة.
تقول تشيتسي انها ارسلت الى بلجيكا وتم "بيعها" من هناك الى صاحبة بيت للدعارة في ايطاليا مقابل 15 الى 19 الف جنيه استرليني (24 الى 30 الف يورو). لكنها تمكنت من الهرب. وبعد اشهر عدة وتدخل شرطة الانتربول "استطعنا ان نعيدها الى بريطانيا". وقال مايك كاي الناطق باسم الجمعية الدولية لمكافحة الرق المتعاونة مع "اكبات" ان هذه الوثيقة "لا تكشف سوى الجزء الظاهر من المسألة". وقد احصت الاجهزة الاجتماعية في غرب ساسكس جنوب لندن حيث مطار غاتويك الذي يمثل مركزا اساسيا لحركة الاتجار هذه اختفاء 66 طفلا مثل باتريسيا، بينهم 18 صبيا منذ 1995 بعد ان تم ايواؤهم، حسب ما جاء في التقرير.
&واوضح كاي انه "ليس هناك اي تشريعات في حق المتاجرين الذين يواجهون عقوبة السجن لسنة او سنتين كحد اقصى"، ما يردع الضحايا عن الادلاء بشهاداتهم ضدهم. واضافت تشيتسي ان التناقض في شهادات الضحايا "يحمل على اعتبارهم غير جديرين بالثقة، ما يحول دون اعتبارهم شهودا". وهذا ما حصل عام 1998، حين القي القبض على رجلين بعد عملية واسعة النطاق قامت بها شرطة ساسكس ضد المتاجرين بالاطفال. واعتبر القضاء آنذاك ان "الاثباتات غير مباشرة لان الضحايا لا يمكن اعتبارهم شهودا".
&وقالت تشيتسي ان "احد المشبوهين كان رئيس شبكة، لكنه لم يتعرض لاي ملاحقة. عملت على هذه القضية طوال سنتين. كان الامر فظيعا". وتعتبر تشيتسي ان منح هؤلاء الاطفال "اقامة موقتة (على الاراضي البريطانية) لا يكفي. ينبغي منحهم حق اقامة استثنائيا يضمن لهم حماية حقيقية". وتابعت انهم "سيتمكنون عندها من الادلاء بشهادتهم، ما سيسمح باحالة المتاجرين الى القضاء". وختمت "ان هذه المشكلة تطرح اينما يوجد مطار او مرفأ. هذه المجموعات الاجرامية المنظمة تستخدم غاتويك، لكنني واثقة من ان ثمة شبكات اخرى في امكنة اخرى". وقال مايك كاي "يمكن التحدث فعلا عن مئات الاطفال ضحايا الاتجار كحد ادنى" في بريطانيا.