وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد يري أن الملا عمر لا يستحق الحصول علي عفو محتمل لأنه مسؤول عن إيواء القاعدة ، ونحن نري أنه لا يستحق العفو لأنه تسبب في قتل وتشريد ملايين الأبرياء من أبناء الشعب الأفغاني، ودمر أفغانستان، جعلها مركزاً للمغامرين وتجار السياسة والإرهاب، وأعادها قروناً إلي وراء بفكره المتخلف وتعصبه الأعمي وجهله بأمور الحكم والسياسة، وتحريمه أهم وسائل الحياة المدنية. والعفو عنه مكافأة للإرهاب والابتزاز السياسي والتخلف الفكري والانحراف والتعصب الديني.
رئيس الحكومة الأفغانية الموقتة حامد قرضاي تجنب الحديث صراحة عن منح عفو للملا عمر واكتفي في مقابلة مع شبكة سي. إن. إن الأميركية بمطالبته بـ إدانة الإرهاب والاعتراف بما ألحقه من أذي وخراب بالبلاد . وأشار إلي أن المقاتلين في صفوف طالبان سيحصلون علي العفو الشامل، مما يعني أن القوي الجديدة في أفغانستان تريد إخراج قادة طالبان من مسؤولية ما حدث، وتحميل تنظيم القاعدة والأفغان العرب وزر ما جري للشعب الأفغاني، لكسب القبائل الموالية للحركة المنتهية.
إن موقف رئيس الحكومة الموقتة من طالبان والملا عمر، والتلويح بإخراج الحركة ومقاتليها من المسؤولية، وتصوير ما جري علي أنه جريمة ارتكبها بعض العرب، لن تغير حقيقة أن هذه الحركة تسببت في وضع قضايانا العادلة في فلسطين وكشمير والشيشان في سلة الإرهاب، ومارست رعونة سياسية، وساوت المقاتلين من أجل تحرير بلادهم وحرية مواطنيهم بالذين يقاتلون من أجل السلطة أو تأمين ممرات آمنة لتجارة الأفيون والحشيش. وترك قادة هذه الحركة يعودون إلي بيوتهم بحجة تأمين استقرار سياسي للحكومة الموقتة لممارسة دورها، يعني أن الولايات المتحدة اكتفت من حربها بالوصول إلي منظمات التحرير الوطني في فلسطين، وفرض مزيد من الهيمنة علي تدفق الأموال والمساعدات للشعب الفلسطيني.
إن التعاطف مع حركة طالبان لا يختلف عن التعاطف مع النظام الحاكم في بغداد. فكلا النظامين تسبب في تراجع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ووضع سيادة أراضيه تحت رحمة القوي الأجنبية، وسوّغ الهيمنة الغربية علي شعوب المنطقة، وتسبب في إعادتنا عشرات السنين إلي وراء.(الحياة اللندنية)