في غفلة من الأمة، وربما من انفسهم (اذا أحسنا بهم الظن) يتخذ زعماء الدول العربية والاسلامية خطوات متلاحقة عبر منظماتهم الاقليمية لتعزيز مشروعية الكيان الصهيوني ومشروعية استمرار الاحتلال واغتصاب الاراضي واستعباد اهلها، فبعد قمة داكار الاسلامية التي حرمت باسم الاجماع الاسلامي الجهاد لتحرير فلسطين، والقمم العربية والاسلامية المتلاحقة التي بصمت علي اوسلو ومدريد وتقرير ميتشيل ومهمة زيني ومطالب شارون وبوش، تحولت المواقف العربية حول القضايا الخلافية جذريا بدون اي نقاش او حتي اعلان.
فبدلا من التصريح بالاعتراف بحق اسرائيل في الوجود، تحيل الحكومات العربية السائل الي مدريد او الي دعم السلطة الفلسطينية و النضال الفلسطيني الخ. وبدلا من القول بأن الاحتلال مشروع حتي تقرر اسرائيل خلاف ذلك، نحال الي اقوال من نوع علي الاطراف العودة الي مائدة المفاوضات . ولسنا هنا بصدد مناقشة مشروعية وجدوي الاعتراف باسرائيل والخضوع لشروطها، ولكن نتساءل عن السر في التمويه المستمر لهذه التوجهات. فالحكومات العربية والاسلامية (بما فيها تلك التي تدعي الثورية والبطولة) تخجل من التصريح بمواقفها او تبريرها، مما يشي بانها تعتقد ان ما تأتيه منكر واثم.
وفي الحديث الشريف: الاثم ما حاك في الصدر وخشيت ان يطلع عليه الناس .
وهذا في حد ذاته مستغرب، لان حكامنا يأتون بمنكرات اخري كثيرة اكبر لا يخجلون منها ولا يستحون.
مشهد الاذلال والتركيع الذي تعرض له رئيس السلطة الفلسطينية السيد ياسر عرفات وسلطته الفلسطينية تحت ضغط الارهاب الاسرائيلي اعاد الي الاذهان مشهد هزيمة حزيران (يونيو) 1967 المنكرة والعار الذي لحق بالعرب من جرائها، ففي الحالين حسمت القوة الاسرائيلية الصاعقة والغالبة الامور موضوع الصراع، وفي ظل عجز عربي فاضح، ودعم دول (وغرب خصوصا) متحمس وفاعل، ولكن هزيمة حزيران جاءت علي الاقل والعرب يقاتلون، وصفوفهم في وجه العدو متراصة، وبعد الكارثة مباشرة اجتمع العرب في الخرطوم وقرروا الا يركعوا ولا يستسلموا.
اما اليوم فان الضربة تأتي والعرب ايضا متحدون في الاستسلام والركوع. وبعد الضربة تباري العرب في قممهم واجتماعاتهم الطارئة لاظهار ايهم اكثر ركوعا واحسن سجودا، اسرائيل لم تتهم السلطة الفلسطينية، وهي امام العرب في الصلاة في محراب صهيون، انها قصرت في الركوع والسجود، بل كل تهمتها كانت انها لم تجتهد بما فيه الكفاية في مجاهدة الكفار والمخالفين ممن رفضوا الركوع والسجود.
فرق كبير اذن بين اعداء اسرائيل الذين هزموا شاهرين سلاحهم دفاعا عن الكرامة، و حلفاء اسرائيل الذين يؤدبون لانهم قصروا في أداء الواجب . وفرق بين من ضربوا لانهم قالوا لا، وبين من يضربون فيجتمع ممثلوهم علي مشهد من العالم دون ان يجرؤ احد علي قول لا، الكاتب المصري الراحل اطلق علي من قادوا الامة الي هزيمة حزيران لقب المماليك الاشتراكية وهي في حقيقة الامر اساءة الي المماليك الذين كانوا سادة انفسهم وسادة بلادهم، وهزموا اقوي جيوش العالم وقتها، ولعل هذا اللقب اجدر بمن عجزوا ان يتشفعوا لدي حلفائهم في ياسر عرفات الاسير المحاصر بالدبابات، وشعبه الاعزل المحاصر المجوع.
وبذكر الركوع والسجود فان قرار حماس الاخير بتعليق عملياتها ضد اسرائيل يؤكد الهوية العربية الاسلامية لهذه المنظمة، وموهبتها الاصيلة في اتخاذ القرار الخطأ في الوقت الخطأ، وكنا قد انتقدنا في وقت سابق قرار عرفات والسلطة الفلسطينية في نفس الاتجاه لنفس السبب، وهو انه يؤكد مقولة شارون بان العرب لا ينفع معهم الا الضرب والقهر، ولا يتأدبون الا بالعصا والسوط.
صحيح ان ادخال العنف في الانتفاضة كان خطأ نبهنا اليه في وقته، ولكن العدول عنه تحت الضغط خطأ اكبر، ويذكرنا هذا بقصة هارون الرشيد مع وزيره يحيي البرمكي، حين استشاره في هدم ايوان كسري فنهاه عن ذلك، ولكن الرشيد رفض مشورته واعتبرها انحيازا من وزيره لثقافته واصله الفارسي، ولكن رجال الرشيد عجزوا عن هدم القصر، فاستشار الرشيد وزيره مرة اخري فنصحه بالاستمرار في الهدم حتي لا يقال انه عجز عن هدم ما بناه غيره.
ولكن مع الفارق، فان حادثة الرشيد تتعلق بسمعة ملك، وهذه القرارات تتعلق بمصائر شعوب سيحكم عليها بالعبودية الازلية اذا ثبت انها يمكن ان تساق بالعصا، فليتحمل القادة الذين ادخلوا انفسهم وشعبهم في هذا المأزق مسؤوليتهم كاملة، ولا يخصوا انفسهم والامة بهذه التخاذل بدون ثمن.(القدس العربي اللندينة)
فبدلا من التصريح بالاعتراف بحق اسرائيل في الوجود، تحيل الحكومات العربية السائل الي مدريد او الي دعم السلطة الفلسطينية و النضال الفلسطيني الخ. وبدلا من القول بأن الاحتلال مشروع حتي تقرر اسرائيل خلاف ذلك، نحال الي اقوال من نوع علي الاطراف العودة الي مائدة المفاوضات . ولسنا هنا بصدد مناقشة مشروعية وجدوي الاعتراف باسرائيل والخضوع لشروطها، ولكن نتساءل عن السر في التمويه المستمر لهذه التوجهات. فالحكومات العربية والاسلامية (بما فيها تلك التي تدعي الثورية والبطولة) تخجل من التصريح بمواقفها او تبريرها، مما يشي بانها تعتقد ان ما تأتيه منكر واثم.
وفي الحديث الشريف: الاثم ما حاك في الصدر وخشيت ان يطلع عليه الناس .
وهذا في حد ذاته مستغرب، لان حكامنا يأتون بمنكرات اخري كثيرة اكبر لا يخجلون منها ولا يستحون.
مشهد الاذلال والتركيع الذي تعرض له رئيس السلطة الفلسطينية السيد ياسر عرفات وسلطته الفلسطينية تحت ضغط الارهاب الاسرائيلي اعاد الي الاذهان مشهد هزيمة حزيران (يونيو) 1967 المنكرة والعار الذي لحق بالعرب من جرائها، ففي الحالين حسمت القوة الاسرائيلية الصاعقة والغالبة الامور موضوع الصراع، وفي ظل عجز عربي فاضح، ودعم دول (وغرب خصوصا) متحمس وفاعل، ولكن هزيمة حزيران جاءت علي الاقل والعرب يقاتلون، وصفوفهم في وجه العدو متراصة، وبعد الكارثة مباشرة اجتمع العرب في الخرطوم وقرروا الا يركعوا ولا يستسلموا.
اما اليوم فان الضربة تأتي والعرب ايضا متحدون في الاستسلام والركوع. وبعد الضربة تباري العرب في قممهم واجتماعاتهم الطارئة لاظهار ايهم اكثر ركوعا واحسن سجودا، اسرائيل لم تتهم السلطة الفلسطينية، وهي امام العرب في الصلاة في محراب صهيون، انها قصرت في الركوع والسجود، بل كل تهمتها كانت انها لم تجتهد بما فيه الكفاية في مجاهدة الكفار والمخالفين ممن رفضوا الركوع والسجود.
فرق كبير اذن بين اعداء اسرائيل الذين هزموا شاهرين سلاحهم دفاعا عن الكرامة، و حلفاء اسرائيل الذين يؤدبون لانهم قصروا في أداء الواجب . وفرق بين من ضربوا لانهم قالوا لا، وبين من يضربون فيجتمع ممثلوهم علي مشهد من العالم دون ان يجرؤ احد علي قول لا، الكاتب المصري الراحل اطلق علي من قادوا الامة الي هزيمة حزيران لقب المماليك الاشتراكية وهي في حقيقة الامر اساءة الي المماليك الذين كانوا سادة انفسهم وسادة بلادهم، وهزموا اقوي جيوش العالم وقتها، ولعل هذا اللقب اجدر بمن عجزوا ان يتشفعوا لدي حلفائهم في ياسر عرفات الاسير المحاصر بالدبابات، وشعبه الاعزل المحاصر المجوع.
وبذكر الركوع والسجود فان قرار حماس الاخير بتعليق عملياتها ضد اسرائيل يؤكد الهوية العربية الاسلامية لهذه المنظمة، وموهبتها الاصيلة في اتخاذ القرار الخطأ في الوقت الخطأ، وكنا قد انتقدنا في وقت سابق قرار عرفات والسلطة الفلسطينية في نفس الاتجاه لنفس السبب، وهو انه يؤكد مقولة شارون بان العرب لا ينفع معهم الا الضرب والقهر، ولا يتأدبون الا بالعصا والسوط.
صحيح ان ادخال العنف في الانتفاضة كان خطأ نبهنا اليه في وقته، ولكن العدول عنه تحت الضغط خطأ اكبر، ويذكرنا هذا بقصة هارون الرشيد مع وزيره يحيي البرمكي، حين استشاره في هدم ايوان كسري فنهاه عن ذلك، ولكن الرشيد رفض مشورته واعتبرها انحيازا من وزيره لثقافته واصله الفارسي، ولكن رجال الرشيد عجزوا عن هدم القصر، فاستشار الرشيد وزيره مرة اخري فنصحه بالاستمرار في الهدم حتي لا يقال انه عجز عن هدم ما بناه غيره.
ولكن مع الفارق، فان حادثة الرشيد تتعلق بسمعة ملك، وهذه القرارات تتعلق بمصائر شعوب سيحكم عليها بالعبودية الازلية اذا ثبت انها يمكن ان تساق بالعصا، فليتحمل القادة الذين ادخلوا انفسهم وشعبهم في هذا المأزق مسؤوليتهم كاملة، ولا يخصوا انفسهم والامة بهذه التخاذل بدون ثمن.(القدس العربي اللندينة)
التعليقات