كلما اقترب موعد انعقاد القمة العربية في بيروت زاد تكرار سؤال: هل يزور الرئيس ياسر عرفات المخيمات الفلسطينية في لبنان؟ وماذا سيفعل لترتيب أوضاعها؟ والسؤال بهذه الصيغة لا يطرح لحض القمة علي اتخاذ قرارات لتغيير أوضاع المخيمات الفلسطينية، ورفع المعاناة عن المحاصرين في مخيمات الصفيح المزرية، وإنما لإيجاد حل للمشاكل الناجمة عن امتلاك الفلسطينيين أسلحة داخل المخيمات، والتحركات العسكرية أو الأمنية التي يمارسها بعض الفصائل الفلسطينية ويري اللبنانيون أنها مس بالسيادة الوطنية.
الدخول في تفاصيل مخيمات الهوان والذل والنفي الفلسطينية الموجودة في لبنان، سيفتح جروحاً لا علاج لها، والسلطة الفلسطينية ليست في وضع يمكنها من التصدي للتداعيات التي يمكن أن تترتب علي تغيير أوضاع المخيمات، وربما أثرت هذه التحركات في الوحدة الوطنية الفلسطينية التي ليست بحاجة إلي مزيد من التهديد. لكن لبنان ليس معنياً بالرؤية الفلسطينية لهذه المخيمات، والوجود الفلسطيني المسلح لا يختلف عن الوجود السوري المسلح، و تسلح الآخرين علي أرض لبنان ورقة من مخلفات الحرب الأهلية، حان وقت نزعها وإلقائها في سلة التاريخ.
إن بإمكان القمة العربية أن تتجاوز أزمة المخيمات بشقيها اللبناني والفلسطيني، وتتبني قراراً شجاعاً بإلغاء فكرة المخيمات وتمكن المواطن الفلسطيني من الانخراط في المجتمعات العربية والعيش في شكل طبيعي، وترفع القيود عن تحركاته، وتقر مشروعاً لفك الحصار المفروض علي الفلسطينيين بحجة الصمود وعدم الذوبان في المجتمعات وضياع القضية، كأن إبقاء الفلسطينيين في هذه السجون التي لا تليق بالبهائم هو الدافع لبقاء جذوة القضية في نفوسهم.
إن بقاء الحصار المفروض علي الفلسطينيين في مخيمات الجوع والفقر والمرض تسويغ للحصار الظالم الذي تفرضه إسرائيل علي الشعب والقيادة الفلسطينية في أراضي السلطة، وإلغاء فكرة المخيمات في هذا الوقت خطوة بألف حرب علي الغطرسة الإسرائيلية، وحفظ لكرامة الإنسان الفلسطيني، ووقف للعنف المعنوي الذي يمارس ضده باسم محاربة التوطين.(الحياة اللندنية)