أصبح من ضمن البروتوكول الرسمي لزيارة كل رئيس دولة وبخاصة رؤساء الدول العربية الولايات المتحدة ان يقوم بادانة الارهاب, والمقصود بالارهاب حسب المفهوم الاميركي هو العمليات الاستشهادية التي يقوم بها الفلسطينيون، بل ان بعض القادة العرب في اجتماعهم في شرم الشيخ تطوعوا بإدانة "الارهاب" حتى دون ان يطلب منهم من خلال التأكيد على ضرر هذه العمليات على القضية الفلسطينية, أما مسؤولو السلطة الفلسطينية فنددوا بالعمليات الاستشهادية باعتبارها تخريبا للمشروع الوطني الفلسطيني.
ألا يستحي هؤلاء من تصريحاتهم هذه؟ فبدلا من أن يتواروا خجلا من تضحيات هؤلاء الشهداء الذين لم يجدوا إلا أجسادهم ليفجروها ليعلنوا رفضهم للظلم والبطش الذي يلاقون في الوقت الذي توارى القادة بجيوشهم الجرارة مكتفين بتصريحات الاستنكار، بدلا من ذلك نجدهم يصفون هذه البطولات الاسطورية بالعمليات الارهابية, العرب كانت تقول قديما "عش رجبا تر عجبا"، ولكن مع القادة العرب أصبحنا نرى العجب في جميع اشهر السنة.
لماذا كل هذا الابتذال والهوان في قضية عادلة تمس مقدسات الامة وكرامتها، وهل المطلوب اذا سكت القادة وخنعوا أن يسكت الجميع ويستكينوا؟ إن امة ترى مقدساتها تدنس وتعاين اعراض نسائها تنتهك ودماء أبنائها تسفك ثم لا تنتفض لهي أمة ميتة ليست جديرة بالحياة، وما أعظم قول الامام علي في بيان حتمية الفداء عندما يريد الانسان ان يعيش عزيزا وكان ذلك عندما كان يخاطب اصحابه في إحدى الحروب حين منع العدو عنهم الماء قائلا "فأقروا على مذلة وتأخير محلة أو رووا السيوف من الدماء ترووا من الماء، فالموت في حياتكم مقهورين، والحياة في موتكم قاهرين".
أعتقد أنه من العبث تبرير العمليات الاستشهادية للاخرين، فالأمور واضحة لا لبس فيها، فالاستشهاد جزء من ثقافتنا الاسلامية وليس في ذلك ما يعيب، بل هو مدعاة للفخر في أن يكون من ضمن ثقافة الامة الاستشهاد في سبيل نيل حقوقها, الاستشهاد في سبيل الوطن هو سبيل الامم الحرة للتخلص من الظلم والاحتلال، وإذا كان الدفاع عن الوطن والحرية ارهابا فلماذا لا يسمي الغرب الاعمال التي قام بها انصار الثورة الفرنسية في 2 سبتمبر من عام 1792 ارهابا؟! عندما هاجم الثوار سجون باريس وضواحيها وقتلوا مجموعة كبيرة من مؤيدي الملك المحتجزين فيها.
ليس من المجدي بتاتا محاولة تبرير العمليات الاستشهادية للغرب وبخاصة للولايات المتحدة فهي قوة متجبرة ومتنمرة أطغتها القوة وأسكرتها السطوة فصمت اذانها عن صوت الحق والضمير وأعمتها عن سلوك طريق العدل والانصاف, الأجدى من ذلك هو ترسيخ ثقافة الاستشهاد في عقول افراد المجتمعات الاسلامية لتؤتي هذه الثقافة أكلها حيث أثبتت أنها السلاح الفتاك في أيدي المستضعفين في فلسطين ومن قبلها على أيدي أبطال المقاومة في جنوب لبنان, من يريد العزة ومن يريد ان ينال حقوقه لابد ان يحمل شعار "اطلب الموت توهب لك الحياة".(الرأي العام الكويتية)