&
حقق المنتخب السعودي من خلال مشاركته في نهائيات كأس العالم الحالية لكرة القدم المركز الاخير بين المنتخبات الـ32 المشاركة, وحصل على أسوأ نتائج يسجلها منتخب عربي خلال تاريخ المونديال, إذ خسر مبارياته الثلاث من دون أن يستطيع (زيارة) مرمى منافسيه, وأتخمت شباكه بـ12 هدفًا.
وعقب هذه النتائج التي لا تليق بسمعة البطل الآسيوي ولا بتاريخه الزاخر بالألقاب فإن من حق السعوديين أن يعلنوا غضبهم ورفضهم لما حدث على رغم إقرارنا بالاهتمام الكبير الذي تحظى به كرة القدم من قبل الرئيس العام لرعاية الشباب ونائبه والذي كان له الأثر الواضح في تحقيق (الاخضر) عددًا من البطولات والانجازات المختلفة.
ولكن لحظة المصارحة والحقيقة قد حانت, فكرة القدم يا سادة يا كرام أصبحت علمًا وتقنية صعبة ومعقدة وتتطور بشكل سريع, وعلينا أن نواكب هذا التقدم وأن نصحح مسارنا وأن نعترف بإمكاناتنا ونحاول اللحاق بالركب, على أسس علمية صحيحة تبدأ بالأساسات لأن من دونها لا يمكن أن نبني مستقبلاً متينًا.
وبالعودة الى مسببات ما حدث في اليابان, والآمال التي تهاوت بسرعة البرق فإن هناك أسبابًا بعيدة المدى وأخرى قريبة .
الأسباب بعيدة المدى تتلخص في عدم اهتمامنا بالنشء وعدم إقامة المدارس الكروية للاعبين ما بين 6 و14 عامًا, والتي تهدف الى التنشئة الكروية الصحيحة في العمر الذي يمكن أن نصنع به اللاعب وأن ننمي مهاراته فيه ونطورها. كما أن الاندية الرياضية تعاني وبشكل كبير من عدم وجود الامكانات المادية والدعم الكافي لتستطيع أن تؤدي دورها وتهتم بلاعبيها بالشكل الامثل, إضافة الى أن نظام الاحتراف المعمول به حاليًا لا يخدم اللاعب ولا النادي ولا يطور من الفكر والوعي الاحترافيين. وقد بدأ بشكل معكوس وكان لزامًا أن ينطلق من القاعدة لا من القمة, إذا أردنا أن تكون نتائجه مستقبلية وطويلة الأجل. كما أن النظام الحالي مرهق ماديًا للأندية التي كانت تحتاج الى نظام خصخصة مفيد يسبق أو على أقل تقدير, يوافق الاحتراف. وافتقدنا أيضًا عددًا من الخبرات الكروية في التشكيل الاخير للاتحاد , وتحتاج لجانه بشكل كبير الى عدد من الخبرات من الداخل ومن الخارج, وهذا الامر غير معيب بل يحسب لنا كي نستفيد من غيرنا, ولكي نجد من يستطيع أن يخطط لكرتنا ولمستقبلها وأن نكون في المدار الصحيح.
أما الاسباب قصيرة المدى فتتركز على الاعداد السيئ والقصير للمشاركة وعدم خوض مباريات قوية كافية وعدم جهوزية بعض اللاعبين, واهتمامنا بالدوري المحلي الذي انتهى في وقت متأخر وتسبب في بعض الاصابات, وفي فارق بدني ولياقي كبير بين اللاعبين بسبب تفاوت أوقات انتهاء المباريات المحلية للأندية. أضف الى ذلك كثرة الاداريين المرافقين الذي فاق عدد أفراد الجهاز الفني ما تسبب في تشتت اللاعبين بينهم على رغم عدم امتلاك البعض منهم القدرة على التفوق, وبث الروح والحماسة التي افتقدناهما في البطولة.
ويجب أن نعترف أن خبرة الجهاز الفني وإمكاناته ليست بمستوى الطموح ما أثّر على أداء المنتخب ونهجه بشكل كبير.
وما نحتاجه الآن هو استيعاب كل وجهات النظر والمصارحة والمكاشفة, وأن نعيد التخطيط لكرتنا, وأن يتقبّل المسؤولون وعلى رأسهم الأميـر سلطان بن فهد والأمير نواف بن فيصل والأمير تركي بن خالد الذين قادوا الكرة السعودية الى أعلى المستويات, السلبيات كلها التي حدثت في الفترة الأخيرة. (الحياة اللندنية)