برلين&-ايلاف : في مواجهة النظم الدكتاتورية، وما خلفته من ظروف قاهرة مثل الفقر وانتشار الأوبئة والحروب الأهلية، شهد العقدان الأخيران من القرن العشرين، عمليات نزوح جماعي لملايين البشر بحثا عن ملجأ آمن، غير أن القيود الصرامة التى تفرضها الدول المستضيفة حالت دون ذلك، رغم المعاهدة التى تبنتها الامم المتحدة قبل خمسين عاما التي أقرتها كل الدول الأعضاء.
ووفقا للاحصاءات الأممية في هذا المجال، تعد أرمينيا من اكبر الدول من حيث نسبة اللاجئين فيها لعدد السكان اذ يمثلون 8.4% وتليها غينيا 6.8 % ثم يوغسلافيا 4.7% , وجيبوتى 3.7 % , وليبيريا 3.3 %؛ وأذربيجان 2.9 &%، وايران&2.7 % , وزامبيا 2.3 % , وتنزانيا 1.9 % بالاضافة الى السويد 1.8 % ، بينما تعتبر هولندا من اكبر الدول المقدمة اليها طلبات لجوء فى عام 2000 حيث وصل عدد الطلبات حوالى (900 طلب) تلتها بلجيكا (700 طلب) ثم بريطانيا (680) والمانيا (650)، والولايات المتحدة (600)، وفرنسا (590)، واستراليا (400)، وكندا (250 طلبا).
وتعتبر الحروب الاهلية والفقر والاضطهاد من الدوافع الرئيسية التى أدت الى تفاقم هذه الظاهرة وهذا ما أكدته الكاتبة والمدافعة عن حقوق الانسان يولاند موكاجاسانا بان مقتل زوجها وأطفالها هو سبب فرارها من رواندا . ووصفت موكاجاسانا رحلة الهروب من بلادها بانها فى غاية القسوة ولكن لم يكن أمامها خيار اخر بعد ان ابتلعت هذه البلاد عائلتها فى بحر من التعذيب والمعاناة على يد الروانديين لذا قررت التوجه الى اوروبا التى لم تكن تعرف الكثير عنها لعلها تقبلها كلاجئة.
&بزنس اللجوء
وأصبح العمل ـ غير المشروع ـ فى تهريب البشر مصدر ربح سريعا لعصابات مافيا تهريب المهاجرين، وهذا ما أكده مهرب ايرانى سابق يدعى حميد قضى عشر سنوات فى مساعدة المهاجرين على تجاوز الحدود التى تفصلهم عن أوروبا وشكل نظاما لتهريب الناس الى باكستان ومنها الى أوروبا حيث يقوم باعطاء زبائنه وثائق سفر أوروبية مسروقة من السياح كما استخدم الرشاوي لموظفي استخراج وثائق السفر حتى لا يعترضوا.
ويعتبر الحصول على حقائق ملموسة عن هذا النشاط امرا صعبا بسبب الطبيعة غير المشروعة لتلك التجارة السوداء، لكن منظمة الهجرة الدولية تضع بعض التقديرات مثل ان أربعة ملايين شخص يتم تهريبهم سنويا كما ان العائد السنوى للتهريب البشري يتراوح بين خمسة مليارات وسبعة مليارات دولار وان عدد السيدات والفتيات اللاتى يهربن الى غرب أوروبا بغرض العمل فى الدعارة يصل الى 500 ألف فتاة وسيدة سنوياً.
ويواجه اللاجئون عندما يصلون الى وجهتهم جوا عدائيا فى الدولة التى تستقبلهم اذ يتحدث احد اللاجئين ويدعى محمد سلمان من التاميل فى سريلانكا عن الطريقة التي استقبل بها فى ألمانيا حيث تم ألقاء القبض عليه بمجرد وصوله وكبل بالقيود واقتيد الى الزنزانة ووضعوه فى غرفة مظلمة مع المجرمين كما تحدث عن عمليات الضرب والشتائم التى تعرض لها من السكان المحليين.
وبعد مرور خمسين عاما على ابرام معاهدة اللاجئين، يجادل بعض منتقديها بأن المعاهدة أصبحت قديمة ولا تتماشى مع العصر الراهن، خاصة مع ظهور الهجرات الجماعية، وتغير طبيعة الصراعات، فى حين يصر البعض على أن القيم التى تضمنتها المعاهدة خالدة وإنسانية، وأنها أثبتت صمودها بشكل واضح.
ويرى رود لوبرز رئيس المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة انه من الضروري التراجع خطوة الى الوراء والتفكير فى طريقة تطبيق المعاهدة فعليا فى عالم اليوم، مشيرا الى ان المفوضية العليا للاجئين بدأت برنامجا بعنوان المشاورات العالمية يستهدف تأكيد التزام الحكومات بالمعاهدة وفى الوقت نفسه اختبار أهم المخاوف المتعلقة بحماية اللاجئين اليوم خاصة فى حالات النزوح الجماعي.طالب لوبرز المجتمع الدولي بالتعاون وبذل الجهود من اجل مكافحة الجريمة الدولية المنظمة التى يشكل تهريب المهاجرين أو اللاجئين جزءا منها من خلال حل مشكلات المناطق التي تمثل ارضا خصبة لتدفق اللاجئين.
التعليقات