تحقيق‏:‏ عـمـــاد حـجــاب

لأول مرة تعرف الواحات البحرية طريقها إلي خريطة السياحة العالمية للخروج من عزلتها التي دامت مئات السنين‏,‏ وحرمت مصر من الاستفادة بمقوماتها الطبيعية الهائلة‏,‏ فلم يتجاوز عدد السياح الذين يتكبدون مشقة السفر إليها‏10‏ آلاف سائح سنويا‏.‏
وستدخل الواحات البحرية الخدمة قريبا وعلي الأكثر خلال عامين‏..‏ بعد انتهاء إنشاء المطار الجديد بها ليختصر المسافة إلي ساعة واحدة بدلا من‏5‏ ساعات‏,‏ كانت تقطعها الرحلة بين مدينة الجيزة والواحات بطول‏365‏ كيلو مترا‏,‏ وتشهد الواحات البحرية حاليا حركة دائبة لتوفير مقومات الحياة الطبيعية من مياه وكهرباء ومواصلات وتليفونات علي الطرق الرئيسية بها لتدب بها الحركة من جديد لتعويضها عن سنوات الحرمان التي سقطت فيها عمدا من حسابات الدولة لأكثر من‏30‏ عاما برغم أنها تمثل جزءا كبيرا من مساحة محافظة الجيزة الآن‏.‏
ويؤكد المستشار محمود أبو الليل محافظ الجيزة أن الواحات البحرية ستكون خلال سنوات قليلة أكبر امتداد سياحي للقاهرة الكبري لتوافر مقومات السياحة الترويحية والعلاجية والأثرية بها لوجود‏400‏ عين من المياه المعدنية و الكبريتية الدافئة والباردة‏,‏ والمناطق الشاسعة بين الوديان والقري الأثرية الصالحة لاقامة سياحة السفاري والمخيمات والسياحة الرياضية ومسابقات الخيول والمهرجانات وكذلك مناطق صيد البط والغزلان و الطيور المهاجرة لهواة الصيد‏,‏ بالاضافة لتعدد المناطق الأثرية الفرعونية والرومانية والقبطية بها والتي تمثل جزءا مهما من تاريخ الحضارة المصرية خاصة للأسرة الـ‏26‏ الفرعونية‏.‏
وأضاف المحافظ أنه تم وضع أول خطة متكاملة للنهوض بالخدمات الأساسية بالواحات البحرية لتصبح منطقة جذب للاستثمارات السياحية العالمية وتزويدها بالبنية الأساسية التي تعد من أهم مقومات الاستثمار السياحي والتي كانت تفتقر إليها في الماضي وتم تحديد المناطق الخاصة باقامة المشروعات السياحية بجوار العيون الكبريتية والمناطق الأثرية وطرحها علي المستثمرين وعلي شبكة الانترنت وقد تلقت المحافظة عددا من طلبات المستثمرين المصريين والعرب والأجانب لإقامة مشروعات سياحية بها وستقدم لهم المحافظة جميع التسهيلات اللازمة‏,‏ وقد تم تحديد سعر متر الأرض بجنيه واحد للمشروعات السياحية لحين التسعير النهائي لثمنها‏.‏
خطط للتطوير
وأضاف أنه يجري حاليا القضاء علي أهم معوقات الاستثمار في الواحات البحرية وهي ضعف شبكة المواصلات والاتصالات بينها وبين محافظة الجيزة وتم زيادة عدد خطوط الأتوبيسات التي تربطها بمدن الجيزة وتكثيف زيارات المسئولين بأجهزة الخدمات إليها للقضاء علي شكاوي الخدمات العامة وإنشاء مطار جديد للواحات علي مساحة‏19‏ ألف فدان ويستغرق العمل به نحو عامين لانهاء مشكلة عزلتها نهائيا وبعد المسافة التي تربطها بمدينة الجيزة والتي تمثل أكبر العقبات أمام تنميتها ليتم اختصار الوقت إلي ساعة بدلا من‏5‏ ساعات كانت تستغرقها الرحلة البرية‏,‏ بالاضافة إلي إنشاء‏13‏ فندقا ومخيما كشفيا ودخولها حيز العمل بالقرب من العيون الكبريتية والمعدنية منها‏6‏ فنادق جديدة بجانب الفنادق الأربعة القديمة‏,‏ كما تشارك وزارة الصحة حاليا في خطة الاهتمام بالواحات باقامة مراكز طبية للعلاج والاستشفاء بها‏.‏
وقال إنه يجري حاليا التنسيق مع الدكتور أحمد نظيف وزير الاتصالات لزيادة عدد كبائن التليفونات بالكارت الممغنط والعملة علي طول الطريق الرئيسي بين الجيزة والواحات والطرق الفرعية وإنشاء محطات للمحمول لدعم شبكة الاتصالات بها بعد قيامها بالغاء الرقم الكودي للاتصال بالواحات البحرية ليتم الاتصال بها كرقم عادي داخل القاهرة الكبري وكذلك التنسيق مع الدكتور محمود أبو زيد وزير الموارد المائية والري لزيادة الاعتمادات المالية المخصصة لحفر آبار جديدة لمياه الشرب والري للوفاء بمتطلبات الحياة الجديدة علي أرضها‏,‏ كما طلبت المحافظة من الدكتور يوسف والي نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة تخصيص مساحة‏500‏ ألف فدان للزراعة لتوزيعها علي شباب الخريجين الراغبين في إقامة مشروعات زراعية لتشجيعهم علي الذهاب وتملكها بالمجان‏,‏ كما تقوم المحافظة الان باتخاذ الاجراءات اللازمة لاقامة اكبر منطقة صناعية بها لتجفيف البلح والمشمش والفواكه والزيتون والاستفادة من وجود‏9‏ مصانع حالية لتعبئة البلح تنتج نحو‏5‏ آلاف طن سنويا من البلح المجفف وتصدر منه‏60‏ بالمائة لدول المغرب العربي وشرق وجنوب آسيا‏,‏ تمهيدا لتشجيع المستثمرين علي اقامة مشروعات تجفيف أخري للفواكه والموالح التي تشتهر بها الواحات والخالية من الكيماويات والتي تقبل عليها أوروبا والاستفادة من الخامات البيئية المتوافرة بالواحات في اقامة صناعات جديدة بها‏.‏
السياحة العلاجية
واضاف المستشار محمود أبو الليل محافظ الجيزة انه تم افتتاح مكتب للسياحة لاول مرة بمدينة الباويطي عاصمة الواحات البحرية لتشجيع السياحة الداخلية والخارجية إليها والقضاء علي شكاوي شركات السياحة والأفواج خاصة أن هناك كثيرا من المصريين والسياح الأجانب لايعرفون الامكانيات الطبيعية بها وأماكنها ويتركز مستقبل السياحة بالواحات علي السياحة العلاجية والترويجية في المقام الأول وقد تم الانتهاء من إنشاء أول مركز صحي عالمي بها بطاقة‏50‏ سريرا ويضم‏24‏ غرفة وصالة للجمانيزيوم وحمامات سباحة وسونا بالاضافة لوضع حجر الاساس لانشاء اول مركز دولي متخصص للاستشفاء البيئي بالواحات البحرية للاستفادة من وجود‏400‏ عين للمياه المعدنية والكبريتية الدافئة و الباردة والتي أثبتت البحوث العلمية التي أجرتها الجامعات المصرية والمراكز القومية للبحوث والمراكز العلمية الأجنبية أهميتها في علاج امراض الروماتيزم والروماتويد والأمراض الجلدية مما يرشحها لكي تصبح من أهم المنتجعات العلاجية في العالم لتميزها بطبيعة نادرة في الجو والمناخ الجاف المعتدل و الشمس الدائمة طوال العام مما يساعد علي استمرار نشاطها في السياحة العلاجية طوال العام‏,‏ وتكتسب الواحات البحرية شهرة واسعة بين سياح وسط وغرب وشمال أوروبا الراغبين في الاستشفاء ويعرفون قيمة مناطق عيون بئر حلفا والتي تتميز بدفئها الشديد فلا تزيد درجة الحرارة علي‏45‏ درجة مئوية‏,‏ وعيون آبار منطقة القصعة التي تنتشر بها المياه الساخنه والتي تتراوح درجة حرارتها مابين‏30‏ درجة و‏40‏ درجة مئوية والموجودة بين جبلي الدست و المغرفة‏,‏ ومناطق الابار الرومانية التاريخية والتي تعبر فيها المياه لمسافات طويلة بين المجاري الصخرية وبئر البشمو الشهيرة التي يوجد لها مصدران للمياه أحدهما بارد والاخر ساخن ويلتقيان معا في النهاية في مجري صخري عميق‏.‏
سياحة السفاري
وأضاف أنه تم لأول مرة تجميل وتطوير المناطق السياحية والأثرية بالواحات وكذلك المناطق القريبة من قري الحارة والقبالة والعجوز والزيا والمندشية والتي تتميز بوجود تلال صخرية رملية في أماكن متفرقة بينها تصلح لسياحة السفاري تضاف إليها أماكن الوديان الواقعة بين المناطق الجبلية والتي تنتشر بها أشجار النخيل والزيتون وأشجار الموالح والفاكهة والتي أقيم بها بعض المخيمات الجديدة للسياحة والتي يمكن أن تسهم في تشجيع الشباب علي زيارة المناطق الاثرية المهمة بالواحات‏,‏ خاصة المناطق الأثرية المتنوعة التي لايعرفون عنها شيئا والتي تعود لعصر الأسرتين الـ‏18‏ و‏19‏الفرعونيتين وكذلك عصر الأسرة الــ‏26‏ الفرعونية التي حكمت الواحات البحرية‏.‏
آثار نادرة
وستظل للواحات سحر وجمال شديد الثراء والحيوية في التقرير الأثري الرائع الذي أعده الدكتور زاهي حواس الأمين العام للمجلس الأعلي للآثار ورئيس منطقة آثار الجيزة فيري أن آثار الواحات البحرية لم تأخذ حقها من الشهرة العالمية حتي الآن برغم روعتها وتنوعها بين آثار رومانية وقبطية متميزة بجانب الآثار الفرعونية البديعة ومازالت الواحات تبوح بأسرارها الأثرية المدفونة وسط رمالها ومن وقت لآخر تظهر فيها اكتشافات أثرية جديدة تكشف عن الكثير من تاريخها وأهميتها ومازالت البعثة المصرية تجري حفائرها بها‏,‏ للكشف عن بقية أفراد عائلة حاكم الواحات البحرية وباقي شجرة العائلة التي حكمت الواحات‏.‏ وأضاف أن أهم المناطق بها هو وادي المومياوات الذهبية الرائع والذي تم اكتشاف‏11‏ مومياء به بحالة جيدة لحكام المنطقة والكهنة‏,‏ وكذلك معبد الاسكندر الأكبر وهو المعبد الوحيد المشيد في الصحراء الغربية والذي بناه في طريقه في أثناء مروره بالواحات البحرية إلي واحة سيوة وحوائط المعسكر الروماني الحربي الذي اقامة الرومان للدفاع عن وادي النيل ومنطقة عين المفتلا وبها معبد الاله أموزيس رمسيس الثاني الذي يرجع للأسرة‏26,‏ ومنطقة حلوة‏,‏ التي يوجد بها المقبرة الأثرية لامنحوتب أول حاكم للواحات‏,‏ ومنطقة القصر الاثرية التي عثر فيها علي‏36‏ مومياء في حالة جيدة‏,‏ بجانب معبد ضخم شيد بالحجر الرملي ومنطقة يوسف ومنطقة الشيخ سوبي ويوجد بها‏9‏ مقابرفرعونية بديعة بألوانها الزاهية‏,‏ ومنطقة الفروج التي يوجد بها أكبر مقبرة لدفن الطائر أبيس والتي ترجع للعصر البطلمي‏.‏ وقال إن جمال واختلاف المومياوات المكتشفة بالواحات له أهمية وميزة كبيرة فقد تم العثور علي مومياء لطفل مات في أثناء البكاء وأخري لشابة ماتت في كامل زينتها وكذلك تابوت لزوجة حاكم الواحات في الأسرة الــ‏29‏ خوسو عنخ وتابوت الحاكم جونسو وتابوت للكاهن آمون‏,‏ كما عثر علي تمائم ذهبية من العقيق الأحمر‏,‏ كما تحوي إحدي المقابر الاثرية القديمة بالواحات وهي مقبرة بنايوتي علي رسوم رائعة وبديعة توضح بصورة رقيقة رحلة الحساب والشمس والقمر وطريقة الرسوم والنقوش والخطوط الفرعونية بالمقابر والمعابد القديمة‏,‏ وقد تم انشاء متحف بمنطقة الواحات علي مساحة‏500‏ متر وبتكاليف تزيد علي نصف مليون جنيه يضم بعض الآثار الفرعونية والرومانية النادرة (الأهرام المصرية)