&
الجزائرـ جلال موسى:أفاد مصدر مقرب من الرئاسة الجزائرية أن العلاقات التي تربطها باسبانيا لن ولم تتأثر بما تركته الأحداث الأخيرة من تداعيات على منطقة البحر الأبيض المتوسط بسبب ما أصبح يعرف بأزمة جزيرة ليلى بين مدريد والرباط.
وقال بيان أصدرته الرئاسة أمس "إن الجزائر تربطها علاقات ممتازة مع إسبانيا وهي تعرب عن ارتياحها للمقاربة السلمية التي اعتمدت لتسوية المشكل الذي طرأ مؤخرا مع البلد الشقيق والجار المملكة المغربية".
وكانت الجزائر وعلى لسان وزيرها للشؤون المغاربية والإفريقية عبدالقادر مساهل، قد أيد الموقف الاسباني المطالب بانسحاب الرباط من جزيرة ليلى، واعتبرت ذلك خرقا للقوانين الدولية وسابقة أخرى تضاف إلى سياسة المغرب لفرض الأمر الواقع على دول المنطقة بعد سابقة احتلالها الصحراء الغربية في 1975 في أعقاب انسحاب القوات الإسبانية منها.
ويرى دبلوماسي جزائري سابق، إنه كان من الأفضل اللجوء إلى القنوات الدبلوماسية المعروفة لحل مثل هذه الأزمات العابرة، مشيرا إلى أن الرباط أخطأت بمحاولة استخدام سياسة الأمر الواقع.
ويقول عبدالعزيز رحابي، سفير الجزائر السابق لدى اسبانيا في تصريح خاص بـ"الوطن"، إنه لم يعد هناك أي نزاع حول السيادة على الجزيرة التي تبعد عن يابسة المغرب بمائتي متر فقط، بعد أن اتفق الجانبان على العودة إلى الوضع الذي كان قائما قبل قيام المغرب بإرسال جنوده الى الجزيرة.
ويضيف رحابي وساطة الولايات المتحدة الأمريكية بواسطة كولن باول يؤكد عدم استعداد واشنطن على التخلي عن حليفتها اسبانيا العضو في منظمة الحلف الأطلسي من أجل المغرب، وهو ما بدا واضحا عقب اجتياح القوات الإسبانية للجزيرة وطرد الجنود المغاربة من الجزيرة. ونفس الشيء بالنسبة للموقف الأوروبي عموما والفرنسي بوجه التحديد، الذي ظهر مؤيدا لإسبانيا.
ويصف السفير رحابي الموقف الجزائري بـ"السليم والواقعي" وهو ليس مؤيدا كما فهم لاسبانيا على حساب المغرب، لعدة أسباب أهمها هو وضع الجزيرة القانوني لم يكن سببا مثيرا للخلاف بين البلدين ما دام أن مدريد والرباط لم تكونا متفقتين على مآل السيادة عليها.
ولا يتوقع الدبلوماسي الجزائري حدوث تغيير في الوضع القانوني للجزيرة مستقبلا بسبب ما اعتبره "تسرعا" من جانب الحكومة المغربية التي كان الأجدر لها أن تدخل في مفاوضات دبلوماسية نظيرتها الإسبانية.
وتساءل المصدر عن الأسباب الحقيقية التي دفعت بالمغرب لـ"احتلال ليلى"، في الوقت الذي تربطه بإسبانيا علاقات متميزة، مشيرا في هذا الاتجاه إلى أن ما لا يقل عن 200 ألف مغربي يقيمون في إسبانيا و نحو 700 شركة إسبانية تعمل حاليا بالمغرب!
وفي رده على سؤال حول الدور الأمريكي في كل ما حدث، وبالتحديد هل يقف وراء تحريك المغرب آلته العسكرية، استبعد المصدر وجود أي تدخل أمريكي في كل ما حدث لأنه وفي حسابات الولايات المتحدة الأمريكية تبقى إسبانيا أهم من المغرب منذ أيام فرانكو ومرورا بالاشتراكيين، إضافة إلى العوامل الحضارية والعسكرية والدينية التي تربط بينهما، وقبل ذلك وبعده هو تواجد القيادة الجنوبية لمنظمة الحلف الأطلسي بها.
وعن الدوافع الحقيقية للموقف الجزائري من الأحداث، إلى درجة أنه فاجأ العديد من المراقبين وبخاصة المغاربة، رد المصدر قائلا: "إن موقف الجزائر أراد أن يراعي منطق دولي يحفظ مصالحها الإقليمية وبخاصة بعد أن برزت النوايا التوسعية للمغرب مرة أخرى بعد محاولاتها السابقة في ضم موريتانيا وأراضي نهر السنغال وانتهاء بإصرار المغرب المطالبة بالسيادة على الصحراء الغربية، في إطار المغرب الكبير الذي ينادي به حزب الاستقلال المغربي منذ عهد علال الفاسي".