&
في قصةٍ لا تخلو من الطرافة والحكمة في آنٍ واحد يحكى أن هناك شخصاً يعالج الناس مستخدماً الذكاء والفراسة دون مرجع علمي او دقة في التشخيص! وحين شعر بدنو أجله رأى ان يورّث لابنه هذه المهنة! على الرغم من ان الابن لا تتوفر فيه صفتا الذكاء والفراسة كأبيه، بيد ان الأب ما انفك يصطحب ابنه معه عند زيارته المرضى بغرض العلاج، لعله يتعلم من والده مهنته التي تدر عليه الرزق!!
وفي يوم من الأيام اُستدعي الأب لمعالجة أحد المرضى الفقراء فرافقه ابنه، وعندما شاهد المريض شخّص مرضه بأنه قد اكثر من اكل الدجاج مما تسبب له بالشعور بالتعب والألم. وبالفعل كان الأمر كما ذكر! فوصف العلاج اللازم وتسلم المقابل!! وحين غادرا منزل المريض سأل الولد والده كيف تسنى له معرفة المرض؟ قال ببساطة إنه رأى كثرة الريش في المنزل فاستدل على نوع المرض وبالتالي تشخيصه، إضافة الى معرفته بأحوال الناس المعيشية..
سجّل الابن هذا الاستدلال المنطقي في ذاكرته ليستدعيه وقت الحاجة التي حلت قريبا حين غادر والده الدنيا فسلك طريقه في الطب!
وفي أحد الأيام أُرسل في طلب الطبيب "الابن" لمعالجة أحد المرضى، وحين دخل المنزل أجال ببصره ذات اليمين وذات الشمال فلم يجد ما يستدل به على المرض سوى "بردعة الحمار" الملقاة على الأرض دون الحمار بالطبع، فأطلق تشخيصه بكل ثقة بأن المريض قد تناول لحم حمار وهذا ما جعله يشكو من علته!! مما حدا بأهل المريض الى رمي الطبيب خارج البيت، ولم يعد بعدها لمهنة الطب إلا أنه عاد للبحث عن حذائه المفقود منذ "حادثة البردعة" ولو كان والده علّمه مهنة تناسب امكاناته لكان أجدى!!
أقول ذلك ونحن نعيش في خضمّ الأحداث السياسية المؤلمة ونترقب الاستعداد لضرب العراق من قبل القوات الامريكية تنفيذاً لأمر "بوش الابن" في هذا الشأن! ولعل الذاكرة تعود بنا لأكثر من عشر سنوات مضت حين تحرير الكويت عام 1991م لمقولة ترددت آنذاك وهي: "إذا صار صاحبك بوش، ارتاح ونم بالحوش"، مع عدم يقيني بصحة هذه المقولة لمنافاتها التوكل على الله الذي نرتكز عليه في عقيدتنا الاسلامية حيث لابد من الاتكال عليه في كل الأحوال وعدم التعويل على البشر أياً كانت قوتهم إلا ان ثقة الناس بالقوات الامريكية سابقاً جعلتهم يطلقون هذه المداعبات المسجوعة بل ان تلك الثقة حدت بالبعض الى تسمية أولادهم "بوش الأب" طبعاً حيث كان له دور سياسي وعسكري مطلوب في ذلك الوقت، بعكس الوقت الحالي الذي يُهدد فيه أهلنا في العراق بالحرب من قبل الرئيس الأمريكي "بوش الابن"..
ولعلنا حين نعود لحكايتنا الفلسفية الآنفة الذكر لنقارن بين الأب والابن منذ عام 1991م وحتى عام 2002م هذا البون الشاسع في التفكير بين الرجلين فالأول جاء بناءً على طلب العون والاستدعاء لرد الظلم، بينما الثاني سيأتي بناءً على طلبه الشخصي وارضاء لغروره الذاتي بحججٍ واهية تارة بحجة حيازة العراق أسلحة نووية والأخرى بدعوى تغيير القيادة لخطورتها على المنطقة.
* ، فلِمَ يكون "بوش" وكيلاً على دول العالم التي تأمل ان تعيش بأمن وسلام بلا تهديد أمريكي؟
* اللهم احفظ علينا ديننا وآمنّا في أوطاننا واكفنا شرّ من يتربص بنا الشرور!!