عبد الرحمن الماجدي
&
كلمة " مهرجان" تعني قاموسيا الاحتفال العظيم. وهي كانت تشير - اصلا ً- لعيد الفرس بنفس الاسم " المهرجان". وقد اخذ العرب منها كلمة مهرِّج التي تشير لضحاك الملك او الناس بارتدائه ملابس مضحكة وقيامه بحركات هزلية.
لكن جريا على العادة العربية الغريبة " خطأ شائع خير من صحيح ضائع" ضاعت& او تلاشت كلمة " إحتفال" التي تعني اجتماع الناس واحتشادهم. وهي قريبة - وربما قال البعض بان بعض اللغات الاخرى ومنها الاوربية قد اخذتها من العربية- من كلمة festival التي كثيرا ما نراها، عربيا، كترجمة لكلمة مهرجان الشائعة، والتي ربما نفسر اصرار العرب على تسمية كل حفل لهم& صغيره وكبيره بالمهرجان لأقتران الامر بالتهريج ففضلوها - لاشعوريا- على اي تسمية اخرى لصدق الدلالة.
القيمون على هذه المهرجانات ( اسميها هكذا لانها اللائقة ولأنهم يفضلونها) وقد امتهنوا هذه الحرفة سيصدق عليهم الاشتقاق العربي من نفس الكلمة " مهرِّج" وهم أوفياء لتطابق أفعالهم وهذا التشبيه الى حد بعيد.
ثمة نماذج كثيرة من هذه "المهرجانات"(لانعني هنا بعض الاحتفالات التي لها مرجعيات تنشد الجدية وخدمة الثقافة والقيميون عليها يبتعدون عن الشخصي والتسويق) انما تلك التي كنا ولما نزل& نشهدها في بعض الاقطار العربية منها الثقافي والاجتماعي والفني الخ... مباركة ومرضيّ عنها من السلطات لتـأدية غاياتها المطلوبة وسواها التي تنشط خارج الاقطار العربية إضطر بعضهم للهجرة لظهور منافسين جدد الى الغرب بوصفه ساحات قادمة لألاعيبهم فصرنا نشهد هنا- في اوربا تحديدا- مهرجانات بشتى المسميات لغايات لم تعد معرفتها حصرا على نفوس (اليعاقبة) التي منها: الترويج لمهرجين صغار سيفاجأ بهم من يُدعى لإحياء المهرجان ساعة تقديم وصلته. وحين يعترض مَن يجد أن البون شاسع بينه وبين من يجلس بجنبه او يسبق او يعقب اسمُه إسمَه سيقال له لقد نشرنا اعلانا بذلك في أكثر من موقع ثقافي على الانترنيت او في مجلة كذا وكذا التي - في الحقيقة- هي مواقع تدار من قبل المهرج الداعي او يدبج لها الاعلان ليتم نشره بسذاجة معهودة في بعض المواقع او النشرات؛ فيتم تسويق جهالات لا علاقة لها بالثقافة في " مهرجانات" شعرية او سينمائية او مسرحية الخ... وكثيرا ما يكون المسوِّق قد شغل منصب "صامولة" ثقافية في سلطة فاشية والمسوَّق "بـُرغيا" في ذات السلطة ليشكلان سلطة " ثقافية" جديدة في المنفى تحاصر المبدع& إن لم يوافق على تسويقاتها بالتطبيل لها او بالسكوت.&وستجنى ارباح مادية من البلديات وصناديق الدعم المحلية او تلك التي تم تشكيلها حديثا في الاتحاد الاوربي بعد ان يقدم مسوِّق الجهالات ( التعبير مستعار من الشاعر سليم بركات) ورقة عمل مدروسة بعناية فائقة تتضمن الغايات الوهمية والنشاطات التي ستجلب الدعم السنوي مالا ً ومكانا ً وبرستيجا ً اجتماعيا ً فتقام المهرجانات او بالاحرى المهيرجانات ، ان صح التعبير، لأنها تستمر لساعات محدودة يتم خلالها إسكان المدعوّين (المخدوعين منهم والمهرولين) في بيت المهرج او بيوت مقربيه بطريقة " الاخوانيات" وسيتحمل المدعو تكاليف رحلته لأن الداعي قد مهـّد للامر ببكائيات يتقنها بوصفه جنديا مجهولا للثقافة العربية في المنفى. وهو عادة مايكون عاطلا عن العمل يقبض على المساعدة الاجتماعية الشهرية من المجلس البلدي بالاضافة- طبعا- لمساعدات الدعم المالي (بامكان شخص او اكثر انشاء جمعية او مؤسسة تحت اي مسمى ليطلب الدعم لها في اوربا) الذي يدخره لشراء بيوت في الشرق الاوسط. وهكذا يسدل الستار- على مهرجان مضى ويتم التحضير لمهرجان قادم-& ويصفق الحاضرون لتسويق جهالات الوطن - جهالات المنفى.