&
إذا كنا نجد بعض العذر "للمثقفين العرب" حين يتخذون موقفاً معارضاً للتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية لكون أغلبهم يعانون "احتباس" الأفكار وضيق مساحة التعبير في دولهم، فإننا لا نجد أي عذر على الاطلاق لمثقف كويتي ـ إسلاميا كان أم يساريا ـ في ان ينبذ التعاون مع الولايات المتحدة، فنحن في الكويت كأفراد وبغض النظر عن الانتماء السياسي ندرك تماماً من هو صدام حسين وماذا فعل بنا وماذا فعل بشعبه.. نحن نعلم أن صدام لن يتوانى في استخدام أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها ضدنا، ونحن نعلم انه استخدم السلاح الكيماوي ضد الشعب العراقي وضد إيران أيضاً.
وإذا كانت فلول التيار اليساري لاتزال أسيرة الماضي ولايزال بعضها يحلم "بعودة مظفرة للاتحاد السوفياتي"، فإننا نستغرب انجراف التيار الإسلامي في الكويت تحديداً في موجة العداء للولايات المتحدة.. فهذا التيار "ينعم" بالحرية في العمل السياسي وهو يشكل أكبر قطاع شعبي مسيس في البلاد، وكان للتيار الإسلامي دور في إدارة جانب من الشأن المعيشي في فترة الاحتلال العراقي للبلاد، وتعرض بعض أفراده للتنكيل على يد جهاز الاستخبارات العراقية.. ويدرك أنصار التيار الإسلامي في الكويت ان صدام حسين مستعد لرعاية المصالح الأمريكية في المنطقة بما فيها التحكم في سعر النفط بما يرضي الولايات المتحدة الأمريكية، فهل بعد هذا هم يؤمنون ان صدام حسين يستحق التضامن؟
هل يعتقدون حقاً ان مجرمين مثل صدام حسين واسامة بن لادن يخدمان الإسلام والمسلمين؟!
إننا على الرغم من الاختلاف الجوهري مع وجهة نظر التيار الإسلامي في التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية، إلا اننا لا نرى أي مصلحة فيما يجري هنا في الكويت من محاولات لتحجيم النشاط السياسي للتيار الإسلامي، فلهذا التيار قاعدة شعبية عريضة ومن حقهم ان ينعموا بأجواء الحرية السياسية وان يتمكنوا من التعبير عن آرائهم ضمن الأطر الدستورية، كما اننا لا نقر حملة التحريض المستعرة ضدهم ولا نتفق مع جهود إبعادهم أو تغريبهم عن مجتمعهم. ان التيار الإسلامي في الكويت تيار شعبي لا نخبوي ونعتقد ان قاعدة هذا التيار لا ترى بأساً في التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية.
إن على التيار الإسلامي في الكويت ـ بكل توجهاته ـ ان يعيد النظر في اطروحاته وان يقترب من الواقع السياسي المحلي والاقليمي والدولي دونما انجراف نحو تبني "القوالب الفكرية" الجاهزة.. ان عليهم ادراك ان بعض مكونات طعم الحرية التي ينعم بها التيار الإسلامي.. هي مكونات أمريكية!