&
كتب محمد السلمان: فكك استجواب فردي قدمه النائب سيد حسين القلاف في حق وزير الشؤون الاجتماعية والعمل ووزير الكهرباء والماء طلال العيار أمس الكتل النيابية والتي يحظى الوزير بقبول واسع لدى اعضائها واربك الحسابات الشعبية بسحبه البساط عن تعديل قانون التأمينات الاجتماعية وقانون دعم العمالة الوطنية "علاوة الأولاد".
وبدا واضحا ان اعضاء التكتل الشعبي الذين كان ينتمي القلاف لتيارهم والذي تعرضت علاقته بهم الى جفاء وقطيعة على اثر موقفه من استجواب وزير المالية ووزير التخطيط والتنمية الادارية د.يوسف الابراهيم انهم فوجئوا بالاستجواب، حيث اتضح ان القلاف اتخذ قراره بتوجيه الاستجواب منفردا دون مشاورة اعضاء التكتل الشعبي أو غيرهم من الكتل الاخرى أو النواب المستقلين.
ولم يكتف القلاف بعدم اطلاع زملائه على ما ينوي القيام به فقط بل ضمن الاستجواب اشارات فهم منها استرضاء الوزير لنواب في التكتل الشعبي مدللا على مواقف معينة ومحددة ما تسبب في حالة امتعاض لدى اعضاء التكتل، يأتي هذا فيما التزم اعضاء الكتلة الاسلامية الصمت وفضلوا التريث في التعليق على الاستجواب.
وسيطر التساؤل: "هل هو استجواب للعيار.. أم استجواب للنواب"؟... أمس على اجواء مجلس الأمة عند قراءتهم للاستجواب الذي استهل به القلاف العشر الاواخر من رمضان ليقدمه الى الوزير المنتخب طلال العيار.
فبعد قراءة متأنية للاستجواب يتبين مقدار الانتقادات التي وجهها القلاف الى النواب في استجوابه والتي ربما هي انتقادات اشد قسوة من انتقاداته للوزير العيار.
في استعراضه للفئات التي خصها الوزير العيار بالتمييز مثل المفاتيح الانتخابية والناخبين، ركز القلاف على "مجموعة ممن حباهم الوزير من النواب واشترى سكوتهم ورضاهم"..
وقال في موقع اخر من الاستجواب مهاجما النواب ان القانون لم يعد له محل من الاعراب في زمن "ضعفت فيه الذمم وضاعت فيه الضمائر ولم يبق للناس امل الا بمن بقى من اصحاب الذمة والضمير من اعضاء مجلس الامة".
وعاد القلاف الى انتقاد النواب عندما قال ان الوزير مارس المخالفات والتجاوزات تحت مظلة ارضاء "البعض من نواب الامة" وبتأييد حكومي واسع.
ثم جاء ليقول مجددا ان احدا في تاريخ الحكومات الكويتية المتعاقبة لم يمارس ما مارسه الوزير من مخالفات "في العلن" وكأنه يقول "انا الابن المدلل للحكومة .. والصديق الحميم للنواب".
وراجت يوم أمس حالة من التذمر لدى بعض النواب الذين فسروا اختيار القلاف لهذا الوقت بالذات لتقديم استجوابه بانه يقصد به "ضرب" جلسة 30/12/2002 والتي قرر المجلس تخصيصها لانجاز قانون التأمينات الاجتماعية. ويرى بعض النواب ان هناك احتمالا لتنسيق مستتر بين القلاف والحكومة. ويرون ان الاستجواب سيدرج على جدول جلسة المجلس لأيام الاثنين والثلاثاء والاربعاء 16، 17، 18 ديسمبر ما يعني ان الوزير يملك حق تأجيل مناقشته لمدة أسبوعين ويصادف ذلك جلسة 30/12 المخصصة للتأمينات وهو ما يعني ضياع الجلسة "وضرب" انجاز القانون.
واستحضر النواب في ذلك موقف القلاف من استجواب وزير المالية وغيابه عن جلسة التصويت على قانون التأمينات.
وهذا هو رابع استجواب يقدمه النائب القلاف منفردا ما يعني انه وبحسبة دقيقة يتضح انه يقدم استجوابا في كل دور انعقاد لمجلس الأمة، حيث قدم استجوابا لوزير الداخلية ولم يناقش لانسحابه من الجلسة احتجاجا على تحويلها الى سرية برئاسة النائب ورئيس المجلس السابق أحمد السعدون، وقدم استجوابا لوزير العدل والأوقاف والشؤون الاسلامية السابق د.سعد الهاشل الذي حال دون البت فيه استقالة الحكومة وحل المجلس، وقدم القلاف استجوابا آخر لوزير العدل والأوقاف والشؤون الاسلامية الحالي احمد باقر واعتبر غير دستوري بقرار من اللجنة التشريعية والقانونية البرلمانية، وهذا الاستجواب الذي قدمه امس لوزير الشؤون الاجتماعية والعمل هو الاستجواب الرابع.
وقد خلا الاستجواب الذي سلمه مدير مكتب النائب القلاف لرئيس مجلس الأمة صباح امس من محاور أساسية واضحة كما جرت العادة في تبويب الاستجوابات حيث انصب تكييف نص الاستجواب ومادته على التوظيف والترقيات والندب والنقل، وأشار الى ان الوزير لم يدع في قراراته مكانا للعدالة ولم يراع مبدأ المساواة من خلال قراراته الادارية امام القانون في الحقوق والواجبات العامة.
وقال القلاف في استجوابه ان المبادىء اعدمت على مقصلة الفئوية والقيد الانتخابي حيث ان كل من ينتمي الى حاشية الوزير او في دائرته الانتخابية مصان محفوظ وله من الحقوق ما ليس لغيره، مشير الى ان ذلك سوف يتضح من خلال استعراض التجاوزات الصارخة التي قام بها الوزير من اجل هذه الفئة المميزة الخاصة والتي يمكن تعريفها بثلاث فئات الأولى المفاتيح الانتخابية والثانية مجموعة من الناخبين في الدائرة، والثالثة مجموعة من حباهم الوزير من النواب واشترى سكوتهم ورضاهم اما لقربهم منه او خوف سطوتهم، وكانت الضريبة ان هذه المحاباة تجاوزت وطالت الاخرين.
وذكر القلاف ان الوزير قام بندب (70) موظفا والكثير منهم من غير أصحاب الشهادات العالية ومن غير أصحاب الكفاءة ولا الخبرة للعمل في مكتبه وكل ما يمتلك هؤلاء هو قيدهم الانتخابي.
ونوه بان الوزير العيار اعطى مناصب اشرافية لمن قامت الوزارة في عهد الوزراء السابقين بتحويلهم الى النيابة العامة، مشيرا الى ان الوزير رقى احدى الموظفات المنسوبات عائليا لاحد النواب وعندما اتضح ان الموظف الأجدر بالمنصب ايضا قريب لأحد النواب جاء الحل التوفيقي بترقية الموظف الى مساعد مدير تنفيذي ايضا.
وذكر ان الوزير ضرب الرقم الخيالي في التعدي على اللوائح والقوانين حيث قام بترقية (55) موظفا خلال شهر اغسطس في يوم واحد دون ان تستند هذه الترقيات الى ترشيحات من الوكيل او الوكيل المساعد.، واستشهد القلاف بأسماء معينة جرى ترقيتها او نقلها.
وتحدث القلاف عن عدم اتخاذ اجراءات تجاه تجاوزات مالية وادارية ارتكبها اعضاء في جمعيتي صباح الناصر والصليبيخات التعاونية، وذلك بسبب تدخل بعض اعضاء مجلس الامة لدى الوزير للملمة الموضوع والاكتفاء بالتوبيخ.
وبين ان الوزير استثنى البعض من بعثات الاجازة الدراسية بالوزارة وان غالبية المستثنين هم من سكان المنطقة الانتخابية للوزير.
ونوه بأن بعض نواب الامة اعلن الوقوف والتأييد للوزير وتوسط لايقاف الاستجواب من قبل ان يقرأ او يعرف محتواه ولا غرابة في ذلك فقد عرف عن الوزير السخاء والنخوة وخاصة لبعض النواب.
وتحدث القلاف عن اغلاق ملفات في الشؤون وان هناك ملفات فتحت رغم الاغلاق النهائي وتحويل العمالة الواردة في العقود الحكومية التي تتجاوز المئات لاستنفاع اخرين منتقدا الوضع في ادارة تفتيش العمل بقيادة الوكيل المساعد.
ووجه القلاف في نهاية استجوابه مجموعة من الاسئلة قسمها الى اربعة اقسام القسم الاول حول تصاريح العمل للعمالة الايرانية والسورية والباكستانية واللبنانية والبنغالية ويقع في ستة اسئلة، والقسم الثاني حول مناقصة اجهزة حاسب آلي لوزارة الشؤون ويقع في ستة اسئلة ايضا، والقسم الثالث حول هيكلة الوزارة ويقع في خمسة اسئلة، واخيرا القسم الرابع ويتعلق بالتبرعات الخيرية لدور الرعاية الاجتماعية وقيمة المبالغ التي تبرع بها الخيرون والمستندات.
وفي وقت غاب فيه القلاف عن اروقة مجلس الامة وتردد انه غادر البلاد كعادته لقضاء العشر الاواخر في ايران توجه الوزير العيار ووفقا لبرنامج معد سلفا الى مكة المكرمة لقضاء مناسك العمرة حيث ابلغ في المطار بتقديم القلاف استجوابا في حقه لكنه لم يقطع رحلته وقرر المضي فيها.
ومن جانبه اعلن رئيس مجلس الامة جاسم الخرافي ان النائب حسين القلاف سلم رسميا امس استجوابه لوزير الشؤون الاجتماعية والعمل طلال العيار وانه سيدرج على جدول اعمال الجلسة المقبلة المقرر عقدها في 16 ديسمبر المقبل، مشيرا الى انه ابلغ سمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبدالله ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون مجلس الامة محمد ضيف الله شرار وكذلك تم ابلاغ الوزير المختص بالاستجواب.
واعتبر الخرافي في تصريح للصحافيين ان الاستجواب حق دستوري لكل نائب وقال ان الاستجواب حق للنائب ولا يمكن لاحد ان يقول الا انه حق دستوري للنائب معربا عن امله ان يأخذ الاستجواب مجراه بكل هدوء ومن غير ردود فعل سلبية.
وردا على سؤال عن تأزم الحكومة في حال تقديم استجواب من احد النواب لاحد الوزراء وهل يأتي هذا الاستجواب في وقت مناسب قال الخرافي "كرئيس لمجلس الامة لا استطيع ان اجيب او اعلق على الاستجواب الا انه حق دستوري لكل نائب وانا لست مع من يؤزم او يرفع درجة الخلاف او يعطي الشيء اكبر من حجمه والاستجواب سيأخذ مجراه وسيقوم الوزير المختص بالاجابة على محاور الاستجواب" معربا عن امله ان ينتهي الاستجواب دون ان يتطور الى طرح الثقة بالوزير.
وسئل عن الدعوة التي دعا اليها عقب الاستجواب الاخير الذي قدم لوزير المالية بأن يكون الاستجواب مختصرا حتى يستوعب النواب بنوده وهل هناك اجراءات معينة ستتخذ في هذا الاستجواب؟ فرد الخرافي "الاستجواب قدم رسميا والقرار النهائي سيكون لمجلس الامة والوقت المخصص لمناقشة الاستجواب معروف وهو ربع ساعة واذا طلب التمديد فإن المجلس هو الذي يقرر ذلك وليس الرئيس".
وعن مصير جلسة التأمينات المقررة في 30 ديسمبر المقبل في حال طلب الوزير تأجيل المناقشة لمدة اسبوعين قال الخرافي "الاولوية دائما للاستجواب" مؤكدا ان مدة الاسبوعين تحسب من تاريخ طلب الوزير وقال "هناك سوابق عدة في هذا الاتجاه".