د. سليم نجيب
&
استمر بعض الصحفيين في مصر والعالم العربي في شن حملة عاتية للمخالفين في الرأي بعيدا كل البعد عن احترام آداب الحوار. من أبرز مشاكل العالم العربي هو البعد عن الموضوعية عند مناقشة قضية أو رأي. آفة الحوار القومي الوقوع في الشتائم للمخالفين في الرأي.
&
لقد جربنا هذا الأسلوب اللعين في حقبة زمنية من حياتنا وكان الحصاد مرا هزائم ونكسات. ويبدو أننا لم نع الدرس جيدا ولم نتعظ أو نتعلم منه. فما زلنا نكرر الشعارات البراقة التي قادتنا في الماضي إلى الهزائم والنكسات.
ان من يحاول أن يناقش قضايا وطنه بموضوعيه يصبح سفيها مصابا بشيزوفرينيا الغباء والإسقاط النفسي.. الخ، كما قال المدعو إبراهيم الدسوقي الذي يزعم أنه ليس صحفيا من صحفي الحكومة. إن هذا الأسلوب المقزز لبعض الصحفيين الذين يستعملون الشتم والإهانة والاتهام بالخيانة والعمالة.. الذي يقع تحت طائلة قانون العقوبات، هذا الأسلوب المتردي أدانه كبار كتاب ومفكرين أفاضل نذكر على سبيل المثال لا الحصر الكاتب والمفكر الكبير المرحوم لطفى الخولي الذي كتب في عموده اليومي "اجتهادات" المنشور بجريدة الأهرام بتاريخ 14/11/1998 معلقا على أسلوب هؤلاء الصحفيين فقال :" استعمال أسلوب الردح والشرشحة والشتائم المقززة يخلط الأوراق دائما في أية قضية بلا تدقيق أو مسئولية، تولد مثل هذه المعالجات الصحفية غير المسئولة الانطباع في العالم بأن مصر لم تخرج بعد من آثار التخلف إن لم تكن قد وقعت في براثن همجية وحشية جديدة تثبت صحة الاتهامات والانتقادات". كما كتب الأستاذ نبيل عبد الفتاح الباحث بمركز الدراسات الاستراتيجية والسياسية بالأهرام قوله: "إن استعمال عبارات ومفردات وردود أفعال تحمل مضمونا واحدا انفعاليا الهدف منه هو إقناع المواطن بالرأي الرسمي وإن الأمور كلها تمام، هذا الأسلوب مناهض للديموقراطية حيث أن استخدام الكليشيهات الرنانة في معالجة المشاكل جعلها تتحول إلى سموم هادئة أصبحت تمثل خطرا مدمرا على مصر وتعكس عجزا وجمودا في التفكير السياسي" (مجلة صباح الخير 5/11/1998).
إن الحوار نافذة من نور يضيئ الطريق ويهدي إلى الخير والوطن في حاجة إلى الرأي والرأي الآخر أكثر من حاجته إلى الشتامين أو ضاربي الدفوف ونافخي الأبواق فالمنافقون أشد خطرا على المجتمع من ألد الخصوم. ويحضرني قول حكيم لشاعر تشيكي.."أن الكاتب حين يلزم الصمت إزاء قضايا وطنه فإنه يمارس الكذب."&
الإنسان الطبيعي هو من يحافظ على حق الآخر في إبداء رأيه وفي نفس الوقت يحافظ على احترامه لنفسه دون أن يتاجر بالنقد أو يجعل النقد سبيله إلى الابتزاز والاسترزاق أو يغالي في التأييد أو يطعن في وطنية الآخرين أو يلطخ سمعتهم.
&
السادة الافاضل&
&
إن القلم أمانة ومسئولية أمام الخالق عز وجل وأمام مواطنيه وقرائه واحترام الآخرين دون فرض وصاية على عقولهم. متى يدخل حياتنا قاموس آداب الحوار.
أنني أكتب هذه الكلمات تنبيها لمسئولية الكلمة. إن السيد دسوقي أساء إلى إيلاف بتطاوله على الاستاذ مجدي خليل وهو مفكر ليبرالى مرموق ومدافع شرس عن الديموقراطية والحريات وحقوق الإنسان حيث تتسم كتاباته بالموضوعية والتحليل العميق وهو وجه مشرف لمصر وللناطقين بالعربية.
إن ما أزعجني أكثر هو أن تنشر إيلاف مثل هذه الشتائم، وهي صحيفة جديدة تكتسب كل يوم قراء جدد وإذا انزلقت إلى مستوى الشتائم فقدت مصداقيتها وموضوعيتها ونحن نأمل أن تصبح منبرا ليبراليا للنقد البناء وحوار الأفكار بعيدا عن الهبوط لمستوى كتابات السيد دسوقي وغيره حفاظا على سمعتها.
إن مجدي خليل يقدم بشكل علمي بحثي أرقام وحقائق لها مصداقيتها، ومن لديه حقائق مغايرة تعتمد على مصادر لها مصداقية فليقدمها، أما الهجوم عندما نفشل في الرد أو تقديم شعارات جوفاء وعنتريات هجائية - فهذا هو سبب انكسارات& العرب وهزائمهم وتخلفهم.
&
قاضي سابق ومحامي دولي وداعية حقوق الإنسان - مونتريال - كندا
دكتوراه في القانون والعلوم السياسية