يحي أبوزكريا
&
في السابق وعندما كان الغربيون يريدون معرفة أي تفاصيل تتعلّق بالعالم العربي والاسلامي أو المسلكية الاجتماعية للعرب والمسلمين كانوا يعودون الى المراجع الفكرية والثقافية التي وضعها المستشرقون الذين أحتكوا بالجغرافيا العربية والاسلامية وكتبوا انطباعاتهم عما شاهدوه في الشرق الذي مازال يظن البعض في الغرب أنّ علاء الدين وفانوسه السحري مازال يقيم فيه. ويعترف بعض الباحثين الغربيين الموضوعيين أنّ الكثير من هذه الدراسات لم تكن موضوعية باعتبار أنّ الكثير من هذه الدراسات ارتبط بالحركة الاستعمارية الغربية للعالم العربي والاسلامي. وبعد هؤلاء المستشرقين برز في الغرب مجموعة من الكتّاب الشرقيين الذين استغربوا بمعنى هاجروا الى الغرب أو الذين ولدوا في الغرب وباتوا يكتبون عن مواطن جذورهم ولكن بمناهج درسوها في المعاهد الغربية وربما بخلفيات ايديويلوجية سائدة في الواقع الغربي. ولم تؤد هذه الدراسات في تبيان الصورة بشكلها الصحيح عن العرب والمسلمين, وظلّ الغربيون العاديون يعرفون النزر اليسير عن العرب والمسلمين.
ومع تدفق العرب والمسلمين المهاجرين على الغرب واستيطانهم بشكل ملفت للنظر في المدن والعواصم الغربية, بات في وسع الغربيين أن يحتكوا بالحالة العربية والاسلامية بشكل مباشر وأن يطلعوا عن كثب على المسلكية الاجتماعية والخلقية والنفسية للعرب والمسلمين , وللأسف الشديد يمكن القول أنّ الغربي الذي كانت في ذهنه صورة سلبية عن العرب والمسلمين جرّاء قراءات معينّة , فانّ هذه الصورة ازدادت رسوخا وتأكدت بشكل كامل بل وأزدادت سوداوية, لأنّ العديد من العرب والمسلمين قدموا أداء سلبيا عن حضارتهم وثقافتهم وباتوا وبالا على حضارتهم.
ولا تخلو الصحف الغربية في الغرب أو في السويد على وجه التحديد من أخبار القتل والسرقة والاغتصاب والاتجّار بالمخدرات والتهرب من دفع الضرائب و التحايل على مؤسسات الدولة والتي أبطالها للأسف الشديد من العرب والمسلمين. ففي السويد على سبيل المثال يلجأ كبار التجار من العرب والمسلمين الى التحايل على الدولة السويدية و التهرب من دفع الضرائب وذلك باعلان افلاسهم بعد أن أقاموا تجارتهم بفضل قروض أستلموها من البنوك السويدية, وبعض أصحاب المحلات ورغم أنّ رزقهم ميسور ويربحون مبالغ طائلة لا ينالها السويدي نفسه , الاّ أنّهم يلجأون الى السرقة كما حصل مع صاحب محل للمواد الغذائية الشرقية والذي سرق عجلات من شركة فولفو المعروفة ليبيعها بأبخس الأثمان في محله الى أن تمّت مباغتته وهو يبيع هذه الدواليب المسروقة.
بل انّ معظم المحلات التي يملكها عرب ومسلمون لا تستنكف أن تبيع المجلات الخلاعية والأفلام الخلاعية والسجائر المهربة, و أمّا بيع المخدرات فقد تخصص العديد من العرب والمسلمين في هذه المهنة المشينة والمقيتة, وهذا لا يعني أنّه لا يوجد طبقة ملتزمة بأخلاقيات حضارتهم وتحاول تأكيد العكس عما يشاع عن العرب والمسلمين, لكنّ المشكلة تكمن في أنّ تكرر الأعمال الاجرامية والتي يضطلع بها عرب ومسلمون والتي يشاهدها المواطن السويدي أو الغربي مباشرة, جعلت من الصعب الاعتقاد أن العرب والمسلمين أصحاب حضارة راقية تنأى بنفسها عن أي عمل من شأنه الاضرار بالانسان مهما كانت عقيدته أو دينه أو شكله أو قوميته.
وقد أصبحت مهمة المخلصين لحضارتهم على غاية كبيرة من الخطورة ذلك أنّ عليهم أن يناضلوا على صعيد تغيير ما علق في أذهان الغربيين عن العرب والمسلمين جرّاء قراءتهم لكتب استهدفت الحضارة العربية والاسلامية, وعلى صعيد أخر على هؤلاء المستنيرين أن يناضلوا على صعيد التأكيد أنّ الاسلام شيء والمسلمون شيء أخر, وأن التصرفات السلبية للكثير من العرب والمسلمين لا تجسّد اطلاقا حقيقة الاسلام وحضارته السمحة.
لقد أستغلّ العديد من العرب والمسلمين جوّ الحرية الموجود في الغرب وحالة الرفاهية المطلقة وغياب ظاهرة المخابرات المكشوفة والعلنية ليستغلوا الوضع باتجاه سلبي متناسين أنّ الكل تحت الرصد, وعندها لا يصبح بكر أو خالد أو علي أو عمر هم المتهمون بل تصبح الحضارة العربية والاسلامية هي المتهمة وخصوصا في ظلّ خلفية غربية مفادها أنّ الاسلام مشكلة في حدّ ذاته!