كتب محمد السلمان وخلف الدواي وعباس دشتي وخالد السهلي: "تجددت الثقة البرلمانية بالعيار.. وخاب استجواب القلاف".. هكذا اجتازت السلطتان استجواب النائب حسين القلاف بسهولة حيث اكتفى مجلس الأمة في جلسته أمس التي شهدت مناقشة الاستجواب المقدم من القلاف لوزير الكهرباء والماء ووزير الشؤون الاجتماعية والعمل طلال العيار بالمناقشات التي استمرت لتسع ساعات واتسمت بالهدوء وخلت من عبارات التشنج اللهم إلا من عبارات لمز بها القلاف جميع الوزراء المنتخبين.
ولم يتخذ المجلس أمس أي إجراء في ختام المناقشة حيث لم يتقدم مجموعة من النواب بطلب لطرح الثقة يستلزم توقيع 10 نواب عليه، كما رفض المجلس اقتراحا قدمه خمسة نواب بتشكيل لجنة نيابية خماسية للتحقيق فيما ورد من ادعاءات بصحيفة الاستجواب حيث لم يوافق على الاقتراح سوى 23 عضوا من أصل 55، ورفض أيضا تعديلا لذات الاقتراح بإحالة الادعاءات لديوان المحاسبة وتكليفه التحقيق فيها وموافاة المجلس بتقرير خلال شهرين من تاريخه.
وقد استطاع الوزير العيار تفنيد ماجاء في الاستجواب لا سيما ما يتعلق بتعيينات وترقيات أشخاص اتهمه القلاف بمحاباتهم لأنهم من ناخبيه في منطقة الجهراء، حيث أكد العيار عدم صحة تلك الاتهامات بكشفه عن عناوين أغلب المعينين والتي اتضح أنها ليست في الجهراء موضحا أن من تم تعيينهم في عهده من أبناء الجهراء لايتجاوزون 10% إلى 12% من مجمل المعينين كما أنهم ليسوا جميعا ممن يدلون بأصواتهم في دائرته الانتخابية حيث قرأ عناوين بعض المعينين من بطاقاتهم المدنية.
وقال العيار إن القلاف أخطأ في عنوان رسالته، وأنه يربأ بزميل تجمعه وإياه أهداف واحدة أن يصدر حكما متسرعا.
وأشار العيار إلى انه يعمل في وضح النهار ولا يخالف قسمه ويملك الشجاعة للاعتراف بالخطأ إذا حصل وبشأن اتهام القلاف له بتعيين البعض في مناصب رغم إدانتهم بقضايا أمام القضاء والنيابة، عرض العيار على مجلس الأمة من خلال شاشة العرض بقاعة المجلس شهادات قضائية تثبت براءتهم ليجتاز بذلك أهم عقبة التي كان القلاف يستند عليها في استجوابه. وأبرز العيار موافقات الجهات المختصة في لجنة المناقصات وإدارة الفتوى والتشريع بشأن مناقصة أجهزة كمبيوتر وفند أيضا قول القلاف بأنه أعطى تواقيع لا مانع لانتقال عسكريين لوزارة الشؤون.
وقال العيار ان معظم من تمت ترقيتهم لم يثبتوا بعد حتى يثبتوا جدارتهم.
وحول إعادة موظفة مسؤولة إلى عملها بعد توسط أحد الأعضاء كما جاء في الاستجواب قال العيار ان مدير الموظفة نفسه طلب سحب مذكرته السابقة واعتبر ما حصل مجرد خلافات إدارية تم حلها فجرى ترشيح الموظفة لمنصبها.
وأكد العيار معالجة التجاوزات في جمعيتي صباح الناصر والصليبيخات والتعاونيتين.
وفي تصريح بعد الجلسة شكر العيار القلاف على اتاحته الفرصة له حتى يشرح كل التساؤلات، كما وجه شكره للشيخ صباح الأحمد ورئيس المجلس جاسم الخرافي والنواب لحياديتهم وتعاونهم، مؤكدا على ان جميع الملاحظات التي وردت في الاستجواب سيكون لها اعتبار واهتمام.
ومن جانبه أكد النائب القلاف انه يكن لزميله العيار كل احترام وتقدير ولكن العلاقة الشخصية في مكان والمسؤولية الشرعية والوطنية في مكان.
وقال القلاف انه ليس ضد أهل الجهراء وانه لا ينتقص منهم لانهم مواطنون يستحقون إذا أعطاهم الوزير الحق فهذا أداء للأمانة.
وذكر القلاف انه دفع الضريبة بوقوفه الى جانب وزير المالية في استجوابه.
وأشار الى ان الخلل في طلال العيار انه وزير منتخب جيء به الى الوزارة واعطي "الخيط والمخيط".
وقال القلاف ان هناك وزراء نوابا لديهم نفس السلوك مثل الميع وخورشيد وباقر ولكن ليس لديه معلومات "ولو كانت لدي معلومات على خورشيد لوضعته على المنصة رغم ما يقال انني لم استجوبه لانه شيعي".
وقد اعترض الوزير فهد الميع على كلام القلاف وقال ما معنى نحن فقط وماذا عن كل الوزراء الآخرين وقد رد عليه القلاف وقال لو كانت لدي معلومات عنك لوضعتك على المنصة رغم ان هناك "طراطيش" عليك.
وقد استعرض القلاف مجموعة من المسؤولين في قطاع محطات الكهرباء وحدد اسماء قال انها ظلمت وأخرى حصلت على ترقيات دون وجه حق وبشهادات اقل ومدة عمل أقل، وبالمقابل استخدم معه العيار اسلوب "الاسم بالاسم والبادي اظلم" عندما استعرض في ردوده على القلاف الاسماء أيضا.
وامتدح القلاف الاجواء وقال انه لا يجب ربط الاستجواب ببقاء صدام لانه "رايح" ولكننا في دولة ديموقراطية ونعتز ونفتخر باسرة آل الصباح ونمارس الاستجواب لنؤكد انه لا توجد أزمة رغم محاولة البعض الاصطياد في الماء العكر.
وتحدث القلاف عن فتح ملفات لاستقدام عمالة كانت اغلقت وفقا للمادة 71 من القانون.
وفي تصريح بعد الجلسة ابدى القلاف ارتياحه الشديد لما طرحه خلال الجلسة معتبرا ردود الوزير بعيدة كل البعد عن الواقع خاصة وانه يملك ادلة تدين الوزير.
واشار الى ان ما حصل غير صحيح ولكن يجب علينا ان نرضى بكل النتائج انطلاقا من الايمان بالديمرقراطية معلنا قبوله بالنتائج.
وخلال مناقشة النواب للاستجواب وجد اعضاء الكتلة الشعبية مخرجا لهم بتأييد الاستجواب واسقاطه على اعضاء كتلة الليبراليين ووزير المالية د. يوسف الابراهيم وتجار الاقامات.
وقد انتقد النائب احمد الربعي كل الاوضاع في البلاد وحذر من وصول البلد الى اللبننه.
وامتدح العقلانية والهدوء في مناقشة الاستجواب معتبرا استجواب الوزير الابراهيم "وحشيا".
وقد رد عليه النائب البراك الذي تحدث مؤيدا للاستجواب فقال انه اذا كانت استجواباتنا متوحشة فاننا نقدر الوداعة في مثل هذا النائب "الربعي" الذي القى كلمته ولملم اوراقه وخرج من القاعة.
ووجه تحذيرا لوزير المالية د. يوسف الابراهيم قائلا"نقول لوزير المالية استعد للجولة القادمة في قضيتين انت تعلمهما تماما وبين ضلوعك" لذلك عليك الاستعداد للمرحلة القادمة بعد تقاعسك عن تطبيق قانون دعم العمالة الوطنية.
ومن جانبه ابدى النائب احمد السعدون الذي تحدث مؤيدا للاستجواب كما اشارت "الوطن" أمس استغرابه لصدور قرار من الحكومة في عام 1971 لمنع الواسطة ومن "لحسه" وقال ان البلد ضجت بالاقامات والتجاوزات وتجار وتاجرات الاقامة داعيا وزير المالية الى تطبيق قانون دعم العمالة في مادته الـ 15 والخاصة بتحويل رواتب العمالة للبنوك والاستبقى البلاد رهينة لرؤوس عفنة.
وخلال المناقشة دخل النائب خلف دميثير والنائب القلاف في عدة مواقف وتبادل عبارات وقفشات الى ان قال القلاف لدميثير "بجاه محمد وآل محمد إن شاء الله تسقط بالانتخابات، وإذا كان قد جاك الخير راح يجيك غيره" وقد تدخل الرئيس عدة مرات لتهدئة القلاف ودميثير كسبا لوقت الجلسة كما قال ذلك عدة مرات.
وقد وصف دميثير استجواب القلاف في حديثه كمعارض للاستجواب بانه انتقائي للعيار دون غيره وان ذلك يثير عدم الحيادية من القلاف المشهور بمواقفه الوطنية واعلاء كلمة الحق، وقال ان كل اجتهادات القلاف عبارة عن مخالفات ادارية لا ترقى لشبهات.
وأشار الى انه لا يعتقد ان القلاف يبخل على اهل الجهراء برئاسة قسم مستغربا من استجواب وزير في قضية عامة في كل الوزارات وقال ان القلاف اراد ان يضع العيار ضحية بيت مجلس الأمة في استجواب "هش".
وقال من جانبه النائب عبدالله العرادة "معارض" ان الاستجواب فقد قيمته وأصبح اليوم مسرحية فكاهية وان المحكمة الادارية هي الاولى بما ورد فيه من قضايا.
وتساءل العرادة موجها كلامه للقلاف اين انت من تجاوزات وزير المالية لدى استجوابه؟
وتحدث النائب عبدالعزيز المطوع معارضا للاستجواب عن سبب الواسطات ويقول انه مجلس الأمة الذي يضغط نوابه بالاستجوابات على الوزراء ان لم يوافقوا على مطالبهم، وامتدح موقف العيار من زيادة المساعدات الاجتماعية.
وفور رفع الجلسة توجه الشيخ صباح الأحمد الى الوزير العيار الذي نزل من المنصة والتقى معه في منتصف الطريق ليقبله ويهنئه بمناسبة نجاحه في الاستجواب بينما تشتعل القاعة تصفيقا بالمناسبة ومعلنة اسدال الستار على أهدأ استجواب تشهده الساحة فيما خرجت جماهير خلف الوزير العيار هاتفة باسمه ونجاحه ومودعة له حتى مواقف السيارات خارج المجلس.
وفي تصريح له عقب الجلسة أعرب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ صباح الأحمد عن سعادته بنتائج جلسة الاستجواب مشيرا الى ان النائب القلاف اخذ حقه الدستوري في استخدامه أدواته الدستورية كما ان الوزير العيار ايضا اخذ الثقة من اخوانه في مجلس الأمة.
وأعرب من جانبه وزير الاعلام ووزير النفط بالوكالة الشيخ احمد الفهد عن سعادته بان ينتهي الاستجواب والذي هو حق للنواب لمزيد من الرقابة بهذه الروحية العالية.
وقال ان الاستجواب يمكن ان يكون سؤالا مغلظا هدفه معرفة المزيد من المعلومات وليس بالضرورة ان ينتهي بطرح الثقة معتبرا ما جرى ممارسته هو الاستجواب الحقيقي لما هو في الدستور وفي التجارب الديموقراطية متمنيا ان تكون التجربة بهذه النوعية من الممارسة الديموقراطية مشيرا الى انه ليس هناك مانع من ان يكون هناك استجواب في كل اسبوع لأنه لن يضر بالمسيرة الديموقراطية.
وهنأ الجميع على الروح التي سادت المناقشة متمنيا ان تكون ممارسة جديدة وجديرة بحياتنا الديموقراطية.