كتب نصـر المجـالي: كشفت اتصالات "إيلاف" في الساعات الاربع والعشرين الماضية في مختلف عواصم دول مجلس التعاون الخليجي ان القيادة القطرية تراجعت تحت ضغوط عن بيان كان معدا يدعو الى تأجيل القمة الثالثة والعشرين المزمع ان تبدأ غدا في الدوحة.
وكانت دولة قطر التي اثارها ضعف مستوى التمثيل في القمة التي تنعقد وسط ظروف وتطورات مهمة وعصيبة تنوي اصدار بيان رسمي عن قيادتها تحو فيه باللائمة على زعماء مجلس التعاون الخليجي لأفشال مهمات القمة مبرأة نفسها من أي اساءة وجهت في السابق ادت الى هذه النتيجة التي كادت تنهي مجلس التعاون عبر تصرفات اعلامية وسياسية فردية قررها افراد في اسرة الحكم القطرية.
والكلام هنا، حسب مراقبين، يشير الى الدور الذي يلعبه وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، الذي يرعى اعلاميا بث فضائية (الجزيرة) التي اساءت الى اعضاء مهمين في التكتل الخليجي كالمملكة العربية السعودية والكويت ومملكة البحرين.
وكانت النتيجة ان الدول الثلاث خفضت مستوى تمثيلها الى القمة بقرارات لا رجعة فيها "رغم ادراكها ان قمة خليجية من هذا النوع يجب ان تتوافر لها شروط النجاح في ظل ما تواجهه المنطقة من تداعيات وظروف خطيرة".
ولكن السلطان قابوس بن سعيد آل تيمور سلطان عمان الذي ظل للشهور الماضية يراقب عن كثب الحال الخليجي المتدهور بين دول المجلس الست، قرر في نهاية المطاف الذهاب الى الدوحة مستنفرا جميع امكانياته السياسية الهائلة للحؤول من دون الانفصام في الاسرة الخليجية مع ادراكه التام بأن الدولة المضيفة هي السبب.
وعلمت "إيلاف" ان السلطان قابوس الذي ظل دائما يشكل حال الاعتدال والتوازن في منطقة الخليج المتوترة عربيا ـ عربيا وعربيا ـ ايرانيا، قرر في ربع الساعة الأخيرة المشاركة في قمة الدوحة مبادرة منه في انقاذ ما يمكن انقاذه.
وقالت مصادر وثيقة الصلة في الشأن السلطاني العماني الآتي "جلالة السلطان لا تثيره الا القضايا الكبيرة وهو احس بأن الاسرة الخليجية وهي نواة المرتكز العربي ذاهبة الى ضياع وهو قرر الذهاب الى الدوحة رغم قرار سابق له بايفاد ابن عمه السيد فهد بن تيمور لتمثيله".
وتعتقد هذه المصادر ان السلطان العماني صاحب الثقافة الغربية وخريج كلية ساندهيرست الملكية البريطانية الراقية في العلوم الاستراتيجية صاحب نفس طويل وصبر كبير في مواجهة القضايا الجسام، وهو رأى ان الحال الراهن خليجيا لا يحتمل وقرر التحرك.
وقالت المصادر ان المشاركة السلطانية "يجب ان لا تؤخذ على انها انتصارا لموقف دون الآخر، بمعنى انه لا ينتصر الى القيادة القطرية بقدر ما هو ينتصر الى الوضع الخليجي برمته وبالتالي الى الوضع العربي الشامل الذي يواجه مأزقا خطيرا على خلفية الوضع العراقي".
وعلمت "إيلاف" ان السلطان العماني وهو معروف عنه "صوفيته السياسية والنأي بنفسه وبسلطنته عن المعارك الجانبية خصوصا على الساحة العربية، وجد نفسه هذه المرة مطلوبا من جميع الجهات لانقاذ الرمق الاخير لتحديد ادنى درجات الاتساق والتناسق والتفاهم بين مجلس التعاون الذي مر على على تأسيسة 21 عاما".
والمصادر التي كانت تتكلم الى "إيلاف" قالت "محتمل ان جلالة السلطان سيحمل الى قيادة قطر رسالة واضحة في معاني التعامل مع الجوار الصغير وكذلك الأبعد عربيا".
على هذا الصعيد، تلقى أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني رسالة خطية من العاهل السعودي الملك فهد بن عبد العزيز تتضمن قبول السعودية دعوة قطر للمشاركة في القمة الخليجية الثالثة والعشرين التي تعقد في الدوحة غدا السبت.
وذكرت وكالة الأنباء القطرية أن وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثانى تسلم الرسالة أثناء اجتماعه أمس الخميس مع وزير الدولة لشؤون الموانئ السعودي عبد العزيز المانع الذي وصل إلى الدوحة في وقت سابق مبعوثا من العاهل السعودي.
غير أن الوكالة لم تكشف عن مستوى التمثيل السعودي في القمة المرتقبة، في حين أكدت مصادر سعودية كما ذكرت "إيلاف" امس أن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل سيرأس وفد بلاده في القمة وليس ولي العهد الأمير عبد الله بن عبد العزيز الذي أعلن أنه سيغيب عنها.
وحسب دبلوماسيين في الخليج فإن عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة لن يشارك أيضا في قمة الدوحة حيث سيمثله نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة.
وسيمثل دولة الكويت نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الأحمد الصباح لعدم تمكن أمير الكويت وولي عهده من المشاركة لأسباب صحية.
أما دولة الإمارات العربية المتحدة فسيمثلها نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم.