سواء كان موقف القيادات الخليجية من اشقائهم في قطر الذي تمثل في خفض التمثيل لقمة الدوحة او كانت القرارات التي خرجت بها هذه القمة والمتعلقة بالعراق هما سبب الاحباط الذي شاع في كتابات العديد من المعلقين على هذه القمة، الا ان ذلك لا يعني السكوت عن الدعوات التي وجهت من قبل هذا البعض والتي وصلت الى حد المطالبة بالاستقالة او وضع نهاية لوجود المجلس جزاء لالتزامه الصمت تجاه ما سيحدث في العراق!
فمع احترامنا للموقف تجاه العراق والحريص على سلامته وسلامة شعبه واراضيه والذي نشاطرهم فيه دون مزايدة الا ان لهذا المجلس شعوبا واراضي وقيادات ليس بقاؤها رهنا بسلامة وامن الاخرين فحسب ولتذهب سلامته وامنه الى الجحيم، هذه رسالة يجب ان تكون واضحة جدا جدا دون تردد ودون مجاملة، فلن نقبل ان نكون اكثر مما كنا دوما عند هؤلاء لانزيد في نظرهم عن صلاحيتنا كقرابين تزهق دماؤها على مذبح العروبة.
فقد علا صراخ هؤلاء ولم يتمالكوا انفسهم اثناء وبعد انتهاء قمة الدوحة، بل وتجرأوا بالقول بان المجلس فقد اهميته ولم تعد له حاجة، وزايدوا اكثر فقالوا بان كرامة الامة قد اهدرها الخليجيون مقابل مبالغ مادية قبضوها ولهذا فمن الافضل ان يقدم هذا المجلس "استقالته للتاريخ" كل هذا لان المجلس لم يشارك في طقوس الزار الاحتفالية التي اعتاد العالم العربي تقديمها حين تتعرض احدى دوله لخطر خارجي"معظم هؤلاء رقصوا طربا حين غزا صدام الكويت"، ولو جارى المجلس التقليد العربي التاريخي ببيان حفل باغنية "نشجب ونندد ونستنكر" لكان أطرب آذانهم، ولا يهم بعد ذلك ما يجري على ارض الواقع، تماما كما يتعاملون مع بيانات قياداتهم، دون ان يدفعهم الذي يجري حقيقة بين قياداتهم والاخرين الى ادانته او حتى التنويه به.
هذا المجلس يا سادة نعلم انه ليس الاتحاد الاوروبي، كما انه لم يحقق بعد نتاجا "كاليورو" انما رغم كل ما قيل عن نتاجه وادائه من تحفظات بقي كيانا يضم ست دول عربية محافظا على تماسكها في حين تداعت كل التكتلات العربية الاخرى وانهارت وهذه ليست شماتة انما هي تقرير واقع، بل والاكثر من ذلك هذه الثمار الصغيرة الطرية التي بدأت تؤتي أكلها لأبناء هذا المجلس وهي معايير للنجاح لا تدخل ضمن قياساتكم الشعارية العنترية، مثل الاتحاد الجمركي، وشراء الادوية الموحد، وانتقال المواطنين بالبطاقة الشخصية، والتعاون الثنائي بين اعضائه الذي سهل الكثير من العقبات الاقتصادية والامنية، ونواة امنية "درع الجزيرة" قل ما تشاء عن ضعفها انما تماسكها الى اليوم يعني لنا الكثير في ظل اوضاع لم يعد حتى لامثال هذه النواة وجود او حتى الحلم بوجود مثلها في عالمنا العربي بين دولتين اثنتين فما بالك بست دول عربية اصيلة! نعم ان تلك مقاييس لاتلمسونها لان العقلية التي اعتاشت دهرا على الشعارات يصعب عليها اعتماد مقياس اخر، هذه الانجازات الصغيرة هي بالنسبة لنا جهد لعمل مضن استغرق منا اكثر من ربع قرن من الزمان، صحيح كنا فيها سلحفائيي الحركة انما على الاقل تذكروا من الذي وصل لخط النهاية!
أبعد هذا كله نستقيل نحن من التاريخ لاننا لم نتمكن من منع قوة عظمى من تحقيق اهدافها العسكرية ضد بلد كنا نحن فيما مضى هدفا لطموحاته؟ يا جماعة الباب مفتوح وهناك اكثر من دولة عربية لها حدود مشتركة مع العراق وهناك اتفاقية دفاع عربي مشترك، وهناك قيادات عربية زايدت فيما مضى بان طالبت مصر بفتح حدودها مع اسرائيل لارسال ابنائها للحرب، وقد كان رد الرئيس حسني مبارك فوريا لعدم الممانعة فلزم الاخرون الصمت!!
فلم علينا نحن فقط ان ندفع الثمن وحدنا، ونلام وحدنا، وتبقى صلاحية وجودنا رهنا بما نقدمه للآخرين؟!
هكذا يرانا جمع كبير من النخب المثقفة العربية، الحب الذي يكنونه لنا له مواسمه الثقافية فحسب، اما العتب فهو على بعض مثقفينا الخليجيين الذين يدفعون اي ثمن مقابل السماح لهم بعضوية البيت الثقافي العربي الكبير والفوز بصك العروبة وبراءة الذمة من سدنته!